11 سبتمبر 2020
موجة جديدة من وباء الكورونا ( كوفيد 19) بدأت في ظل أوضاع صحية متردية، واستعدادات ضعيفة تسببت في انتشار العدوى بين الأطباء ما أدى إلى ارتفاع حالات الوفيات بينهم حتى وصل العدد إلى 163 طبيبًا على الأقل.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن 11 % من إجمالي المصابين في مصر هم من الأطباء، وبدلًا من دعم القطاع الصحي ذو الموارد القليلة الآخذة في التردي نتيجة تفشي الوباء، تزيد السلطات المصرية الوضع سوءً لتساهم في العجز الذي طال الأطقم الطبية والقطاع الصحي، ليس فقط بالتخاذل عن الدعم المادي والتقني، ولكن بالاستهداف الأمني أيضًا، فمنذ بداية تفشي الوباء في مارس 2020، قبضت قوات الأمن على 7 أشخاص على الأقل ما بين أطباء وصيادلة، ليتم التحقيق معهم وتجديد حبسهم بمعرفة نيابة الدولة ودوائر الإرهاب، وذلك على خلفية انتقادهم لأداء الحكومة فيما يخص الوضع الصحي، أو في بعض الأحيان بشكل عشوائي، ما أدى لاتهامهم بنفس الاتهامات التي يواجهها آلاف آخرين، وهي مشاركة أو الانضمام لجماعة إرهابية لا يعرف أحد لها اسمًا أو إن كانت موجودة فعلًا. جميع الأطباء الذين رصدت الجبهة المصرية حالتهم متهمين أيضًا بنشر وإذاعة أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل تواصل اجتماعي.
الاتهامات التي يواجهها الأطباء وغيرهم من العاملين في القطاع الصحي يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات والجريمة الالكترونية، وبغض النظر عن أن التحريات التي بنت عليها النيابة اتهامها ليست معلنة للأطباء ومحاميهم، فضلًا عن أنها لم تواجههم كلهم بأدلة ثبوت قاطعة. يظهر في رصد تعامل النيابة مع الأطباء المقبوض عليهم، أن هناك عددًا من القوانين المتجاهلة التي تكفل حقوقًا للأطباء في حالة دخولهم في نزاع مع القانون.
تجاهلت النيابة عند تحقيقها مع جميع الأطباء المقبوض عليهم، نص المادة 54 من القانون رقم 45 لسنة 1969 بشأن نقابة الأطباء، والتي تلزمها بإخطار النقابة بأي اتهام موجه ضد أي عضو من أعضائها بجناية أو جنحة متصلة بالمهنة، وذلك قبل البدء في التحقيق، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية، أو من يندبه أيهما من أعضاء مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية، حضور التحقيق. وتجدر الإشارة إلى أن المادة نفسها تسمح للطبيب في حالات التقاضي أن يطلب تدخل النقابة كطرف ثالث. ومجلس النقابة المختص التدخل كطرف ثالث في أية دعوى أمام القضاء تتعلق بما يهم مهنة الطب.
تعرض الجبهة المصرية لعدد من الحالات القانونية لبعض الأطباء الذين من المفترض ألا يتعرضوا للاتهام أو الحبس الاحتياطي بأي حال، وتدعو الجبهة نقابة الأطباء للتدخل بشكل سريع لتوفير الدعم القانوني لأعضائها، وتطالب الجبهة المصرية النائب العام بالالتزام بالقانون، على أن تتقصى النيابة الحقائق وألا تتعامل مع القانون بشكل انتقائي لتقييد حريات الأفراد دون وجه حق.
في ٢٥ يونيو ٢٠٢٠ ، ألقت قوات الأمن القبض على الطبيب والأستاذ الجامعي محمد معتز الفوال، ليختفي قسريًا لمدة يومين، قبل أن يظهر أمام النيابة، وذلك على خلفية نشره هاشتاج #الأطباء_مش_متقاعسين_يا_مدبولي بالإضافة لنشره بيان موقع منه وعدد من الأطباء بصفتهم النقابية في ٢٤ يونيو يطالبون فيه رئيس مجلس الوزراء مصطفي مدبولي بالاعتذار عن ما صرح به عن وجود تقصير واسع من الأطباء في أزمة كورونا . وهو ما اعتبرته النيابة أدلة على الاتهامات الموجهة إليه، وذلك بعد تفحصها حسابه الشخصي على موقع فيسبوك. أما الدكتور أحمد صبرة الأستاذ المساعد بكلية الطب جامعة بنها، ألقي القبض عليه في 16 أبريل 2020 من عيادته الخاصة فى مدينة بنها، واختفى قسريًا لمدة 12 يومًا. وفي يوم 30 يونيو 2020 وبعد يومين من الاختفاء القسري ظهر الطبيب النقابي أحمد صفوت أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه.
وبخلاف إصرار الدولة على تقييد حرية الرأي والتعبير، ومنع أي شخص من الإدلاء برأيه في حال كان معارضًا، تصر نيابات أمن الدولة على الإمعان في تقييد الحريات وتغييب الأفراد بالحبس الاحتياطي، استنادًا على قوانين دون الأخرى.
كان من الواجب الالتزام في التعامل مع كل أولئك الأطباء بوصفهم نقابيين، وعليه يجب أن تقوم نيابة أمن الدولة بتفصيل الاتهامات ومصادر التحريات لكي تثبت بأن الاتهامات الموجهة إليه غير مرتبطة بممارسة المهنة، لأنه إذا ثبت العكس سيصبح التعامل الحالي معهم مخالفًا للمادة ٥٤ من قانون رقم ٤٥ لسنة ١٩٦٩ بشأن نقابة الأطباء، والمادة ٦٢ من قرار وزير الصحة والسكان – رقم 235 لسنة 1974 المتعلق بإصدار لائحة داخلية لنقابة الأطباء.
بالإضافة إلى ما سبق، وفيما يخص الدكتور أحمد صبرة، وبسبب عدم تقصي النيابة لحقيقة ما ورد بمنشوراته التي استند فيها على بيانات حقيقية، فيجب تقديم تظلم مرفق به بيان الأطباء فى مستشفى طنطا عن تحاليل الكورونا والتي تؤكد صحة ما نشره الدكتور أحمد صبرة على صفحته مما ينفى اتهام نشر الأخبار الكاذبة
تعمل الطبيبة آلاء شعبان حميدة عبد اللطيف، 26 عامًا، بمستشفى الشاطبي التابع لجامعة الإسكندرية، وظهرت أمام النيابة بعد يومين من الاختفاء القسري عقب أن عنها مدير المستشفى لما وصفه بتعديها اختصاصاته، لا يوجد إثبات على خلفية واقعة القبض عليها الا روايتها فى التحقيق، وهو ما يثير التساؤل حول سبب عدم إجراء تحقيق داخلي في المستشفى، و تحقيق نيابة أمن الدولة مع طبيبة تعدت اختصاصات مديرها.
من المفترض أن يتم سماع شهادة الأطباء وغيرهم ممن حضروا الواقعة التي بسببها تم القبض على الطبيبة آلاء شعبان، ولأن النيابة لم تتقصى الموضوع، ولم تطلب أحدًا للشهادة للتأكد من سلامة تحقيقاتها، يجب أن يتم تقديم طلب كتابي للنيابة لسماع شهادتهم ، ومن ثم تقديم تظلم يشرح أن سبب القبض الطبيبة مرتبط بعملها والمخالفة التي ارتكبتها إن صحت، فهي تستحق الجزاء التأديبى، وفقًا للمواد ٧٦-٩٧ من اللائحة الداخلية لنقابة الأطباء.
مرفقات: