على مدى السنوات الثلاث الماضية، طبقت إدارة ترامب بشكل متزايد سياسات أحادية الجانب لصالح حكومة إسرائيل التي تنتهك القانون الدولي، بل وكافأت أفعال إسرائيل غير القانونية، الأمر الذي يعد بمثابة تحريض إضافي على العنف وتعزيز للقمع، على نحو هدد بشكل واسع الاستقرار الإقليمي. وأخيرًا تأتي “صفقة القرن” تتويجًا أمريكيًا لجرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
و كم من المؤسف أن رحبت بعض حكومات المنطقة، بمن فيها المملكة العربية السعودية، ومصر، ودولة الامارات العربية المتحدة، بهذه الخطة بدعوى أنها نقطة انطلاق للمفاوضات نحو السلام، معلنة تراجع مخزي عن التزاماتها بدعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير، والسيادة الدائمة على الثروات والموارد الطبيعية، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي. وكان حري بدول المنطقة والمجتمع الدولي ضمان حماية حقوق الشعب الفلسطيني في إطار أية مفاوضات، ورفض صفقة إدارة ترامب باعتبارها محاولة مفضوحة لإنكار الحقوق الفلسطينية وتعزيز نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. والسعي في المقابل إلى ضمان أن تستند أي عملية سلام مشروعة وفعالة إلى مبادئ القانون الدولي والعدالة والمساواة، بمشاركة فلسطينية ذات معنى، واحترام كامل للحقوق الفلسطينية على النحو المحدد في القانون الدولي.
فبموجب هذه الخطة، تكافئ إدارة ترامب إسرائيل على استعمارها غير القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة بالسماح لها بضم المزيد من الأراضي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، لا سيما الحظر المطلق على الاستيلاء على الأراضي بالقوة. كما تعيد هذه الصفقة التأكيد على اعتراف الولايات المتحدة غير القانوني بالقدس كعاصمة لإسرائيل، متحدية الإجماع الدولي ومجردة الفلسطينيين من حقهم المشروع في السيادة.
تفشل هذه الخطة أيضًا في معالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمة في غزة، والتي تنبع بالأساس من الاحتلال الإسرائيلي المطول والحصار لمدة 12 عامًا، وصولاً لتحويلها لمنطقة غير صالحة للسكن. وتضع عبء المسئولية عن ذلك على عاتق سلطات حماس في غزة وحدها، بينما تترفع عن مجرد الإشارة لأثر الحصار الجوي والبري والبحري المفروض على غزة لمدة 12 عامًا، وما نتج عنه من فقر وبطالة واعتماد تام على المساعدات وانعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن انهيار قطاع الصحة والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وعلاوة على ذلك، تسعى الخطة إلى عرقلة طريق الفلسطينيين نحو تحقيق العدالة. ففي حالة التفاوض، سيُطلب من السلطة الفلسطينية التنازل عن جميع الإجراءات المعلقة ضد “دولة إسرائيل والولايات المتحدة وأي من مواطنيها أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وجميع المحاكم الأخرى “وكذلك التنازل عن أي إجراء تم اتخاذه في نظام قانوني لدولة طرف ثالث ضد أي مواطن إسرائيلي أو مواطن أمريكي. هذا الإفلات التام من العقاب يكافئ الانتهاكات، ويشجع على المزيد منها، بما يعصف بحقوق وكرامة الشعب الفلسطيني.
لقد منحت إدارة ترامب بهذه الصفقة صك الموافقة على تفتيت الشعب الفلسطيني، وبالتالي توسيع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد جميع الفلسطينيين. على النحو الذي سبق وحذر منه المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة بالأمم المتحدة، مايكل لينك، من أن الصفقة “ليست وصفة لسلام عادل ودائم بل هي دعم لإنشاء بانتوستان في القرن الحادي والعشرين في الشرق الأوسط،” وهو ليس أكثر من” أرخبيل متناثر من الأراضي غير المتجاورة تحيط بها إسرائيل بالكامل.”
تسمح الخطة أيضًا بالحفاظ على جدار الضم الإسرائيلي، الذي اعتبرته محكمة العدل الدولية في عام 2004 غير قانوني، لأنه يعزل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، ويفصل الفلسطينيين عن بعضهم البعض بما يؤثر بشدة على حياتهم اليومية. بل وتؤيد خطة ترامب حرمان اللاجئين والمنفيين الفلسطينيين من حق العودة إلى وطنهم، وتشريد المزيد منهم، إذ انه وبموجب الخطة سيتم النقل القسري لما يزيد عن 260,000 فلسطينيًا من مواطني إسرائيل من منطقة المثلث إلى “جيب فلسطيني” مستقبلي، حسبما أشارت منظمة عدالة.
لقد سبق ولعب المجتمع الدولي والمجتمع المدني العالمي دورًا فعالًا في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، واليوم أصبح من الأهمية بمكان أن تعترف دول المنطقة والمجتمع الدولي بالنظام التمييزي نفسه الذي تفرضه حكومة إسرائيل على الشعب الفلسطيني، بدعم من الولايات المتحدة. كما يجب أن يرفض الحقوقيون وحماة القانون والعدالة والمساواة وصمة الفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين، ويسعوا بلا هوادة للضغط من أجل دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف ووضع حد لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد جميع الفلسطينيين.
إن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار وضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق والمنهجية، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المشتبه في ارتكاب إسرائيل لها بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، يعد الضمانة الوحيدة للوفاء بالحقوق الفلسطينية وفقًا للإطار الدولي،
المنظمات الموقعة:
-
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
-
إعلام، المركز العربي للحريات الاعلامية والتنمية والبحوث
-
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
-
الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية
-
الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب
-
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
-
اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس
-
الجبهة المصرية لحقوق الانسان
-
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
-
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
-
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
-
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
-
المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
-
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
-
بلادي لحقوق الإنسان
-
جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة
-
جمعية يقظة من اجل الديمقراطية والدولة المدنية
-
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
-
جمعية بيتي
-
حملة – المركز العربي لتطوير الاعلام الاجتماعي
-
كوميتي فور جستس
-
منظمة الحق
-
منظمة دولتي
-
منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدال
-
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان
-
مواطنة لحقوق الإنسان
-
مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان
-
مركز النديم
-
مركز بلادي للحقوق والحريات
-
مركز تونس لحرية الصحافة
-
مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان
-
مركز مدى