حكم قبل المداولة: تقرير حول انتهاكات ضمانات المحاكمة العادلة في القضية رقم 506 لسنة 2014 كلي شرق القاهرة/ 432 لسنة 2013 حصر أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميًا باسم قضية أنصار بيت المقدس
عقب عزل الجيش للرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي في يوليو عام 2013 عقب احتجاجات شعبية، شهدت البلاد موجة كبيرة من العنف السياسي،كان ذروته في قيام قوات الأمن في 14 أغسطس 2013 بالفض العنيف لاعتصام مؤيدي الرئيس المعزول في ميداني رابعة والنهضة، والذي راح ضحيته مئات المعتصمين، وما صاحبه من عمليات تخريب واسعة وأعمال عنف ضد قوات الأمن ودور عبادة المسيحيين في أرجاء مصر، وهو ما واجهته الحكومة بمزيد من البطش والإجراءات الاستثنائية، كما صاحبها توسيع دائرة القمع ضد الرافضين للوضع السياسي الجديد، ولو بشكل سلمي.
وعلى الجانب الآخر، تسارعت وتيرة العمليات الإرهابية الدموية التي أعقبت صيف 2013 مستهدفة في أغلبها رجال الجيش والشرطة، أبرز هذه العمليات هو محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم في سبتمبر 2013، وكذلك إغتيال المقدم في جهاز الأمن الوطني محمد مبروك نوفمبر 2013، وتفجير مديرية أمن الدقهلية في ديسمبر 2013، ومحاولة تفجير مديرية أمن القاهرة في يناير 2014، وهي الهجمات الإرهابية التي تبنتها جماعة أنصار بيت المقدس (وهي جماعة إرهابية نشأت في سيناء وتنتمي للسلفية الجهادية)، والتي سيتغير اسمها في نوفمبر 2014 بعد مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتصبح منذ ذلك الوقت “ولاية سيناء”.
على إثر تلك الهجمات، بدأت قوات الأمن بالقبض على العديد من الأشخاص للاشتباه في تورطهم بأشكال مختلفة مع تنظيم أنصار بيت المقدس، وذلك قبل أن تحيل النيابة 200 متهمًا إلى محكمة الجنايات، ثم تضم إليهم فيما بعد عدد آخر من المتهمين، ليصبح إجمالي المتهمين على ذمة القضية 210 متهمًا، منهم 101 متهمًا هاربًا. ووفقًا لقرار الإحالة الصادر من النيابة في مايو 2014، فقد أسندت النيابة إلى المتهمين اتهامات تتعلق بارتكاب عدد 54 عملية إرهابية، قٌتل على إثرها أكثر من 60 مواطنًأ معظمهم من رجال الشرطة، وقد وجهت النيابة إليهم إتهامات بالقتل والشروع في القتل، والإضرار بالمنشآت العامة، والسرقة، وحيازة أسلحة ومفرقعات واستخدامها، كما شملت الاتهامات إفشاء أسرار عسكرية، فضلًا عن الاتهامات بقيادة وتمويل والانضمام لجماعة إرهابية. وقد بدأ نظر القضية من قِبَل الدائرة 28 إرهاب بمحكمة جنايات جنوب القاهرة برئاسة المستشار حسن فريد في شهر فبراير 2015 والتى تستمر وقائعها حتى لحظة كتابة هذه السطور.
وإذ يحاول التقرير تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المتهمين منذ لحظة القبض عليهم وحتى أثناء محاكمتهم، ففى قضية شائكة مثل هذه القضية، والتى تحتوي بالفعل على وقائع إرهابية راح ضحيتها العديد من الأرواح، فمن المهم التأكيد على الإدانة الكاملة لأي عمل إرهابي، وضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه في ارتكاب هذه الأعمال، لكن في نفس الوقت يجب التأكد من حصول كافة المتهمين في القضية على ضمانات المحاكمة العادلة، والتى تزداد أهميتها عندما يكون الإعدام هو عقوبة الجرائم المتهمين بارتكابها، وإلا عدت هذه الأحكام من قبيل الانتقام السياسي وليس بهدف تحقيق العدالة، خاصة وأن عدد المتهمين الغير مشتركين في تنفيذ أى عمليات إرهابية وفقًا لقرارى الإحالة في القضية، والمتهمين بالإنضمام أو التمويل أو كلاهما، يبلغ عددهم 46% من إجمالي عدد المتهمين (96 من أصل 208 متهمًا).
تعرض أغلب المتهمين في هذه القضية، كغيرها من القضايا التي تحتوي على وقائع عنف سياسي، لأشكال مختلفة من الانتهاكات القانونية والتي وثقتها الأوراق الرسمية للقضية، خاصة من محاضر تحقيق النيابة مع المتهمين، حيث تعرض أغلب المتهمين إلى الإخفاء القسري وذلك لمدد متفاوتة وصلت إلي خمس شهور في بعض الحالات، وهي الفترة التي تعرضوا فيها للتعذيب الشديد،كما قامت النيابة بالتحقيق مع بعضهم في غياب محامي عنهم بالمخالفة للقانون، وقامت النيابة بالمماطلة في إحالة المتهمين الذين ادعوا تعرضهم للتعذيب إلي الطب الشرعي، هذا فضلًا عن ما تكشفه أوراق التحقيقات من شكاوى تتعلق بالسجون المحبوسين فيها احتياطيًا.
أما في مرحلة المحاكمة، فلم يختلف الأمر كثيرًا، حيث تعرض المتهمون لانتهاكات عدة خلال تلك الفترة، على رأسها عدم استماع المحكمة لأغلبية مرافعات محامي المتهمين، واستغراق أغلب الوقت في فض الأحراز والاستماع لشهود الاثبات من الضباط، في حين تجاهلت التدقيق في الشهادات الأخري، بالاضافة إلي تجاهل استجواب المتهمين والإدلاء بآراء سياسية في قاعة المحكمة.