تعرب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها من التدهور الحاد لأوضاع التقاضي والدفاع في محكمة جنايات بدر خلال عقد جلسات تجديد الحبس والمحاكمات الموضوعية المنقولة مؤخرًا إلى تلك المحكمة الواقعة بسجن بدر بدلًا من معهد أمناء الشرطة في مجمع سجون طرة. يتعرض المحامون داخل هذه المحكمة إلى إجراءات أمنية تعسفية، ويعانون من سوء التنظيم والتكدس داخل أروقة المحكمة، فضلًا عن صعوبة التواصل مع موكليهم بواسطة تقنية “الفيديو كونفرنس” المستخدمة كبديل لإحضار المتهمين إلى قاعات المحكمة، بما يهدد ضمانات المحاكمة العادلة وينتهك الحق في الدفاع.
تحدثت الجبهة المصرية مع محامين حضروا جلسات أمام دائرتين من دوائر الإرهاب بمحكمة جنايات بدر في الفترة من السبت 1 أكتوبر وحتى الأربعاء 5 أكتوبر 2022، أكد هؤلاء المحامين أن الإجراءات الأمنية في المحكمة كانت معقدة بدون مبررات، وتم التعامل مع المحامين من قبل القوات الأمنية بطريقة تعسفية أعاقتهم عن تأدية عملهم، حيث تم منع المحامين تمامًا في يوم السبت من دخول المحكمة، وحاول المحامون لساعات إخبار القوات الأمنية بأن لديهم جلسات للحضور عن موكليهم بالداخل، لكن بلا جدوى. طوال تلك الساعات، ظل المحامون ينتظرون دون أن يجدوا مكان مخصص للاستراحة في هذه المنطقة الصحراوية الواقع فيها السجن وبداخله المحكمة.
في يوم الأحد 2 أكتوبر على سبيل المثال، سمحت قوات الأمن للمحامين بالدخول في وقت الظهيرة، بعد إجراءات تفتيش معقدة وإثبات المحامين في دفتر أحوال المكان. ويرجع محام هذه الطريقة في التعامل لكون القوات الأمنية المتواجدة في محيط المحكمة تتعامل مع المكان بأكمله باعتباره سجن.
أكد محامون للجبهة المصرية أيضًا أن مبنى المحكمة موجود بالقرب من باب الدخول الرئيسي للسجن، ويتكون المبني بدوره من أربعة طوابق، ملحق في كل طابق غرفة مداولة لهيئة المحكمة، ومكاتب موظفين صغيرة. وأشار المحامون أنه على عكس توقعاتهم من حيث التنظيم ومساحات المبنى الجديد فإن قاعات المحاكمة أصغر بكثير من قاعات معهد أمناء الشرطة بمجمع سجون طرة، كما أن قفص المتهمين في جلسات محاكماتهم الموضوعية عازل تمامًا للصوت، لوجود أكثر من طبقة زجاج مع حديد على شكل مربعات صغيرة، وداخل القفص كاميرا تنقل إلى شاشة في القاعة وضع المتهمين داخل القفص.
أما غرفة المداولة التي تحدث فيها جلسات تجديد الحبس في مرحلة ما قبل المحاكمة والتي تجرى حاليًا بتقنية الفيديو كونفرانس، فإن مساحة تلك الغرفة صغيرة وتكون ضيقة للغاية، وتتسع بالكاد لأعضاء الدائرة. وأكد محامون بأن المساحة الصغيرة لغرفة المداولة جعلت المحامين يقفون في رواق القاعة وقت جلسة التجديد لعدم اتساع الغرفة لأعداد المحامين، مما أثر على قدرتهم على رؤية موكليهم عبر الشاشة والتواصل معهم، وهو التواصل الذي يختلف درجة إتاحته أيضًا بحسب تقدير المستشار رئيس الدائرة.
وفقًا لبعض المحامين الذين استطاعوا التحدث مع موكليهم المودعين فى سجن بدر 1 و 3، وذلك أثناء جلسة تجديد الحبس فى نيابة أمن الدولة أو عن طريق خاصية الفيديو كونفرانس فى تجديد الحبس بمحكمة الجنايات ببدر، أفاد هؤلاء المحتجزين بأن غرف السجن مزودة بكاميرات وأن إضاءة الزنازين مفتوحة طوال الوقت، حتى في أوقات النوم، مما تسبب في تدهور فى الرؤية لبعض الأشخاص المصابة بأمراض في العين، كما أن تلك الحالة تؤثر بشكل كبير على قدرة المحتجزين على النوم. نقل المحتجزون للمحامين أيضًا أن كل مسجون يحصل وجبة غذائية فقط يوميًا، ولم يتم فتح الكانتين حتى الآن.
محكمة جنايات بدر هي محكمة تقع داخل المجمع الأمني في بدر، والذي يضم أيضًا ثلاثة سجون/مراكز تأهيل يقع على مسافة 65 كيلومترا من محافظة القاهرة، في الظهير الصحراوي لمدينة بدر، في الطريق بين محافظتي القاهرة والسويس، وله طريق خاص بعد مدينة بدر السكنية. كان قد تم نقل عدد من المؤسسات الشرطية والسجنية من مجمع سجون طرة إلى مناطق جديدة ومنها مدينة بدر في إطار سعي السلطات لتفريغ منطقة سجون طرة، والتي تأتي في ظل حملة دعائية رسمية حول تحسين أوضاع الاحتجاز والتقاضي للمحتجزين في مصر، الأمر الذي حتى الآن ينافيه الواقع اليومي داخل أروقة محكمة جنايات بدر ومجمع سجون بدر.