تستنكر الجبهة المصرية الانتهاكات المتواصلة من جانب السلطات ضد مواطنين من بينهم صحفيين وإعلاميين في إطار هجمة أمنية جديدة ضدهم لاتهامهم بالتعاون مع قنوات إعلامية خارج مصر، حيث تعرضوا لانتهاكات من بينها الإخفاء القسري لفترات وصلت لشهر، والتحقيق بدون محامين، والإكراه المادي والمعنوي للإدلاء باعترافات خلال فترة التحقيق، ونشرها على القنوات الحكومية والمقربة للسلطات، في انتهاك صارخ لحقوق المتهمين المكفولة بالقانون والمواثيق الدولية.
كانت وزارة الداخلية أمس 22 مايو 2020 قد أعلنت عن ضبطها 11 شخصًا بينهم صحفيين وإعلاميين ومواطنين في شمال سيناء اتهمتهم بتلقيهم تكليفات من جماعة الإخوان المسلمين خارج مصر لإنتاج وإعداد مواد إعلامية تصور الأوضاع الداخلية في مصر ومنطقة سيناء على غير الحقيقة، وذلك بغرض عرضها على قناة الجزيرة، بهدف الإساءة للدولة وإثارة الفوضى وتهديد استقرار البلاد، وذلك على حد وصف البيان الصادر من وزارة الداخلية، والذي صاحبه نشر فيديو يتضمن اعترافات 4 أشخاص من بينهم.
أربعة متهمين على الأقل من أصل الـ 11 متهم، تم التأكد من التحقيق معهم في نيابة أمن الدولة على ذمة القضية 586 لسنة 2020 أمن دولة، بداية من 11 مايو، أي قبل 10 أيام من الفيديو، واتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها ونشر أخبار كاذبة. من بينهم: المنتج السينمائي معتز عبد الوهاب (43 عامًا) ومنتج لعديد من الأفلام الوثائقية والسينمائية مثل “لما بنتولد – قلب مدينة القاهرة- الطيب سيرة ذاتية للوطن- بصمات علي بدرخان- ومكان اسمه الوطن”، والصحفي بجريدة المصري اليوم هيثم حسن عبد العزيز (34 عامًا)، والصحفي الحر سامح حنين.
رصدت الجبهة المصرية تعرض عدد من المتهمين في القضية لانتهاكات منذ القبض عليهم على رأسها الإخفاء القسري، حيث تم إخفاء المنتج معتز عبد الوهاب لمدة 5 أيام في مقر الأمن الوطني بمنطقة العباسية منذ القبض عليه في 5 مايو من مقر شركته بمنطقة المعادي جنوب القاهرة، إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة يوم 11 مايو للتحقيق، في حين تم إخفاء “سلامة سالم البس” من مواطني بئر العبد بشمال سيناء لمدة تجاوزت الشهر، منذ القبض عليه ظهر 14 أبريل من منزله، وتقدمت أسرته بتلغراف للنائب العام يفيد تاريخ القبض عليه وإخفائه.
ليس هذا فحسب، ففي سبيل الحصول على اعترافات، تعرض عدد من المتهمين للتعذيب البدني والمعنوي، أحدهم – تتحفظ الجبهة عن ذكر اسمه- واجه تعذيب قاسي أثناء فترة إخفائه، حيث تم تعصيب عينيه، وضربه على وجهه، وصعقه بالكهرباء في جميع أنحاء جسده، بما فيها أعضائه التناسلية، أما الصحفي سامح حنين فقد ظهر في النيابة يوم 16 مايو وتم التحقيق معه بدون حضور محامين. ووفقًا لأسر متهمين وثقت معهم الجبهة المصرية فإن ملامح وجوههم وطريقة حديثهم توحي بتعرضهم للإكراه المادي والمعنوي لإجبارهم على الإدلاء بهذه الاعترافات.
خالفت السلطات المصرية القانون عند سماحها بنشر فيديو يتضمن اعترافات المتهمين أثناء إجراء التحقيق، وذلك وفقًا للمادة 75 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه “تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار. ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها.”. ويظهر الفيديو تعرض المتهمين للإكراه المادي والمعنوي لتصوير اعترافاتهم في الفيديو، والتى تعد أقوال “مهدرة ولا يعول عليها” لصدورها تحت الإكراه وفقًا للمادة 55 من الدستور. إلى جانب ذلك يظهر بأن المصطلحات المستخدمة من المتهمين في الفيديو تبدو أمنية للغاية ومألوف ذكرها في فيديوهات مماثلة مثل ” تكليف من قيادات الإخوان”، “تكوين مجموعات”، “تجميع معلومات”، “تأليب الرأي العام” وهو ما يشكك في جدية محتوى هذه الأقوال، وما إن كانت محض اعترافات مكتوبة من قبل الأجهزة الأمنية وتم إجبار المتهمين على تسجيلها.