ترفض الجبهة المصرية لحقوق الإنسان الانتهاكات التي تمارسها وزارة الداخلية إزاء السجناء فيما يخص حقهم في التواصل مع أهلهم، حيث يعاني الكثير من المحتجزين بالسجون المصرية من الانعزال التام بسبب حرمانهم من حقهم في الزيارة والتواصل مع ذويهم خاصة بعد إعلان وزارة الداخلية تعليق الزيارات بالسجون في مارس 2020 لتفادي انتشار فيروس كورونا، دون تحديد بدائل، ما أدى إلى انقطاع تام لأخبار الكثير من المحتجزين. وهو ما ساعد مصلحة السجون في خلق حالة من التعتيم على أحوال المحتجزين الصحية، وهو ما يعد خرقًا للقانون وانتهاكًا لحقهم في الاتصال بالعالم الخارجي. وتؤكد الجبهة المصرية على حق السجناء طبقًا للمادة 38 من قانون تنظيم السجون التي نصت على أن “يكون لكل محكوم عليه الحق فى التراسل والاتصال التليفوني بمقابل مادى ولذويه أن يزوروه مرتين شهريًا تحت رقابة وإشراف إدارة السجن.»
على مدار السنوات أعلنت الحكومة المصرية عن نيتها تفعيل المادة 38 من قانون تنظيم السجون فيما يخص تمكين المحتجزين من الاتصال الهاتفي، حيث أعلن النائب العام في 2008 عن موافقته على السماح للمحبوسين احتياطيًا والمحكومين بإجراء اتصالات تليفونية مرتين شهريًا من داخل السجون، بينما صرّح وزير الداخلية السابق منصور عيسوي في 2011 عن تكليفه لمصلحة السجون بدراسة مشروع إتاحة المكالمات الهاتفية للمحتجزين مرتين أسبوعيًًا، على أن تتخذ المصلحة إجراءات تركيب كبائن تليفونية داخل السجون بدايةً من سجن طرة، وفي 2015 تكررت إعلانات الحكومة المصرية التي لا تتحقق، بتمكين المحتجزين من الاتصال الهاتفي، بعد تأكيد مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، على وجود تنسيق مع وزارة الاتصالات لتركيب خطوط تليفون بجميع سجون الجمهورية، وذلك تنفيذًا للتعديلات الواردة باللائحة التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وبالنظر للوضع الحالي في 2020 والذي يحتاج فيه جميع المحتجزين وذويهم في مصر إلى أن تكون هذه الإعلانات والوعود قد تحققت، يتضح أنها جميعًا لم تكن سوى تصريحات شكلية لم تنفذ قط.
بينما تواجه البلاد جائحة فيروس كورونا، أصدرت الحكومة سلسلة إجراءات احترازية والتي تضمنت قرار وزارة الداخلية في تعليق زيارات السجون منذ شهر مارس الماضي والذي استمر حتى الوقت الحالي رغم قرارات الحكومة في تخفيف الحظر والعودة للعمل بالمحاكم والقطاعات المختلفة، إلا أن مسألة استئناف الزيارات مرة ثانية لم يتم ذكرها حتى الوقت الحالي. وشهدت السجون منذ صدور هذا القرار، معاناة الأهالي من التواصل مع ذويهم داخل السجون وانقطاع أخبار الكثير منهم تمامًا في ظل التعتيم الأمني في التعامل مع نسب الإصابة والوفيات بالداخل. على سبيل المثال توقفت أي أخبار حول وضع الصحفية سولافة مجدي داخل سجن القناطر منذ أربعة أشهر وفقًا لوالدتها، حيث تذهب مرة أسبوعيًا إلى سجن القناطر للسؤال عن وضع ابنتها أو استقبال رسالة منها لكن دون رد من إدارة السجن. وما زالت أيضًا تعاني أسرة علاء عبد الفتاح من التعنت في تسلُّم أو إرسال خطاب إلى علاء وكذلك في إدخال أدوية أو إعاشة له بالداخل. وتعرّض أفرد الأسرة أكثر من مرة إلى عدة انتهاكات، سواء القبض أو التحفظ عليهن أو تعرضهن للاعتداء من قبل مجموعة نساء أمام سجن طرة وعلى مرأى من قوات الأمن التابعة للسجن، إلى أن تم اختطاف سناء سيف شقيقة علاء من محيط مكتب النائب العام أثناء تقديمها بلاغ بخصوص الاعتداء عليهن، وانتقلت إلى سجن القناطر على خلفية اتهامها بنشر أخبار كاذبة والترويج لجريمة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لتنقطع أخبارها هي الأخرى دون السماح لأسرتها بالتواصل معها بأي شكل من الأشكال.
تخالف الحكومة المصرية نص القاعدة رقم 3 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (نيلسون مانديلا) والتي تنص على «إنَّ الحبس وغيره من التدابير التي تفضي إلى عزل الأشخاص عن العالم الخارجي تدابير مؤلمة من حيث إنها تسلب الفرد حقَّه في تقرير مصيره بحرمانه من حرِّيته. ولذلك لا ينبغي لنظام السجون، إلاَّ في حدود مبرِّرات العزل أو الحفاظ على الانضباط، أن يفاقم من المعاناة الملازمة لمثل هذه الحال.»