في اجتماع ضم وزير الإنتاج الحربي محمد سعيد العصار ووزير الخارجية التشيكي وعدد من رجال الصناعات الدفاعية التشيكية نهاية يناير 2016 في مصر، أكد العصار على أن “جمهورية التشيك لم تُوقف تصديرها للأسلحة إلى مصر مثل دول أوروبية أخرى بعد 30 يونيو 2013″، في إشارة منه لقرارات ومواقف مؤسسات الاتحاد الأوروبي بمنع تصدير المعدات العسكرية لمصر على إثر تصاعد أعمال القمع والانتهاكات المروعة التي مارستها السلطات ضد المعارضين، وعلى رأسها الفض العنيف لاعتصامي رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013، والتي وثق التقرير استخدام قوات الأمن لأسلحة تشيكية أثناء عملية الفض.
تستمر جمهورية التشيك في تسليح أجهزة الأمن المصرية، بأنواع من الأسلحة الخفيفة، بما بلغ قيمته عام 2016 لأكثر من 41 مليون يورو، وذلك على الرغم من الاتهامات الموجهة للسلطات المصرية بارتكاب انتهاكات جسيمة واسعة النطاق، ودائماً ما تستخدم السلطات بما فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي مبرر الحرب على الإرهاب، ذريعة لأعمال القمع، وبالرغم من معاهدة تجارة الأسلحة والموقف الموحد لمجلس الاتحاد الأوروبي التي تحظر تصدير الأسلحة لدول تقوم بانتهاكات حقوق الإنسان.
تنبع خطورة الأسلحة التشيكية من كونها أكثر تكلفة على المواطنين من مثيلاتها لاستخدامها في الانتهاكات الحقوقية المباشرة، وذلك رغم تراجع تكلفتها المادية مقارنة بالأسلحة الدفاعية الثقيلة. الأمر الذي يثير تساؤلات عدة؛ مثل ما هي طبيعة هذا التصدير؟ ما هو حجمه بالضبط؟ وما هو الإطار القانوني الأشمل لعملية التصدير؟ وكيف تستخدم السلطات المصرية هذه الأسلحة؟
يسعي هذا التقرير للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها من خلال أربعة أجزاء؛ الجزء الأول يسلط الضوء على أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها المصريون من قبل الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها القتل خارج إطار القانون، والتي يشتبه في استخدام الأسلحة التشيكية في ارتكابها. في حين يوضح الجزء الثاني من التقرير الإطار القانوني لتصدير جمهورية التشيك الأسلحة للخارج، محليًا ودوليًا، وما يفرضه عليها من ضرورة التأكد من عدم استخدامها في أعمال القمع أو الإخلال بحقوق الإنسان للدولة المصدر إليها، ينما يُبرز الجزء الثالث طبيعة العلاقة بين جمهورية التشيك والسلطات المصرية، ويلقي هذا الجزء نظرة على أرقام صادرات الأسلحة من جمهورية التشيك إلى مصر وتطورها بعد يوليو 2013، ويُظهر الجزء الرابع استعمال قوات الأمن المصرية للأسلحة التشيكية وعلى رأسها وزارة الداخلية فيما يعد من أعمال القمع الداخلي، وسعيها لتعزيز هذه الأسلحة عبر الحصول على رخصة تصنيع بعض تلك الأسلحة داخل مصر.
اعتمد هذا التقرير على رصد الأرقام الواردة في التقارير السنوية لوزارة الصناعة والتجارة بجمهورية التشيك، وتقارير صادرة من منظمات حقوقية مصرية ودولية. هذا بالإضافة لتحليل الفيديوهات الصادرة عن الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية ومنصات إعلامية أخرى.
ويتقدم التقرير بعدد من التوصيات، أولها للحكومة التشيكية، والذي يجب عليها التوقف الفوري عن تصدير الاسلحة الخفيفة لمصر، والشفافية فيما يتعلق بتفاصيل الصفقات المبرمة، والإفصاح عن طريقة مراقبة ما ان كانت تلك الأسلحة يتم استعمالها في أعمال قمع وانتهاكات، وهو ما يجب على البرلمان التشيكي فتح تحقيق مستقل بخصوصه. كما يطالب التقرير أيضًا الاتحاد الأوروبي بالتأكد من التزام التشيك وباقي دول الأعضاء بمعايير تجارة الأسلحة ومواقف مؤسسات الاتحاد والبرلمان الأوروبي. وأخيرًا يطالب التقرير الحكومة المصرية احترام مبادىء حقوق الإنسان المكفولة بالمواثيق الدولية والتوقف الفوري عن ارتكاب الانتهاكات الحقوقية تحت شعار الحرب على الإرهاب.