تابعت الجبهة المصرية الفيديو الذي نشرته قناة العربية بتاريخ 12 فبراير 2020 عن زيارتها مع عدد من مراسلي محطات عربية ودولية لمجمع سجون طرة، حيث سمحت لهم وزارة الداخلية بزيارة ليمان ومزرعة طرة أحد مجمع سجون طرة الذي يضم 4 سجون آخرين، وأجرى المراسلون لقاءات مع عدد من السجناء والمحبوسين احتياطيًا، في زيارة يُفهم من مضمونها وتوقيتها العمل على الرد على الانتقادات الحقوقية المتواصلة حول أوضاع حقوق السجناء داخل أماكن الاحتجاز، وتحسين صورة السلطات المصرية دوليًا، حيث تأتي هذه الزيارة قبل شهر واحد من الموعد المقرر لجلسة إعلان الحكومة المصرية تصديقها على توصيات مقدمة لها في الاستعراض الدوري الشامل في مارس المقبل.
تناولت الأسئلة الموجهة للسجناء المسجل معاهم في الزيارة تعليقاتهم حول أوضاع الرعاية الصحية، والنظافة، والتريض، والزيارات، وعدد المحبوسين في الغرفة الواحدة، والمعاملة داخل السجن وكانت الإجابة موحدة من كل المسجل معهم في الفيديو حيث أشادوا بالأوضاع داخل السجن. وفي ظل قلة أعدادهم وعدم وضوح منهجية اختيارهم للتسجيل دون غيرهم، ظهرت صورة مغايرة عن الرواية الحقوقية حول تدهور أوضاع السجناء، وحول ما يحصلون عليه من حقوق وما يتعرضون له من انتهاكات، ناهيك عن تجاهل سبب احتجاز أعداد كبيرة منهم من الأساس، وضياع سنوات عديدة من عمرهم لمعارضتهم النظام الحالي، أو بناءً على اتهامات كيدية، وبدون محاكمة في أحيان عدة.
يتجاهل التسجيل مدة الحبس المطولة وسلب الحرية التعسفي للصحفي “محمود حسين” مراسل قناة الجزيرة والمخالف للقانون المحدد بحد أقصى للحبس الاحتياطي بعامين، و التركيز بدلًا من ذلك حول حديثه عن الرعاية الصحية والمعاملة الحسنة والسماح بدخول متعلقاته حتى الكتب. وقد تم حبس حسين لمدة أكثر من ثلاث سنوات دون أى محاكمة واحدة، وذلك منذ القبض عليه في ديسمبر 2016، حتى تم إخلاء سبيله في مايو 2019، تم بعدها “تدويره” على ذمة قضية اخرى رقمها 1365 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، بتهم قريبة للقضية الأولي والمتهم فيها بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر وإذاعة أخبار كاذبة، وهو ما يتشابه مع محتجزين آخرين في نفس السجن، مثل المعارضين عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد القصاص والمحبوسين من قرابة العامين، والمدون شادي أبو زيد المحبوس في سجن طرة تحقيق والذي تم تدويره من القضية 621 لسنة 2018 إلي القضية 1956 لسنة 2019 في 11 فبراير الجاري، بعد 20 شهرًا من حبسه.
وفي مقابل هذا الحديث الإيجابي عن التمكين من الرعاية الصحية والتريض وإدخال الأدوية والكتب يتعارض هذا التأكيد على مستوى الرعاية الصحية في السجون المصرية مع حالات الوفيات المتتابعة التي تشهدها السجون المصرية، والتي لمجمع سجون طرة نصيب كبير بها، نتيجة الإصرار على سياسة الحرمان من الرعاية الصحية وتفاقم الإهمال الطبي للمرضى وكبار السن والتعنت في رفض دخول الأغطية والملابس الثقيلة في برد الشتاء القارص، حيث توفي مصطفى القاسم في يناير 2020 بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إضرابه عن الطعام احتجاجًا على أوضاع حبسه المتردية، ذلك إلى جانب علاء الدين سعد الذي توفي في الشهر نفسه نتيجة إصابته بنزلة برد لم يتلقى العلاج المناسب لها.
وفي حين يذكر الفيديو تحويل الصحفي محمود حسين من سجنه إلي مستشفي طرة لإجراء فحوصات على ذراعه المكسورة، فيعاني متهمين آخرين في نفس السجن لمشاكل صحية أخطر في ظل تعسف من إدارة السجن في تحسين هذه الأوضاع، مثال لهذا زياد العليمي المحبوس على ذمة القضية 930 لسنة 2019 أمن دولة والذي يعاني من ارتشاح في القلب في حين تمتنع السلطات عن تسليم أهله نتائج الأشعة المطلوبة ليباشر العلاج المناسب لحالته، أما الصحفي حسن البنا المتهم في القضية 441 لسنة 2018 أمن دولة والذي يعاني من مشاكل تتعلق باضطراب القلب والضغط العالي، رفضت إدارة السجن تحويله إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة.
ومازال الباحث العمرانى ابراهيم عز الدين والمحبوس في سجن طرة تحقيق منذ تاريخ ظهوره وعرضه على النيابة على ذمة القضية 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة من تدهور حالته الصحية نتيجة للتعذيب الذي وقع عليه أثناء فترة اختفائه لمدة 6 شهور مما تسبب فى حدوث مضاعفات وآلام مستمرة فى فقرات الظهر تمنعه من النوم او الوقوف وطلب محاميه عدة مرات عرضه على طبيب أو مستشفى السجن، ولم يتم تنفيذ ذلك الطلب حتى اليوم.
وعلى عكس ما يقوله أحد المتهمين فى الفيديو عن خروجه من زنزانته يوميًا للتريض أو لشراء احتياجاته وأن مدة التريض تصل إلى ساعتين، فالمحامى الحقوقى محمد الباقر والمدون علاء عبد الفتاح والمحبوسين احتياطيا على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا فى سجن شديد الحراسة 2، أحد سجون مجمع طرة، ممنوعون من التريض وغير مسموح لهم بإدخال الأدوية والملابس والكتب وذلك منذ القبض عليهم فى سبتمبر 2019، ذلك إلى جانب الزيارة التي لا تتجاوز دقائق معدودة، والتي أحيانًا تتم من خلف حاجز زجاجى كما في حالة المدون علاء عبد الفتاح. أما في حالة الصحفي معتز ودنان، فنجده ممنوعًا بشكل تام من التريض أو الزيارة والمحبوس الآن لمدة تزيد عن سنتين على خلفية إجرائه لقاء صحفي.