نشر عدد من الخبراء التابعين للأمم المتحدة خطابا كان قد وُجه للحكومة المصرية في 12 يوليو 2023، وحمل الخطاب توقيع المقرر الخاص المعني بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام، والمقرر الخاص المعني بحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
أعرب جميع المقررين والخبراء السابقين في الخطاب عن إدانتهم للانتهاكات الواقعة بحق المتهمين في قضيتي كتائب حلوان والجوكر، وانتهاكات أخرى تعرض لها 10 مواطنين آخرين في قضايا مختلفة، والتي واجهوا فيها أنماطا عديدة من الانتهاكات الجسيمة بحقهم؛ منها الاختفاء القسري، والتعذيب، والإخلال بضمانات المحاكمة العادلة.
وأعرب الخبراء عن قلقهم من كون هذه الانتهاكات تشير إلى “ﻧﻤﻂ منهجي ﻣﻦﺳﻮء اﺳﺘﺨﺪام ﺗﺸﺮﻳﻌﺎت ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب واﻷﻣﻦ القومي، ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮض اﻟﺤﻘﻮق اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن”، وجاء ذلك بناءً على خطاب مرسل للحكومة المصرية ساهمت الجبهة المصرية في إرسال معلوماته، بينما لم تقم السلطات في مصر بالرد على الادعاءات والتوصيات الواردة فيه حتى الآن.
فيما يتعلق بقضية كتائب حلوان، أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم من عدم توافر ضمانات المحاكمة العادلة، بالإضافة إلى رفض المدعي العام إجراء العرض على الطب الشرعي للوقوف على صحة ادعاءات التعذيب، وتعرُض المتهمين للاختفاء القسري والتعذيب أثناء فترة احتجازهم على ذمة التحقيقات، والحكم على عدد من المتهمين بالإعدام بناءً على اعترافات ربما تكون مأخوذة تحت التعذيب، إضافة لفشل السلطات المصرية في التحقيق في مزاعم التعذيب الذي تعرض لها المتهمون. كما أعرب الخبراء عن قلقهم إزاء تعرض 5 أشخاص في قضية الجوكر للاختفاء القسري وتعرضهم لنمط طويل من الاعتقال التعسفي، كما ذكر التقرير تعرض 6 أشخاص آخرين للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري عقب القبض عليهم تعسفيا بسبب التعبير عن آرائهم في الأوضاع الاقتصادية الحالية.
طالب الخبراء الحكومة المصرية بإفادتهم بعدد من المعلومات حول الانتهاكات الواردة، وتوضيح الأساس القانوني لاعتقال المتهمين المذكورين في البيان، وتقديم معلومات مفصلة عن الاتهامات التي تتعلق بالإرهاب، وشرح كيفية احترام مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب، وتقديم المعلومات التي تٌفيد بمدى امتثال قوانين الإرهاب المصرية للقانون الدولي، وطالب الخبراء أيضا بتقديم معلومات عن مدى اتساق قوانين الحبس الاحتياطي، وتدابير ضمان حرية الرأي والتعبير، والتجمع السلمي مع التزامات مصر الدولية، بالإضافة إلى توضيح الضمانات التي اتخذتها مصر لضمان الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة ﺑﻤﺎ في ذﻟﻚ اﻟﺤﻖ في اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﺤﺎم، واﻟﺤﻖ في ﻋﺪم اﻹﻛﺮاه ﻋﲆ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ أو اﻟﺸﻬﺎدة ﺿﺪ أﻧﻔﺴﻬﻢ، واﻟﺤﻖ في اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ الخارجي، واﻟﻤﺜﻮل ﺳﺮﻳﻌﺎً أﻣﺎما القاضي بعد اﻟﻘﺒﺾ على المتهمين، ومدى توافق هذه الإجراءات مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتحقيق في ادعاءات الاختفاء القسري والتعذيب للمتهمين.
أبرز الانتهاكات التي تعرض لها المتهمين:
أولا: القضية 451 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا (كتائب حلوان)
● الاختفاء القسري والتعذيب: ذكر التقرير أن 5 متهمين في القضية قد تعرضوا للاختفاء القسري من قبل ضباط وموظفي وزارة الداخلية لمدد تراوحت ما بين يومين وحتى شهرين، تعرضوا خلال هذه المدد إلى التعذيب الشديد عن طريق الضرب والتعليق في الحائط والصعق بالكهرباء.
● المنع من الزيارة: عقب إيداع المتهمين في عدد من السجون، تم منعهم من تلقي زيارة ذويهم ومحاميين، باستثناء متهم واحد تلقى زيارة واحدة بتاريخ مايو 2023، وهي الزيارة الأولى التي يتلقاها منذ أغسطس 2017.
ثانيا: القضية رقم 653ﻟﺴﻨﺔ 2021 (قضية الجوكر)
● الاختفاء القسري: ذكر التقرير أن 5 متهمين في القضية تعرضوا للاختفاء القسري بعد إلقاء القبض عليهم من قبل عناصر في الأمن الوطني، وذلك لمدد تراوحت ما بين شهر إلى شهرين، وجرى إخفاء اثنين منهم داخل مقار تابعة للأمن الوطني؛ بينما نُقل 3 آخرين إلى معسكر قوات الأمن بالجبل الأحمر.
● تجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي: قال خبراء حقوق الإنسان في التقرير أن الخمسة متهمين يخضعون الآن للحبس الاحتياطي لمدد تجاوزت مدة الحبس الاحتياطي القصوى المنصوص عليها في القانون المصري.
ثالثا: إتهام 6 مواطنين باﻹرﻫﺎب ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ رأﻳﻬﻢ على ﻣﻨﺼﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ الاجتماعي (184 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا):
ذكر الخبراء أنه في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها مصر، وارتفاع معدلات التضخم بشكل قياسي، وارتفاع الأسعار وتدني الأجور؛ اٌعتقل 6 من الأفراد الذين عبروا عن آرائهم بشأن هذه الأوضاع؛ وهم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻜﺮي ﺣﻠﻤ ﻲ أﺣﻤﺪ، وواﺋﻞ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ رﺿﻮان، وﻧﺎدر إﺑﺮا ﻫﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠ ﻲ، وﻋﺼﺎم ﻓﻮزي ﻋﺜﻤﺎن ﺣﺴﻦ، وأﻛﺮم ﻋﺰﻣ ﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ، وﺳﻴﺪ رﻣﻀﺎن ﺣﺴﻦ، وتم اتهامهم باﻻﻧﻀﻤﺎم وﺗﻤﻮﻳﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ، وإﺳﺎءة اﺳﺘﺨﺪام وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ الاجتماعي، وﻧﺸﺮ أﺧﺒﺎر ﻛﺎذﺑﺔ.
● الاختفاء القسري: تعرض هؤلاء الستة إلى الاختفاء القسري لمدد متفاوتة ما بين 3 أيام وحتى 40 يوما عقب القبض عليهم من قبل عناصر الأمن الوطني، حيث تم اخفاء 3 منهم داخل مقار تابعة للأمن الوطني، وواحد داخل مديرية أمن الإسماعيلية؛ بينما اثنين منهم داخل أماكن مجهولة.
نُبذة عن القضايا:
قضية كتائب حلوان: تعود وقائع القضية إلى عام 2014 عندما نُشر فيديو على شبكة الانترنت يُظهر مجموعة من الأشخاص الملثمين، يتحدث أحدهم عن ضرورة حمل السلاح للرد على انتهاكات الجيش والشرطة، وردا على استخدام قوات الأمن للعنف المفرط أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة. وعقب مرور اسبوعين قالت وزارة الداخلية أن جهاز الأمن الوطني ألقى القبض على ثمانية منهم؛ ثم توالت عمليات القبض على العشرات. وقد استمرت التحقيقات قرابة 6 أشهر حتى أحالتهم النيابة للمحاكمة في 19 فبراير 2015، واتهمتهم نيابة أمن الدولة العليا بعدد من الاتهامات من بينها تأسيس جماعة على خلاف القانون الغرض منها الإخلال بالسلم العام، والانضمام وقيادة تلك الجماعة، والشروع في قتل وحيازة أسلحة نارية.
قضية الجوكر: تعود وقائع القضية 1357 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا -المعروفة إعلاميا بقضية الجوكر- إلى سبتمبر 2019 على إثر خروج عدد من التظاهرات المناهضة للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بميدان الأربعين بمحافظة السويس، والتي دعا إليها المقاول محمد علي، وألقت قوات الأمن آنذاك القبض على عدد كبير من المتظاهرين، وأحالتهم إلى نيابة أمن الدولة العليا لاتهامهم بالتجمهر والإرهاب، ونشر الأخبار الكاذبة.