تدين الجبهة المصرية استمرار الهجمات الأمنية والإعلامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأقارب الضحايا والمحامين المدافعين عن حقوق المختفين قسريًا فى مصر وحبسهم على ذمة قضايا تتعلق بأمن الدولة، وهو الأمر الذي تصاعدت وتيرته خلال شهرى فبراير ومارس بالقبض على المحامي عزت غنيم والسيدة منى محمود والدة زبيدة. وترى الجبهة المصرية بأن المضى فى إسكات الأصوات المطالبة بكشف مصير المختفين قسريًا لا يشكل فقط تهديدًا مباشرًا لأى نشاط جاد فى هذا الملف لكنه يعطى أيضًا دلالة سلبية حول نية السلطات فى استمرار هذه الممارسة والاكتفاء بقمع الساعين لإيقافها.
كانت نيابة أمن الدولة العليا قررت أمس الأول 11 أبريل 2018 تجديد حبس عزت غنيم المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات للمرة الثالثة على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا والمعروفة إعلاميًا بقضية ” التحرك الإعلامى” على خلفية اتهامه بترتيب لقاء والدة زبيدة ابراهيم المشكوك فى اختفائها قسريًا مع قناة BBC والذى اعتبرته الأجهزة الأمنية جزء من مخطط لتشويه صورة البلاد. تم القبض على غنيم يوم 1 مارس 2018 وإخفائه حتى يوم 4 مارس حيث تم التحقيق معه بدون محام أمام نيابة أمن الدولة، والتى وجهت له اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والدستور والعمل على تعطيل مؤسسات الدولة ومنعها من ممارسة عملها.
وعلى إثر حديثها فى حوار متلفز عن اختفاء ابنتها قسريًا منذ أبريل 2017 قامت قوات الأمن فى 28 فبراير 2018 بإلقاء القبض على السيدة مني محمود ابراهيم والدة زبيدة إبراهيم المشكوك فى اختفائها قسريًا، ليقوم النائب العام فى 2 مارس بحبسها 15 يومًا على ذمة القضية 477 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا واتهامها بنشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح الوطنية للبلاد والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون.
وكان قد شهد عام 2017 عمليات قبض طالت عدد من مؤسسي رابطة أسر المختفين قسريًا والتى تهدف لمساعدة ذوى الضحايا فى اتخاذ المسارات القانونية لمعرفة مصير المختفين؛ محليًا عبر تقديم بلاغات وشكاوى للنائب العام ورفع القضايا أمام مجلس الدولة ودوليًا باللجوء للأمم المتحدة. وقد تم إلقاء القبض على العضو المؤسس بالرابطة الطبيبة حنان بدر الدين عثمان والمختفى زوجها منذ أكثر من أربع سنوات فى 6 مايو 2017 أثناء زيارتها لأحد المحبوسين فى سجن القناطر، حيث تم احتجازها فى السجن فى هذا اليوم، ثم نقلت بعدها لقسم شرطة القناطر ومن ثم للنيابة، والتى أصدرت بدورها قرارها فى 8 مايو 2017 بحبس بدر الدين 15 يومًا على ذمة القضية رقم 5163 لسنة 2017 إداري القناطر الخيرية واتهمتها بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون وإدخال ممنوعات.
وفى 10 سبتمبر 2017 وأثناء سفره إلى جنيف لحضور اجتماع مجلس حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة ألقت السلطات المصرية القبض على المحامى إبراهيم متولى حجازى مؤسس رابطة المختفين قسريًا وقامت باخفائه ثلاثة أيام قبل أن يتم عرضه على النيابة فى 13 سبتمبر على ذمة القضية 900 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا والمتهم فيها بقيادة جماعة أسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة. الأمر الذي دفع سفارات دول كندا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، والمملكة المتحدة فى مصر لإصدار بيان مشترك فى نوفمبر 2017 أعربوا فيه عن قلقهم من استمرار احتجاز متولى.
لم تستهدف الهجمة الأمنية رابطة أسر المختفين قسريًا فحسب بل تعدتها لمدافعين ومناصرين عن حقوق المختفين، فتم القبض في 10 مارس 2017 على الطبيب أحمد شوقي عماشة أحد مناصري قضايا الاختفاء القسري واخفائه لمدة 20 يوم تعرض فيها للتعذيب فى مقر الأمن الوطني ليظهر لأول مرة فى 1 ابريل 2017. وما يزال عماشة محبوسًا حتى الآن على ذمة القضية 316 لسنة 2017 والمتهم فيها بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون.
كان تقرير صادر من المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اعتبر أن استمرار الاعتقال التعسفي والاحتجاز ضد حنان بدر الدين وأحمد عماشة وابراهيم متولى يشكل “انتقامًا” منهم لنشاطهم كمدافعين عن حقوق الإنسان وتعاونهم مع الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري.