سلسلة عين على الانتخابات الرئاسية المصرية 2024/2023: الطريق لقصر الاتحادية (١)

 مقدمة:

تستهدف هذه السلسلة رصد الانتخابات الرئاسية المصرية في دورتها( 2024-2023) بمقارنتها بالمحددات الدستورية والقانونية الضامنة لسير استحقاق هام بحجم الانتخابات الرئاسية – لشغل المنصب الأعلى في هرم الجمهورية المصرية، والسلطة التنفيذية- إلى جانب تتبع أداء أجهزة الدولة ذات الصلة بتسيير العملية الانتخابية، ووفائها بالتزاماتها تجاه هذا الحدث، وكذلك السياق الراهن الذي تعمل فيه هذه العملية الانتخابية.

تغطي هذه السلسلة مراحل الانتخابات الرئاسية، بداية من مرحلة جمع التوكيلات الرئاسية، وحتى المحطة الأخيرة في هذا السباق، وهي تتويج الفائز برئاسة الجمهورية. وترجع أهمية هذه السلسلة لمحدودية أعداد الجهات المراقبة على الانتخابات، سواء كانوا مراقبين محليين أو دوليين، وهو ما يتطلب تتبع ورصد آنى في ضوء السعي لتقييم مدى الالتزام بحكم القانون والدستور وحياد أجهزة الدولة تجاه العملية السياسية الانتخابية.

المحتويات:

١- انتخابات جديدة وتحديات أكبر بطلها الاقتصاد

٢- مرحلة التوكيلات الرئاسية: البحث عن قواعد انتخابية بالإكراه

  • أولا: الهيئة الوطنية للانتخابات
  • ثانيا: وزارة الداخلية
  • ثالثا: حزب مستقبل وطن
  • رابعا: مؤسسات الدولة الأخرى

٣- خاتمة

 

انتخابات جديدة وتحديات أكبر بطلها الاقتصاد

فاز الرئيس عبد الفتاح السيسي في انتخابات عام 2014-الأولى له- بأغلبية ساحقة وصلت إلى  97% من أصوات الناخبين، ولمدة أربع سنوات رئاسية بحسب دستور عام 2014، والذي كان يتيح للمرشح الفائز بشغل المنصب لفترتين فقط، أي أن المدة الرئاسية من عام 2018 لعام 2022، هي الأخيرة له. ليأتي تعديل الدستور في 2019 ليُتيح للرئيس السيسي بالترشح لفترة ثالثة، ما يعني شغله لفترة رئاسية ثالثة تمتد حتى عام 2030.  لم يلق الرئيس الحالي عبد الفتاح السياسي منافسة تُذكر في انتخابات 2014، والتي أعلن وقتها التخلي عن منصبه كوزير للدفاع ليتمكن من المنافسة على منصب رئاسة الجمهورية.

أتت انتخابات 2018 بزخم أكبر نسبيا، على خلفية تنامي انتقادات واضحة لإدارة الملفات السياسية والاقتصادية في البلاد، والتي كانت تُنذر بعواقب كارثية في المستقبل في حال استمرارها، واستمرار القيادة السياسية الرافضة للتراجع عنها. بدى هذا الزخم في ظهور مرشحين جادين ومنافسين للرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي كان أشهرهم حينها المرشح الرئاسي خالد علي، والذي اضطرت حملته الرئاسية آنذاك إلى إعلان الانسحاب اعتراضا على الممارسات القمعية للسلطة، وايثارا لسلامة أعضائها، بالإضافة إلى تدخل المؤسسة العسكرية بشكل واضح للعلن في خلفية الانتخابات -للمرة الأولى ربما- بمحاكمة اثنين من المنتسبين لها كانا قد أعلنا ترشحهما للانتخابات وجرى حبسهم عبر محاكمات عسكرية، بالإضافة لتحييد مرشح آخر  وهو رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق بممارسة ضغوط كبيرة عليه للتراجع عن موقفه من الترشح، وبناءا عليه خلت الساحة تماما من أي مرشحين منافسين للرئيس السيسي، وقد أفضى كل هذا إلى مشهد انتخابي هزلي فاز فيه السيسي للمرة الثانية بأغلبية كاسحة وصلت إلى 97% من الأصوات.

بعد انتخابات 2018، توسعت سياسات نظام السيسي الاقتصادية في احتكار صنع القرار مع غياب آليات الرقابة والمساءلة من أي نوع، والتوسيع في نمط من التنمية الاقتصادية غير المستدامة، مع الإصرار على المضي في مشروعات غير ذات جدوى، ما انتهي لأزمة اقتصادية عنيفة وغير مسبوقة في التاريخ المصري البعيد، إذ بلغ حجم الاقتراض الخارجي 165 مليار دولار، وانهارت العملة المحلية مع ارتفاع تاريخي في التضخم وصل إلى 40.3 في المئة على أساس سنوي، مع توقعات بزيادة نسب الفقر في مصر لتصل إلى 35.7% في عام 2022\2023، وهو ما كان سببا في تراجع القدرة الشرائية للمصريين، وزاد من الأعباء الإقتصادية عليهم وأدى إلى تغيرات طبقية عنيفة.

زادت هذه الأزمة من السخط الشعبي تجاه القيادة الحالية وإدارتها للملفات الاقتصادية، والتي ضٌحي في سبيل تحقيق نجاحات اقتصادية وفقا لها بالحقوق السياسية. دفع الوضع الحرج للاقتصاد لتعالي أصوات عديدة مطالبة بتغيير نهج الحكم الحالي، من بينهم شخصيات سياسية محسوبة على النظام الحاكم، كما انطلقت دعوات كثيرة من الأحزاب السياسية والشخصيات العامة إلى ضرورة فتح المجال العام السياسي وتغيير الأوضاع القائمة إلى أخرى أكثر انفتاحا وأقل انتهاكا لحقوق الإنسان، والحق في العمل السياسي وحرية الرأي والتعبير، وجاءت هذه الأصوات محملة بالكثير من الآمال نظرا لخطورة الوضع الحالي على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

من جهة السلطة الحاكمة، أدى الخوف من تداعيات الأزمة الاقتصادية بجانب ما يبدو أنه محاولات لتحسين صورة النظام أمام الحلفاء الدوليين والمؤسسات المالية، إلى عدد من المحاولات التي بدت في ظاهرها محاولات للإصلاح، فتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ثم تفعيل لجنة العفو الرئاسي، وأخيرا دعوة الرئيس السيسي لحوار وطني في أبريل 2022.

إلا أن أداء المؤسسات الأمنية لم يشهد تغيرا على خلاف المرجو، والمطلوب من الفرقاء في جلسات الحوار الوطني مع مؤسسات الدولة. على صعيد الحالة الحقوقية، لم تظهر أي ثمار للاستراتيجية الوطنية حتى الآن، مع تباطؤ وتيرة عمل لجنة العفو الرئاسي خلال العام الأخير، في مقابل تزايد نسبة استدعاء سجناء سابقين ووضعهم قيد الاحتجاز مجددا في مقابل الأعداد المفرج عنها.كان تعويل الفرقاء السياسيين الأكبر على الحوار الوطني، والذي وعد رئيس الجمهورية بنفسه بالتصديق على توصياتها النهائية؛ إلا أن الحوار توقف قبيل الانتخابات، واقتصرت مناقشاته على محاولة تعريف الخطوط العامة للقضايا التي سيتم نقاشها في المستقبل، دون الولوج فيها بشكل معمق وجاد.

شملت المرحلة الأولى مفاوضات من قبل الفرقاء السياسيين بغرض لفت نظر المسؤولين الدولتيين لإشكاليات بحاجة للحل والحسم بشكل عاجل خاصة مع قرب موسم الانتخابات، والذي يعنى تعبئة المواطنين للمشاركة في الانتخابات، وهي الإشكاليات التي تتناقض مع المتوقع من مناخ انتخابات رئاسية؛ مثل الاختفاء القسري، والتعذيب، والإفراج عن السجناء السياسيين. رفضت أجهزة الدولة الاعتراف بوجود ممارسات مثل الاختفاء القسرى والتعذيب، في حين لم تعط إجابات واضحة لمطالب غلق ملف السجناء السياسيين على صعيد توقيت تصفيته، أو الشروط المطلوبة للإفراج عن السجناء، أو المسوغات لبقاء هذا الملف مفتوحا، واستجابت لمطالب نقاش ملف الحبس الاحتياطي والتوسع في هذا الإجراء بترحيل النقاش حوله للجولات المقبلة من الحوار، غير معلومة الأجل.

على كل حال، انتهى الحوار الوطني لسلسلة من التوصيات المحدودة، والتي رُفعت بالتبعية لرئاسة الجمهورية لاعتمادها- على النحو المتفق عليه في بداية الحوار- إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ ولم يرد أي معلومات عنها حتى تاريخ كتابة هذه السطور.

 

مرحلة التوكيلات الرئاسية: البحث عن قواعد انتخابية بالإكراه

وفقا لقانون الانتخابات المصرية، وتوجيهات اللجنة العليا للانتخابات، فقد أٌعلن عن فتح الباب لجمع التوكيلات الرئاسية للمرشحين الرئاسيين في الفترة من 25 سبتمبر وحتى 14 أكتوبر. وقد رُصدت عدد من المخالفات القانونية، والانتهاكات التي تقضي على قواعد النزاهة والحرية والشفافية في هذه الانتخابات من المنبع، والتي تُنذر باحتمالات قوية لخروج مشهد انتخابي لا يختلف عن انتخابات 2018. تصدرت بطولة المشهد، والافتئات على قواعد النزاهة والحرية عدد من القوى المسحوبة على النظام الحالي، وأجهزة الدولة التنفيذية، وهي (الهيئة الوطنية للانتخابات، ووزارة الداخلية، وحرب مستقبل وطن، ومؤسسات الإعلام).

أولا: الهيئة الوطنية العليا للانتخابات 

تُعد الانتخابات الرئاسية الحالية (2024-2030) هي الاختبار الانتخابي الرابع للهيئة الوطنية للانتخابات بعد تأسيسها في 2017، والتي تولت الرقابة على ثلاث انتخابات سابقة، وهي الانتخابات الرئاسية لعام 2018، والانتخابات البرلمانية لمجلسي النواب والشيوخ في عام 2020.  أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في الخامس والعشرين من سبتمبر 2023 عن الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية المزمع إقامتها في ديسمبر من العام الجاري، والتي عكس أدائها تحيزا واضحا لصالح بعض المرشحين في مقابل البعض، وغياب كبير للمهنية، وهو الأمر الذي وضع نزاهة هذه المرحلة من الانتخابات على المحك، وبالتبعية حدد نتيجة الانتخابات المقبلة، لتقليمه الانتخابات من المنبع.

وانطوى الجدول الزمني المعلن على عدد من المشكلات، كان أولها هو قصر مدة جمع التوكيلات التي امتدت من 25 سبتمبر وحتى 14 أكتوبر، وهي المدة التي مثلت تعجيزا للمرشحين الراغبين في خوض العملية الانتخابية نظرا لكونها مدة غير كافية لتواصل مرشحي الرئاسة مع المواطنين-والذين يخوضون الانتخابات بشكل فردي، دون دعم حزبي- وإقناعهم بتحرير التوكيلات المطلوبة، خاصة مع القيود القانونية والفعلية على حريات الاجتماع والتنظيم، وجولات المرشحين عبر محافظات الجمهورية .

ثاني هذه الإشكاليات كان تخصيص عدد 217 من مكاتب الشهر العقاري لتحرير التوكيلات وهو عدد قليل جدا مقارنة بعدد مكاتب الشهر العقاري المخصصة لانتخابات عام 2018 البالغ عددها 389. سهلت قصر مدة عمل التوكيلات بالإضافة إلى تقليل عدد مكاتب الشهر العقاري السيطرة الأمنية عليها وإعطاء الأفضلية للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

كذلك ارتكبت حشود من المواطنين المجبرين على المشاركة بجانب عدد كبير من البلطجية عدد من الاعتداءات على راغبي عمل التوكيلات للمرشحين الآخرين، بجانب حرمان المواطنين من دخول مكاتب الشهر العقاري. وقد وثق نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي عددا كبيرا منها، دون تدخل من قوات الأمن والشرطة لمنع هذه الاعتداءات، مما دفع كل من أحمد الطنطاوي، وجميلة اسماعيل، مرشحي الرئاسة المحتملين آنذاك، لإصدار بيانات، وطلبات موجهة للهيئة الوطنية للانتخابات.

كان رد الهيئة العليا للانتخابات على هذا هو الرفض القاطع لوقوع أية انتهاكات تشوب عملية جمع التوكيلات، وأن ما أثير عن منع المواطنين من تحرير التوكيلات “لا يعدو كونه ادعاءات كاذبة لا ظل لها في الحقيقة أو الواقع”، وعلى مستوى آخر، منعت الهيئة العليا للانتخابات كل من مسؤول اللجنة القانونية لحملة الطنطاوى ومنسق الحملة محمد أبو الديار من دخول مقرها لتقديم شكاوى، وعدد من الفيديوهات يُفيد بوقوع انتهاكات تخص عملية تحرير التوكيلات، ووجه لها الطنطاوي رسالة أخرى في وقت لاحق دون تلقي أي ردود.

وحتى بعد انتهاء الرئيس السيسي من جمع مليون و130 ألف توكيل وإعلانه الترشح رسميا، ظلت مكاتب الشهر العقاري مغلقة أبوابها في وجه مؤيدي الطنطاوي الراغبين في تحرير التوكيلات بحجة تعطل النظام الالكتروني لعمل التوكيلات، ورفض عدد كبير من مكاتب الشهر العقاري تحرير التوكيلات لطنطاوي، والمثير للدهشة أنه في ذات الأثناء أعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر أحد  المحسوبين على النظام السياسي الحاكم، وكان من بين 100 عضوا عينهم الرئيس السيسي في مجلس الشيوخ، أنه بصدد تقديم أوراق ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية بعد أن جمع 68 ألف توكيلا شعبيا بواسطة نفس مكاتب الشهر العقاري التي كانت تدعي أن النظام الالكتروني لتحرير التوكيلات معطل. لا تنصب مسؤولية ضمان جهوزية النظام الالكتروني لمرحلة التوكيلات الرئاسية على عاتق الهيئة الوطنية للانتخابات وحدها، لكنها تقع بالمثل على وزارة العدل ممثلة في مساعد وزير العدل لشؤون الشهر العقاري، والذي يضعهم في حيز التقاعس عن العمل.

وفي سياق متصل، كانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد أصدرت قرارين بالموافقة على عدد من الجمعيات والجهات الإعلامية الموالية للسلطة الحالية للمراقبة على الانتخابات الرئاسية 2024، وفي الوقت نفسه استبعدت الهيئة جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية، التابعة لرئيس حزب العدالة والتنمية، والبرلماني السابق، محمد أنور السادات، من الإشراف والمتابعة على الانتخابات، واكتفت بإعطاء الموافقة “للجمعيات والمجالس الصديقة والمتعاونة”، بحسب تعبير بيان أصدرته جمعية السادات. يأتي ذلك دون بيان الهيئة للمعايير التي تم بناء عليها منح بعض الجمعيات ترخيص بالمراقبة في مقابل استبعاد البعض ممن يعملون وفقا لمظلة القانون والدستور، ولم تثبت إزاءهم أي مخالفات أو أحكام قضائية تخل بمحددات النزاهة وما شابه.

ثانيا: وزارة الداخلية

تقليديا، تنصب مهمة وزارة الداخلية في مرحلة الانتخابات بالأساس على تأمين مقرات الاقتراع-وهي المرحلة الأخيرة من عملية الانتخابات- مع تأمين المقرات الرئيسية ذات الصلة مثل مقر الهيئة الوطنية العليا للانتخابات؛ إلا أن مرحلة التوكيلات الرئاسية للانتخابات الحالية، شهدت ظهورا مبكرا لقوات الشرطة وعناصر وز ارة الداخلية، وممارسات خارج القانون مع بدء السباق الانتخابي. فقبيل بدء المرحلة الانتخابية وعقب إعلان السياسي والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية، ألقت قوات الأمن القبض على عدد من أقاربه وأعضاء حملته الانتخابية، كوسيلة للضغط عليه للانسحاب من السباق الرئاسي.

ثم ازدادت وتيرة حملات القبض على أعضاء الحملة الانتخابية أثناء مرحلة جمع التوكيلات، حتى وصل عدد المقبوض عليهم حتى الآن إلى 128 عضوا بحسب بيان رسمي صادر عن أحمد الطنطاوي، تم التحقيق معهم جميعا أمام نيابة أمن الدولة العليا وحبسهم على ذمة 7 قضايا، واتهام البعض بالانتماء إلى جماعة إرهابية ،وبالتوازي مع الحملات الأمنية الممنهجة على حملة الطنطاوي الانتخابية، دون تعقيب أو رد من الداخلية لدحض هذه الادعاءات أو توضيحها. كشف مختبر Citizen Lab أنه تم التجسس على هاتف الطنطاوي عبر سلسلة من الهجمات في الفترة بين مايو وسبتمبر 2023، وجرى ذلك بإستخدام برنامج تجسس يدعى Predator، وهي برمجة تم تطويرها بواسطة شركة مقدونية وتعمل بشكل أساسي من إسرائيل والمجر، ما يُعد خرقا للخصوصية ويتعارض مع قواعد قانون جرائم تقنية المعلومات المصري بعدم اختراق الحسابات الخاصة لآحاد الناس.

وعلى صعيد آخر، عملت الأجهزة الأمنية منذ أغسطس الماضي على جمع بطاقات الرقم القومي من العاملين في الجهاز الإداري للدولة بجانب إجبار الجمعيات والنقابات وأصحاب المحال التجارية وسائقي التوك توك وعمال المصانع ومواطنين بسطاء، من أجل إعداد قوائم مفصلة لهم وضمان مشاركتهم وتوزيعهم الجغرافي، عبر تهديدهم بالفصل من عملهم دون إمكانية الطعن أمام القضاء الإداري، واستغلال لحاجتهم الاقتصادية، غير عابئة بتذمرهم أو مخالفة ذلك لإرادتهم. بجانب هذا،كان لوزارة الداخلية دورا آخرا في فترة تحرير التوكيلات وهو التواجد بكثافة نسبية غير معتادة أمام مكاتب الشهر العقاري، والتي قامت بالفعل بتهديد المواطنين الراغبين بعمل توكيلات لشخصيات معارضة، أو لضمان منع دخولهم مكاتب الشهر العقاري.

تمخض عن كل تلك الإجراءات توافد حشود كبيرة من المواطنين ممن أجبروا على المشاركة إلى مكاتب الشهر العقاري جنبا إلى جنب مع عدد كبير من البلطجية بُعيد إعلان الهيئة العليا للانتخابات الجدول الزمني بدقائق فقط، ونتج عن هذه الحشود سلسلة من الاعتداءات على راغبي عمل التوكيلات للمرشحين أحمد الطنطاوي، وجميلة اسماعيل ومنعهم من تحرير التوكيلات، دون تدخل من قوات الشرطة لمنع هذه الاعتداءات، بجانب إشغال مكاتب الشهر العقاري لأطول فترة ممكنة.

ثالثا: حزب مستقبل وطن

يُعد حزب مستقبل وطن بشكل ما- الحزب الرسمي للنظام الحالي- والذي  تأسس في عام 2014  برعاية واضحة من أجهزة الدولة الأمنية، والذي حظى بالأغلبية الانتخابية في انتخابات 2015 و2020 على التوالي. قد يُفسر ذلك ظهور الحزب بشكل واضح في مرحلة التوكيلات منذ اللحظة الأولى لإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن فتح باب تحرير التوكيلات الرئاسية، وعبر تنسيق مسبق مع المؤسسة الأمنية، قاد حزب الأغلبية في البرلمان المصري والذراع المدني للسلطة السياسية الحالية سلسلة من الحشود أمام مكاتب الشهر العقاري لإحداث ازدحام على مداخل المكاتب لمنع أية مرشحين آخرين من التمكن من تحرير التوكيلات، واستمرت هذه الحشود حتى بعد إعلان انتهاء السيسي من جمع توكيلاته وحصوله على مليون و130 ألف توكيلا على الرغم من عدم حاجة الرئيس الحالي لأكثر من 25 ألف توكيل بحسب ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات.

بالتوازي مع عمل وزارة الداخلية على تجميع بطاقات موظفي الدولة وأصحاب المحال التجارية، عمل حزب مستقبل وطن على جمع أعداد كبيرة من الأهالي عن طريق تخصيص أتوبيسات نقل وسيارات ميكروباص لنقل المواطنين من أماكن إقامتهم لمكاتب الشهر العقاري، إضافة لاستخدام الحزب المال السياسي بغرض استقطاب الفئات الأكثر فقرا لتحرير توكيلات للرئيس السيسي وإحداث الزحام، مستغلا حاجة الناس الاقتصادية في الأوضاع الراهنة.

تراوحت قيمة الرشاوي الانتخابية-حسب الشهادات المجمعة- من منطقة إلى أخرى، ما بين مقابل مادي بلغ 200 جنيه (6.67 دولار) في بعض المناطق للفرد، وبين دعم عيني في شكل شنط مدرسية، ودعم غذائي في شكل كراتين مواد غذائية، بالإضافة إلى الضغط على المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة لإجبارهم على تحرير توكيلات للرئيس عبد الفتاح السيسي، في مقابل استمرار الإعانة الشهرية للأسرة المستفيدة، والتي تصل لـ  650 جنيه مصري (21.06) دولار شهريا.

بجانب حشد المواطنين أمام الشهر العقاري كانت المهمة الثانية لأعضاء حزب مستقبل وطن هي فرض السيطرة والبلطجة على مكاتب الشهر العقاري، ومنع نفاذ مؤيدي الطنطاوي داخل المكاتب، وبلغت ذروة العنف الموجه ضد حملة الطنطاوي إلى محاولة التحرش والاعتداء على طنطاوي نفسه في محافظة الشرقية، ومنعه من دخول مكتب الشهر العقاري وتهديدة بعبارة لو بتحب الناس اللي معاك ما تخشش، وكان ذلك التهديد من قبل اثنين من قيادات الحزب في محافظة الشرقية.

تُخالف ممارسات التهديد من قبل حزب مستقبل وطن ووزارة الداخلية نص المادة الأولى من القرار رقم 7 لسنة 2023 بشأن القواعد والإجراءات المنظمة لتأييد المواطنين لراغبي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، والمادة 53 و 54 من الدستور المصري وأيضا المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

رابعا: مؤسسات الدولة الأخرى

تحظر الهيئة الوطنية للانتخابات في قرارها رقم 15 لسنة 2023 – بشأن ضوابط الدعاية الانتخابية- على شاغلي المناصب السياسية والإدارية العليا في الدولة الاشتراك بأي صورة من صور الدعاية في الانتخابات الرئاسية، وضرورة حياد المؤسسات الإعلامية والصحفية، وتأكيدها على حياد مؤسسات الدولة، ومع ذلك عمت حالة من الانحياز المطلق للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي جميع مؤسسات الدولة ضاربة بعرض الحائط قرارات الهيئة العليا للانتخابات، وكل القوانين والدستور والأعراف والمواثيق الدولية، رغم كونه من المفترض معاملته كمرشح محتمل، ومن قبل حتى بداية الحملات الرئاسية.

وكانت أول هذه الخروقات على يد رئيس الجمهورية نفسه، عبر إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية لفترة ثالثة في اليوم الأخير لجلسات  مؤتمر “حكاية وطن.. بين الرؤية والإنجاز” الذي استمر لثلاثة أيام، وأقيم في العاصمة الإدارية الجديدة لعرض إنجازات الرئيس، وشارك في المؤتمر وزراء الدولة وغالبية قيادات المؤسسات، والذين كان من ضمنهم مؤسستي الشرطة والجيش الذين من المفترض أن تكونا على الحياد التام خلال فترة الانتخابات الرئاسية، بجانب توزيع وزارة الزراعة لبعض السلع والمنتجات تحت مسمى”هدايا الرئيس.” وهو ما عنى أن كافة المشاركين ملتزمين بتأييد هذا الإعلان والاصطفاف حوله بمجرد حضورهم، بما فيها المؤسسات الدينية؛ بل وصل ذلك للإعلان الصريح في حالة البعض مثل الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الهيئة القبطية الإنجيلية و الأنبا بيمن، مطران قوص ونقادة ومقرر لجنة العلاقات العامة التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية والذين أعلنوا تأييدهم لترشح “السيسي” لفترة رئاسية جديدة لأنه “يضمن إرساء قواعد العدالة والحماية الاجتماعية”.

أما على مستوى السلطة التشريعية، أرسل البرلمان المصري برقية تأييد للسيسي عبر خلالها عن تأييد البرلمان الكامل لسياسات الرئيس الداخلية والخارجية، والبرلمان بحسب المادة 101 من الدستور المصري هو سلطة التشريع في الدولة ومن بين أدواره ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، ومن اللافت للنظر أن البرلمان الحالي يحتوى على ثلاثة أحزاب يخوض رؤسائها الانتخابات الرئاسية القادمة كمنافسين للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في الانتخابات القادمة، وهم رئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، ورئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، ورئيس الحزب المصري الديموقراطي فريد زهران.

وعلى المستوى الإعلامي هاجم الإعلامي وعضو البرلمان الحالي مصطفى بكرى والمؤيد بشدة للنظام الحالي أحمد الطنطاوي متهمه بالتخطيط مع جماعة الإخوان المسلمين من أجل عودتهم للمشهد السياسي، وهو ذات الاتهام الذي وجهه الإعلامي المؤيد للنظام أيضا نشأت الديهي لطنطاوي.

خاتمة

في ضوء الممارسات المرصودة بشأن مرحلة التوكيلات الرئاسية، لا يمكن اعتبار هذه الانتهاكات والمخالفات مجرد تجاوزات فردية أو تطوع بعض الأفراد لمجاملة النظام السياسي، إذ يشير ما ورد في التقرير إلى تعاون وتنسيق بين أجهزة الدولة وحزب مستقبل وطن لقطع الطريق أمام أي مرشحين، وهو ما يعني انتهاك شروط نزاهة وحرية الانتخابات في هذه المرحلة.

كان يتوقع أن تُسهم الانتخابات الرئاسية ومرشيحها في طرح حلول بديلة لانتشال البلاد من حافة الإفلاس الوشيك، توازيا مع فتح المجال العام-بمناسبة الانتخابات الرئاسية- بما يسمح من الاستفادة بكل الخبرات والأصوات الممكنة لعبور هذه المرحلة الدقيقة، خاصة في ظل إصرار القيادة السياسية الحالية على الاستمرار في النهج ذاته، وعدم طرحه لحلول يُمكن أن تبطئ من وتيرة الانهيار الاقتصادي.

 

ملحق

روابط لبعض فيديوهات انتهاكات مرحلة جمع التوكيلات الرئاسية

 

عنوان الفيديو الرابط
منع مسئولين بحملة الطنطاوي من الدخول للهيئة العليا للانتخابات لتقديم شكاوى انتهاكات التوكيلات https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid0fgQvr9zz5nwsdMSUGAU7vigp5LVCynsopVUE2NaP3nw6xuZB7hQzz3raBhk56gBNl
عشرات المواطنين يتوجهون للهيئة الوطنية للانتخابات للشكوى من منعهم من تحرير توكيلات https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid02AbSidZMFxymJFWeY2owFYrigeKFWYhNeDSizrZYDVmyENeCQvBhfVHUqe4rFcgUZl
تجميع توكيلات لحملة السيسي بالاحتيال https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid0on1vudMt5DS5EJqTYwk5haZ4hp8Tj8RKetEaMRJNEpfptKDrG8EPTDnVUUFt5HhGl
التوكيلات للسيسي بالأمر والتلقين في بني سويف https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid0VXJBrDmpZp2ZpXRtTxxdg6TfMjzdY6BDMpySU7GZX4nmUwTg9SfM91KArRLrSRGl
نقاش مواطنين مع موظفي الشهر العقاري https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid0ckbJ2F2YJmGpKxAGuQo8Azb5P7kkYtpeJeUxR4vtu2BDf3LB3MwpfEZcQbLXdGL5l
مواطنون يشتكون من تعطل النظام الالكتروني https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid01TEH9bNWKfYqTLiwzfX5qvEzkeMNMvp3eaKB5eFQcHEnp2xQLPe3fU9iDE5jXpCSl
غلق مكاتب الشهر العقاري في وجه المواطنين https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid02E2kapC6rQ9nCBQZezJTVfGHgeiZMPeixoKmZ2xu9ZdHUYBZw4vhaB8tR1Nofuqt3l
الاستعانة بالبلطجية لمنع المواطنين من عمل التوكيلات https://www.facebook.com/reel/6656888157763073
الاعتداء على أحد أعضاء حملة الطنطاوي في نجع الطويل بالأقصر

 

 

https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid02rTrkhcU7RV1GdLkB9MuWr4KpQ1z66uKSH83HyTqzYv1BDCzuTbD8e2PNVeSR3nsql
حصار الشهر العقاري بالبلطجية في الرحاب. https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid027AgUVU6LVVZ3W3WUU6djiKtjDpD9jkmxdEsXZcZ9CiVR7LzS4RxYxuYpE7fKdXbHl
تعرض شاب للضرب والسرقة أثناء عمله توكيل لأحمد طنطاوي https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid0kpmvfqwGPZe9LDKyJWHozCPRY13LRf7XyLCAFsF1x2bTX56MTUoS8qjDJnDpzwiVl
الاعتداء على حملة طنطاوي في بنها https://www.facebook.com/ahmed.wahba.1447/videos/247862667840376

 

 

 

 

ضع ردا

where to buy viagra buy generic 100mg viagra online
buy amoxicillin online can you buy amoxicillin over the counter
buy ivermectin online buy ivermectin for humans
viagra before and after photos how long does viagra last
buy viagra online where can i buy viagra