يُعد الحق في زيارة السجون ومقرات الاحتجاز وسائر المؤسسات العلاجية والإصلاحية أحد الآليات والصلاحيات الرئيسية التي منحها القانون رقم 197 لسنة 2017 -البند 16 من المادة 3 – للمجلس القومي لحقوق الإنسان بغرض تمكين أعضائه من مقابلة السجناء ونزلاء هذه الأماكن للتأكد بشكل شخصي ومباشر من أوضاع إقامتهم ومعيشتهم بشكل إنساني وحقوقي، على أن يكون ذلك مصحوبا بتوصيات وتقييمات لتحسين أوضاعهم، وكذلك تقارير تُرفَع لكل من النائب العام ومجلس النواب بخصوص هذه الزيارات.
يهدف هذا التعليق للتعقيب على أداء المجلس القومي بتشكيله الجديد منذ عام 2021 في ملف الرقابة على السجون باعتباره من أبرز الملفات الداخلة في اختصاص المجلس، ولكونه محل شكاوى متكررة من جانب مواطنين كثر، ودعاوى متزايدة حول تدهور لحقوق النزلاء والسجناء بهذه المقرات. يعتمد هذا التعقيب على التقرير السادس عشر للمجلس الذي يغطي الفترة من 2020 -2023 وفي ضوء مبادئ باريس بشأن المجالس المستقلة.
على خلاف المعتاد في مجهودات المجلس القومي لحقوق الإنسان في الأعوام السابقة من إصدار تقارير سنوية تغطي كل عام وأوضاع حقوق الإنسان به، فبتاريخ 3 سبتمبر 2023، نشر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريره السنوي السادس عشر عن حالة حقوق الإنسان في مصر، والذي يُغطي الفترة من 1 ديسمبر 2020 وحتى 30 مايو 2023، وهو تقرير مجمع للأعوام الثلاث.
- الزيارات:
على صعيد الزيارات التي قام بها المجلس في الفترة من 2021 إلى 2023 فقد أشار التقرير بشكل عارض ومقتضب إلى أن الزيارات كانت تتم على مستوى القيادات العليا للمجلس _ رئيس المجلس ونائبه _ بالإضافة إلى أعضاء المجلس والأمين العام والباحثين في الأمانة الفنية، دون تفصيل في أسماء الأعضاء والباحثين، على خلاف المعتاد في أعمال وزيارات المجلس السابقة التي كانت وفود الزيارات أكثر وضوحا فيها ومفصلة على نحو أكبر. وعلى خلاف المعتاد في السنوات السابقة لم يرد في فترة التقرير، السماح بأي زيارات أو قبول أي طلبات لزيارات من جانب منظمات حقوقية دولية أو محلية مستقلة لحقوق الإنسان لمقرات السجون، أو وجود ممثلين لها ضمن وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان في زياراته للسجون التي شملها التقرير السادس عشر.
فيما يخص توقيتات الزيارات، لا يتبع المجلس نمطا منتظما في زياراته للسجون، حيث لوٌحظ عدم انتظام زيارات المجلس للسجون في شهور أو أوقات محددة بالإضافة إلى عدم إصدار تقارير دورية منتظمة لمتابعة حالة السجون المصرية. وعلى صعيد أعداد الزيارات وتوزيعها على مقرات الاحتجاز فقد جاءت على النحو التالي، فقد شملت الزيارات في 2021 سجنين (2 سجن) من السجون القديمة هما سجن برج العرب وسجن دمو بالفيوم. وفي عام 2022 زادت الزيارات لتصل إلى 10 زيارات للسجون الجديدة أو مراكز التأهيل والإصلاح الجديدة، وقد ذكر التقرير مشتملات مرافق تلك المقرات الجديدة بشكل مجمع والتي تضمنت “(المستشفى – المساجد – القاعات الكنسية -قاعة الندوات – المكتبات – المطبخ – المخبز – مبنى الخدمات التعليمية والهوايات – مناطق الورش والمشروعات الإنشائية ..الخ). كما تضمنت كل زيارة مناقشات موسعة مع مسئولي قطاع الحماية المجتمعي، ومسؤولي مراكز التأهيل المستهدفة بالزيارة والتعرف على موقف الشكاوى التي تم تلقيها من نزلاء بالمركز” . وفي عام 2023 انخفضت زيارات المجلس مرة أخرى، حيث قام المجلس بزيارتين أحداهما لمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان بعد افتتاحه بخمسة شهور، والآخر للمؤسسة العقابية للأحداث بالمرج، ووفقا للتقرير فقد قام وفد المجلس بمعاينة العنابر ومراجعة إجراءات التأمين والمراقبة المستخدمة، والوقوف على عدم استخدام كاميرات المراقبة داخل زنازين السيدات بسجن العاشر من رمضان، وتفقد مرافق السجن. أي أن الزيارات لمراكز الإصلاح والتأهيل كانت بالأساس بالتزامن مع افتتاح هذه المقرات وللتعرف على مرافقها. أما على صعيد المؤسسات العقابية للأحداث بالمرج، فقد اقتصر تعقيب تقرير المجلس بخصوصها على حاجة المباني للتطوير، وعدم ملاءمة الورش لمعايير السلامة والصحة المهنية، ونقص عدد الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالمؤسسة، وأوصى المجلس بأهمية العقوبات البديلة في قانون الطفل.
على صعيد آخر، يٌلاحَظ قلة زيارات المجلس لسجون السيدات خلال الفترة من عام 2021 وحتى نهاية التقرير، حيث زار المجلس 3 سجون فقط للسيدات من أصل 14 زيارة، وهم مجمع تأهيل وإصلاح المنيا مركز 3 نساء، و مركز إصلاح وتأهيل القناطر نساء، بالإضافة إلى زيارة السجينات في مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان.
يختفي النصف الأول من عام 2023 من التقرير على صعيد قيام المجلس بأي نوع من الزيارات لمقرات الاحتجاز. كذلك لم يرد بالتقرير ما يٌفيد عقد أي مقابلات بين أعضاء وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان وبين أي من نزلاء السجون والمؤسسات العقابية للأحداث التي قاموا بزيارتها للتعرف على شكاياتهم وأوضاعهم. بالمثل، لم يرد بالتقرير ما يُفيد طلب أعضاء وفد المجلس أو قيامهم بالفعل بزيارة الزنازين والعنابر لمعاينة الأوضاع الفعلية المعيشية للسجناء والنزلاء أو السعى للقيام بهذه الرقابة الفعلية باعتبار أنها جوهر وهدف الزيارات المنصوص عليها قانونا للمجلس. يرتبط ذلك بكون الزيارات التي قام بها المجلس لهذه الأماكن قد تم في أوقات افتتاح هذه المقرات، حيث لم يتم شغل تسكين كامل هذه المقرات بالسجناء على نحو يسمح بالتعرف على التحديات والإشكاليات الواقعية بعد التشغيل الكامل لطاقة هذه المقرات.
يعكس ذلك بشكل ما امتدادا لإشكالية غياب صلاحية أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان الفعلية لعقد مقابلات مع نزلاء السجون على النحو الذي أشارت له بشكل واضح تقارير المجلس السابقة مباشرة على التقرير السادس عشر، حيث سعى المجلس السابق في زياراته السابقة لمقابلة السجناء، وزيارة العنابر والزنازين للوقوف على أوضاع السجناء والتحدث لهم بشكل حر؛ إلا أن إدارة السجون وقيادات الداخلية أبدت رفضا لذلك متمسكة بامتلاك النيابة لتلك الصلاحية وحدها، أو باشتراط الحصول أولا على موافقة النيابة العامة. وبرغم نص المادة الثالثة من قانون تنظيم المجلس القومي لحقوق الإنسان رقم 197 على أحقية المجلس بزيارة مقرات الاحتجاز لعقد مقابلات مع النزلاء؛ إلا أن النص يتعارض مع نصوص قانونية أخرى تُقيد منه وتفرغ من جدوى هذه الزيارات حيث قيد قانون السجون في المادة 73 بعد تعديله بموجب القانون رقم 106 لسنة 2015، زيارات المجلس القومي لحقوق الإنسان للسجون بضرورة أخذ موافقة مسبقة من النائب العام وفقا لما تحدده اللائحة الداخلية. وبالرجوع للائحة الداخلية للسجون نجد أن التعديل رقم 345 لسنة 2017، قد أضاف مادة جديدة(76 مكرر) لتنظيم عمل زيارة المجلس القومي لحقوق الإنسان لزيارات السجون ليقيدها مرة أخرى بالإحالة إلى المادة 42 من قانون تنظيم السجون والتي تنص على أن “يجوز أن تمنع الزيارة منعاً مطلقاً أو مقيداً بالنسبة إلى الظروف في أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.” بالإضافة إلى اشتراط المادة (بجانب أخذ الإذن المسبق من النائب العام) تحديد السجن المراد زيارته، وأسماء الزائرين من أعضاء المجلس، وأن يشمل طلب الزيارة المقدم إلى النائب العام أسماء المسجونين المراد زيارتهم، والغرض من الزيارة. في مقابل ذلك منح قانون تنظيم السجون الحق الكامل وغير المشروط لكل من النائب العام، ووكلائه، ورؤساء ووكلاء محاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية، وقضاة التحقيق، ورئيس ووكيل محكمة النقض، بالإضافة إلى مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، بالإضافة إلى المحافظين، والمديرين للإشراف على السجون وزيارتها في أي وقت، ودون الحاجة إلى موافقات مسبقة من أية جهة سواء إدارية أو قضائية.
يقوض ذلك سلطة المجلس في الرقابة على مقار الاحتجاز مقارنة بسائر مؤسسات الدولة، ويُصاحب ذلك عدم سعي المجلس للمطالبة بتعديل هذه النصوص القانونية لإزالة التعارض والتناقض بينها، وبين القانون التنظيمي للمجلس بما يُعيقه عن تنفيذ صلاحياته التطبيقية والفنية بشكل مستقل وحيادي وعلى النحو الذي تقتضيه مبادئ باريس للمجالس المستقلة.
كما ورد بالتقرير السنوي للمجلس- على غرار التقارير السابقة– مصاحبة وفد المجلس في زياراته لمقرات السجون بشكل مستمر بقيادات متعددة وعليا من وزارة الداخلية، وقيادات مصلحة السجون، وهو ما يعيق عن أداء مهام الرقابة بشكل طبيعي وبالمثل عن التواصل مع النزلاء والسجناء بفعل عامل القيادات العليا الموجودة بالفعل وبواقع الزحام، وهو ما أبدى المجلس السابق في زياراته المتعددة في الأعوام السابقة على 2020 تحفظات عليه حيث تسبب في إعاقتهم عن دخول كافة المرافق، والتواصل مع كافة العاملين والسجناء والمتواجدين في هذه المقرات، وهو ما لم يُشر له التقرير الأخير للمجلس الحالي بأي شكل من الأشكال، سلبا أو إيجابيا.
صورة من أحد زيارات المجلس القومي لمركز تأهيل العاشر نساء
لا يوضح التقرير السادس عشر خلال الفترة من 2020-2023 تركيبة وفد المجلس القومي في كل زيارة من الزيارات الأربعة عشر التي قام بها لكل مركز تأهيل أو سجن من السجون، بما فيها السجون/ مراكز التأهيل الخاصة بالنساء، للتأكد من وجود عناصر نسائية في وفد المجلس سواء كانت هذه العناصر على مستوى قيادات المجلس وتشكيله الحالي، أو على مستوى الباحثين، أو العاملين بالأمانة الفنية، بما يُساهم في التعرف على احتياجات النساء في هذه المقرات، ويعكس مراعاة لاحتياجاتهن.
في المقابل اكتفى التقرير بالإشارة بشكل عام ومجهل إلى أن الزيارات تضم وفد من قيادات المجلس -رئيسه ونائبه- والباحثين والأمانة الفنية، دون تضمين أسمائهم وشخوصهم تحديدا، وإن كانت تشكيلة هذا الوفد ثابتة في الزيارات الأربعة عشر أم صاحبها أي تغيير. بالمثل تعكس تركيبة الزيارات التي قام بها المجلس وفقا للتقرير السادس عشر تركيزه المتزايد على مراكز التأهيل والإصلاح الجديدة التي من المتوقع أن تحل محل السجون القديمة، في مقابل تراجع أعداد الزيارات للسجون القديمة بواقع سجنين فقط من الأربعة عشر زيارة، في حين أنها مازالت تمثل النسبة والعدد الأكبر من جسم المؤسسة العقابية في مصر.
زيارات المجلس القومي لحقوق الإنسان خلال عامي 2021 و 2022
- شكاوي المحتجزين:
يُسّقِطْ التقرير عام 2022 من مجهودات المجلس استقبال أي شكاوى أو طلبات بخصوص السجناء أو حقوق الاحتجاز، أو تقديم وإحالة بلاغات من جانبه لجهات الاختصاصات بشأن حقوق السجناء للنظر فيها وتحسين أوضاعهم، حيث ينقسم جهد المجلس الاستقصائي في استقبال الشكاوى والطلبات والبلاغات لمرحلتين زمنيتن فقط هم من ديسمبر 2020 – ديسمبر 2023، والمرحلة الثانية من يناير – مايو 2023. ما يجعل عام 2022، عام للفراغ في عمل المجلس الرقابي على السجون ومقرات الاحتجاز من جهة التحقيق والاستقصاء وفقا لأوراق المجلس وتقريره.
وفيما يخص شكاوى نزلاء مراكز التأهيل والمحبوسين احتياطيا التي وردت إلى المجلس في الفترة التي يغطيها التقرير السادس عشر، فقد ذكر التقرير أنه تلقى 2065 شكوى بخصوص السجناء والمحتجزين وأوضاعهم دون تحديد مراكز الاحتجاز التي وردت منها الشكاوى، ودون توضيح محتوى الشكاوى المقدمة من المحتجزين أو مقدمي هذه الشكاوى على خلاف المعتاد في عمل المجلس السابق، والذي كان يقوم بعرض محتوى بعض الشكاوى الواردة له حول أوضاع المحتجزين، ومقرات الاحتجاز الواردة منها الشكاوى، والحروف الأولى لذوي السجين مقدمي الشكوى.
أورد التقرير السادس عشر تقسيم الشكاوى الواردة بخصوص أوضاع الاحتجاز النحو التالي، حيث كان من بينهم 307 طلب خاص بالرعاية الصحية بنسبة 14 % من إجمالي الشكاوى، و 30 شكوى متعلقة بالزيارات بنسبة 1.4% من إجمالي الشكاوى، و94 تتعلق بادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة بنسبة 4.5 %، دون توضيح تفصيلي لمحتويات هذه الطلبات. وفيما يخص الردود والإيضاحات التي تلقاها المجلس من وزارة الداخلية والنيابة العامة، فقد تلقى المجلس فيما يخص الرعاية الصحية 109 ردا، وتلقى فيما يخص الزيارات 19 ردا، وتلقى 91 ردا فيما يخص ادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة. وبشكل إجمالي لا يٌمكن التيقن مما يعينه الرد في هذه الحالة بالنسبة لأصحاب الشكاية سواء بحل الشكاية أو إنتفاء سببها أو مجرد ورود رد إداري من جانب وزارة الداخلية لتقييده إداريا في مراسلات المجلس، أو إنكار وجود المشكلة من الأساس.
فيما لم يوضح المجلس في تقريره مصير الشكاوى التي لم يتلق ردا عليها، واكتفى بتأكيده على أن وزارة الداخلية والنيابة العامة هما الجهتين الأكثر ردا على بلاغات المجلس، وذلك في الوقت الذي يشير فيه التقرير بتلقيه ردودا من وزارة الداخلية بنسبة لا تتعدى 58%، وتلقيه ردودا من النيابة العامة بنسبة لا تتعدى 56 %، وهي نسب مرتفعة للغاية.
يأتي ذلك في الوقت الذي تُسجل فيه المنظمات الحقوقية العاملة في مجال حقوق الإنسان، والحسابات الشخصية لذوي المحتجزين والسجناء انتهاكات يتعرض لها السجناء بشكل مستمر تخص الظروف المعيشية والمنع من الزيارات والتريض والتعرض للمعاملة القاسية والمهينة داخل مقرات الاحتجاز، بما فيها في السجون الجديدة. فمنذ افتتاح مركز التأهيل والإصلاح بدر وثقت الجبهة تعرض النزلاء هناك لعدد كبير من الانتهاكات بحقهم، بالإضافة إلى تقدم عدد من أسر المحتجزين في سجن بدر 3 بشكاوى رسمية للمجلس القومي لحقوق الإنسان تتعلق بحرمان ذويهم من حقهم في الزيارة القانونية، ومنعهم من إدخال الطعام والكتب والملابس والأغطية وأدوات النظافة، وطالبوا المجلس بالقيام بزيارة خاصة لسجن بدر، للفصل في هذه الشكاوى والتأكد منها، وهو ما لم يظهر أي رد من المجلس معلن بخصوصه، على الرغم من مرور عامين على تواتر هذه الأخبار والشكاوي عن بدر، ولو على سبيل المتابعة لمقرات الاحتجاز الجديدة التي قام المجلس بزياراتها بالفعل عند الافتتاح والإطلاع على حالتها الإنشائية
تمتد الشكاية كذلك لحالة المحتجزات السيدات في مقرات الاحتجاز الجديدة مثل مركز الإصلاح والتأهيل للنساء بالعاشر من رمضان، حيث تتوافر شكايات حول محتجزات يعانين من ظروف صحية مرضية في مقابل إهمال طبي رسمي متعمد، دون أي رد أو تدخل يُذكر من المجلس في هذا الصدد. كما لا تقتصر هذه الشكاوى على المعاملة السيئة وسوء أوضاع الاحتجاز؛ ولكن تمتد بالمثل لتوارد أخبار عن سقوط قتلى وموتى في مقرات الاحتجاز والسجون دون وجود ما يفيد بتدخل المجلس لتقصي هذه الحالات والوقوف على أسباب وفاتها والمسؤولية عنها.
كذلك لا يُفيد تقرير المجلس السادس عشر بتوجيه نتائج الزيارات التي قام بها المجلس لمقرات الاحتجاز إلى مجلس النواب أو النائب العام على النحو الذي نص عليه القانون المنظم للمجلس والمنشأ له، لتعزيز المهام الرقابية. في حين اقتصرت ملاحظات المجلس على جودة المعايير الإنشائية لمراكز الإصلاح والتأهيل، والثناء على خطة وزارة الداخلية لرفع البنية الإنشائية للسجون ومرافقها، وفيما يخص المؤسسة العقابية بالمرج، فقد علق المجلس على حاجة المباني للتطوير، وعدم ملاءمة الورش لمعايير السلامة والصحة المهنية، ونقص عدد الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالمؤسسة، وأوصى المجلس بأهمية العقوبات البديلة في قانون الطفل.
خاتمة:
يعكس التقرير السادس عشر للمجلس القومي لحقوق الإنسان تراجعا كبيرا في مهام المجلس الرقابية على مقرات الاحتجاز والسجون بشكل كبير مقارنة بالمعتاد في نمط عمل المجلس سابقا والذي كان يتم بشكل سنوي مفرد لكل عام، وبشكل تفصيلي لنوعية الشكاوى والطلبات الواردة بخصوص مقرات الاحتجاز والسجون من المواطنين، بشكل يعكس جدية تعامل المجلس مع الشكاوى ويعزز ثقة المواطنين بها. وهو التراجع في الأداء الذي يعكس إشكاليات التشكيل الحالي للمجلس بما يهدد استقلاليته وكفاءته، وكذلك يعكس انحرافا كبيرا في عمل المجلس الرقابي والتفتيشي على جهات إنفاذ القانون لتحسين أوضاع حقوق الإنسان خاصة في مقرات تنفيذ العقوبات، وتراجع اهتمامه بإنجاز رقابة سنوية عن كثب على مقرات السجون والاحتجاز في مقابل تركيز المجلس على مهام أخرى على النحو الملاحظ في تقرير المجلس السادس عشر. كذلك يعكس تقرير المجلس ميلا لتجهيل قدر كبير من المعلومات حول أداء المجلس وأنشطته حول الرقابة عن السجون، ونوعية الشكاوى التي يتلقاها، وبالمثل نوعية الاستجابات الرسمية التي يتلقاها من جانب الداخلية والنيابة العامة بشأنها، بما يهدد قيم الشفافية والمحاسبية وإمكانية مراقبة أداء عمل المجلس، وبما يعكس تراجعا وردة عما اعتاد المجلس ذاته تنفيذه في السنوات الماضية.