اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في إنشاء هذه الصفحة على أربعة مقابلات عن بعد مع أهالي محتجزين سياسيين حاليين داخل السجن، إلى جانب عدد من المصادر الحقوقية والإعلامية الأخرى.
شهدت كتابة هذه الصفحة التعريفية صعوبات تتعلق بضعف المعلومات عند ذوي المحتجزين داخل سجن بدر3، ويرجع هذا إلى السياسة المتبعة من إدارة السجن، والمتمثلة في عزل السجناء تماما عن أهاليهم وعن العالم الخارجي، حيث تمنع إدارة السجن الزيارة عن الغالبية العظمى من السجناء فضلا عن قطع الاتصالات عنهم أثناء تجديد الجلسات إذا ما تحدثوا عن الانتهاكات التي يتعرضون لها.
بيانات السجن
أنشئ مركز الإصلاح والتأهيل بدر بموجب قرار وزير الداخلية رقم 2400 لسنة 2021، والذي نص في متنه على إنشاء ثلاثة مراكز كسجون عمومية لتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وفقا لأحكام القانون رقم 396 لسنة 1956، وهي (بدر ١ و٢ و٣). ويقع السجن بمراكزه الثلاثة في مدينة بدر على أطراف محافظة القاهرة في منطقة صحراوية بالقرب من منطقة صناعية، وعلى بعد 66 كيلو متر من ميدان التحرير بالعاصمة، وتبلغ مساحته 85 فدان، ويشمل المركز 3 مراكز للتأهيل\ سجون، ومبنى الاستقبال الرئيسي، ومركز طبي، ومسجد وكنيسة، ومجمع للمحاكم، ومنطقة استراحة العاملين ومنشآت أخرى خدمية.
وفقا لوزارة الداخلية فإن عملية بناء المركز جاءت وفق أعلى المعايير العالمية لحقوق الإنسان، بالتوازي مع إغلاق 3 سجون عمومية ليحل محلهم المركز/السجن، وسيتم تخصيص المركز/السجن للنزلاء المحكوم عليهم بمدد قصيرة، على أن يعمل المركز بإنارة طبيعية على مدار اليوم، ويوجد به مركز خاص للسيدات للتعليم والعمل الحرفي، كما أن المركز تتم إدارته بالتقنيات الحديثة من خلال مبنى القيادة المركزية.
سجن بدر 3
يختص مقر بدر 3 باستقبال السجناء السياسيين الإسلاميين بالإضافة إلى تخصيصه للسجناء المنقولين من سجن طرة شديد الحراسة “العقرب”، وفقًا لمصادر حقوقية وصحفية، واتفقت الشهادات الأربعة التي حصلت عليها الجبهة المصرية على أنه جرى نقل السجناء من سجني العقرب 1 و2 إلى بدر 3.
“السجن مقسم لثلاث قطاعات 1/2/3 السجن بيضم سجناء عقرب 1و عقرب 2.”
وفقًا لشهادتين لذوي سجناء من سكان القاهرة الكبرى، فإن الزيارة تشكل عبئًا ماديًا بالإضافة للمجهود البدني الهائل نظرًا لبُعد السجن عن العاصمة ومحال إقامتهم، فوفقًا لأحدهم فإن الذهاب للسجن يتطلب منها ركوب 4 مواصلات ذهابًا وإيابًا، وتحدثت الأخري عن التكلفة الكبيرة للذهاب بعربات مخصصة لعدم توافر مواصلات عامة تمكنها من الوصول لبوابات المركز التي تقع في مساحات نائية من بدر.
حالة الزنازين والعنابر والمرافق
لا يختلف سجن بدر 3 عن باقي السجون الجديدة من حيث التحكم الإلكتروني، حيث تكشف الكاميرات الموجودة داخل الزنازين جميع السجناء بالإضافة إلى وجود مكبرات صوت (ميكروفونات) للتحدث مع السجناء، وإيقاظهم في الصباح الباكر من خلالها، ويحتوي باب الزنزانة على فتحتين، الأولى هي نظارة الباب وهي مغلقة دائمة، والثانية أسفل الباب وتٌستخدم لكلبشة السجناء، حيث لا تسمح الإدارة بخروجهم من غرفهم بدون تقييد حتى أثناء الذهاب لجلسات المحكمة.
بجانب غلق نظارات الباب لمنع تواصل السجناء مع بعضهم البعض، تمنع الإدارة السجناء من الخروج للتريض أو الزيارات نهائيا -بما فيها التريض داخل العنابر- وترفض خروجهم لمكتبة السجن فضلا عن خروجهم لملاعب الكرة أو باحات السجن الخارجية في تعمد صارخ لعزل السجناء عن بعضهم البعض وعزلهم تماما عن العالم الخارجي.
“عارفة أن كل حاجة مغلقة عليهم وأنهم مابيخرجوش من الزنازين نهائي. سواء في مكتبة، ملاعب كورة أيا كان اللى بيكدبوا ويقولوا عليه دا لكن مابيخرجوش.”
بحسب شهادتين حصلت عليهما الجبهة، تختلف مساحات الزنازين، فبعضها يتسع لحوالي 9 أشخاص؛ بينما البعض الآخر يتسع لأربعة أشخاص فقط. وقارنت إحدى هاتين الشهادتين بين سجني العقرب وبدر 3، واعتبرت أن وجود شباك وحيد في نهاية الغرفة هو المصدر الوحيد لضوء الشمس مع وجود متسع في الزنزانة يسمح بالحركة داخلها ووجود مراتب ملقاة على الأرض وبعض من إجراءات التعقيم علامة على التحسن في الحياة المعيشية للسجناء في بدر 3.
بحسب شهادتين آخريتين فإن مياه الحنفيات داخل السجن لا تصلح للشرب بسبب كثرة شوائبها، وأشارت إحدى الشهادات إلى إحتمالية أن تكون مياه الصرف الصحي المعالج هي مصدر المياه داخل السجن، وبذلك يعتمد السجناء على شراء المياه المعدنية من كانتين السجن بأسعار مرتفعة جدا، حيث تقوم إدارة السجن وتحديدًا الأمن الوطني بتحديد الأعداد المسموحة منها لكل سجين والتي قد تصل إلى زجاجة مياه واحدة أسبوعيا.
“هم بيقابلوا ولادهم وبيخرجوا فبيقولوا. مش مسموح لكل واحد ألا ازازتين مياه يشتريها… طبعا معرفش الازازة دي قد ايه 600 مل 400 مل. بيسمحوا ب ازازتين. ومعرفش تمنها كام وهل معهم فلوس يشتروها ولا لأه. في ناس جوا في السجون معهمش، ما بيتحطلهمش أمانات، أهاليهم فقراء. ف بنبعتلهم واحد 500 جنيه. دول هيجيبولهم مياه بقى؟! من غير أكل ومن حاجة. آدي مشكلة مياه الشرب.”
يقدم السجن التعيين(الغذاء) للسجناء على شكل وجبات (وجبتين يوميا)، وأشارت إحدى الشهادات التي حصلت عليها الجبهة إلى رداءة جودة الطعام المقدم للسجناء، ومع ذلك تهدد إدارة السجن النزلاء الممتنعين عن أخذ التعيين بالحبس الانفرادي والتجريد، بالإضافة لقلة كميات الطعام. وفي وضع مثل هذا، ومع غلق الزيارات عن الغالبية العظمى من السجناء، وعدم السماح بدخول الطعام الجاهز من الخارج، يجد السجناء أنفسهم بين خياري كميات غذاء قليلة وبين شراء الطعام من كانتين السجن والذي يحتوى على منتجات محدودة بالأساس فضلا عن ارتفاع أسعاره بشكل كبير.
“عايشين على المياه المعدنية من الكانتين بس، مش متاح انه يجيب العدد اللي عايزه، لا ده ترفيه مفيش الكلام ده، الأمن الوطني كان بيحدد لهم الأكل اللي هيتعملهم في الكافيتريا مش هم اللي بيختاروا. وجودة الأكل كانت سيئة جدا جدا لو اعتمدوا عليه كانوا يموتوا ولكن لازم ياخدوه والا يتجرد أو يتحول تأديب. عدد الوجبات معرفش غالبا ممكن وجبتين”.
المراقبة الالكترونية
لا يختلف سجن بدر 3 عن غيره من السجون الجديدة، حيث تعتمد إدارته على استخدام تقنيات المراقبة الالكترونية الحديثة داخل الزنازين، حيث يوجد داخل الزنازين كاميرات مثبتة في الأركان تكشف جميع أركان الزنزانة، وتعمل على مدار اليوم في وجود كشافات ساطعة الإضاءة تعمل هي الأخرى على مدار اليوم لضمان عمل الكاميرات. بجانب ذلك يوجد داخل العنابر مكبرات صوت (مايكروفون) وتقوم إدارة السجن بإيقاظ السجناء في الصباح الباكر عبر هذه المكبرات.
بجانب الشعور بالمراقبة الذي يسببه عمل الكاميرات، تؤثر الإضاءة القوية على قدرة السجناء على النوم، كما تؤثر على الرؤية بالنسبة للمحتجزين المصابين بحساسية العين، وأجمعت الشهادات التي تحصلت عليها الجبهة من ذوي سجناء بدر 3 أنه وفقًا لما استطاعوا معرفته عن ذويهم فإن جزئية الإفراط في المراقبة، وتسليط الإضاءة والأصوات العالية عليهم مع عدم فتح باب الزنزانة على الإطلاق كانت من أكبر مسببات إحدى الإضرابات التي قام بها عدد من السجناء وتحدثت شهادة واحدة عن قيام بعض السجناء بتكسير الكاميرات الموجودة في زنزانتهم.
“كاميرات مراقبة 24 ساعة الناس مش عارفة تبدل لبسها… الإضاءة عالية جدا والشاشة صوت وصورة لدرجة انهم باعتين استغاثات عايزين سدادات أذن.”
الزيارات والمراسلة
لا تخضع الزيارات داخل سجن بدر 3 لقانون السجون واللائحة التنفيذية، حيث يُمنَع نزلاء السجن بالكامل من الزيارة في حين يمنح الأمن الوطني حق الزيارة لبعض الأشخاص بشكل انتقائي، فعلي سبيل المثال سمحت إدارة السجن للمحامي الحقوقي ومنسق رابطة أهالي المختفين قسريًا ابراهيم متولي بالزيارة للمرة الأولى في يونيو 2023 وذلك بعد نقله إلى السجن بعام.
واتفقت جميع الشهادات التي أجرتها الجبهة المصرية على حرمان ذويهم من حقهم في الزيارة، ويشكل الحرمان من الزيارة بجانب الحرمان من التريض وعدم فتح الأبواب مطلقا بالإضافة إلى سوء الأوضاع مع المراقبة الدائمة عزلا تاما للسجناء، والذي يعزون له خروج العديد من رسائل الانتحار من داخل هذا المقر تحديدًا.
“ممنوع الزيارة والتريض وممنوع كل حاجة هو أكتر كمان من السجون اللي كانت قبل كدا. زي ما بيقولوا أن هو بدر مكان جديد ومعد بشكل- لا خالص الوضع أسوأ بكتير جدا . نفس الوضع لا في تريض ولا زيارات ولا دخول حاجة حتى الأدوية….البيبان مابتتفتحش عليهم. حتى في العقرب الباب بيتفتح حتى يدولهم التعيين بتاعهم. فبيتشاف هو السجين حي ولا ميت لكن دا الباب مابيتفتحش نهائي هو معمول بتقنية جديدة بحيث يعرف يدخل الأكل من غير ما يفتح حتى الباب. طبعا كل المخالفات التانية ان احنا منعرفش عنهم أي حاجة في بدر. مع أن القانون يبقى في مكالمات ونعرف وضعهم ايه.”
وفي ذات السياق، تقدم عدد من أسر المحتجزين داخل السجن بشكوى رسمية للمركز القومي لحقوق الإنسان برئاسة مشيرة خطاب في سبتمبر 2022، وذكر في الشكوى حرمان ذويهم من حقهم القانوني في الزيارت، وحرمانهم من إدخال الكتب وأدوات النظافة والمستلزمات الشخصية والطعام، وذلك دون أية استجابة من المركز القومي أو من إدارة السجن.
وتسمح إدارة سجن بدر 3 أحيانا بإيداع الأهالي بعض الأدوية في شكل طبلية، وإيداع مبالغ مالية لبعض السجناء، ولا يعلم أهالي السجناء على وجه التحديد إذا ما تسلم ذويهم هذه الأدوية والمبالغ المالية أم لا، وتمنع الإدارة والأمن الوطني ما دون ذلك مثل الطعام، والمتعلقات الشخصية، وأدوات النظافة الشخصية، والكتب والمراسلات.
“كل اللي بقدر اعمله اني أوديله أدوية، الأكل والمتعلقات الشخصية ممنوعة يعني هو الصابون فقط اللوفة ممنوعة احنا مش بنبقي عارفين الحاجة وصلت له ولا موصلتش.”
شهادة 1
“آه لما عرفت أن بينقلوهم دلوقت. ما حنا بنودي دواء وفلوس كل شهر فهانودي على فين. قالوا لي بدر 3. روحت بدر 3 قالتلهم أجيب له الفلوس؟ عرفت أن في ناس راحوا حطوا فلوس في بدر 1 والفلوس ضاعت ومعرفوش يستردوها. قالولي حطي على العقرب 1 لحد ما نعمل لكم رقم. دلوقتي باحط على الرقم بتاعهم. بس لا أعرف الفلوس بتوصله ولا لأ، ولا اعرف هو عايش ولا لأ. ولا اعرف هو عيان بايه عشان أجيب له الدواء اللي يكون علاج له.”
شهادة 2
“العقرب كان بالنسبة له وبالنسبة لنا مقبرة بس كان ارحم من اللي احنا فيه دلوقتي هو حاليا مختفي منعرفش عنه حاجة المندوب بيخرج ياخد مننا العلاج وخلاص كده.”
شهادة 3
ويعاني أهالي السجناء من طول فترة الانتظار أمام السجن لإيداع الأدوية لذويهم، تحكي إحدى أقارب سجين حالي داخل بدر 3 عن هذه المعاناة للجبهة وتقول:
“احنا بنروح مثلا لو رحنا الساعة 7 أو 8 أو أيا كان على الساعة 10 ييجي يفتح الشباك.. ويقول بدر 3 يجوا يسجلوا الأسماء. يسجل الأسماء ويجيلنا بعد ما الجو يهوي شوية أما يفضوا يعني من بتوع الزيارات. كل مرة يأخرنا لـ 12، 1. مرة قعدت للساعة 3. لما جم خدوا العلاج.”
الفيديو كونفرانس
منذ إصدار وزير العدل القرار رقم 8901 لسنة 2021 في ديسمبر من العام 2021، أصبحت جلسات الحبس الاحتياطي، ومحاكم الجنايات تجرى عن طريق خاصية الفيديو كونفرنس لربط كل من القاضي، ووكلاء النيابة، والمحامين من جهة، والمتهمين داخل محبسهم من جهة أخرى، وذلك عبر شبكات تلفزيونية تربط كل منهما بالآخر.
ويقوض هذا النظام عمليا حقوق المتهمين من المثول أمام قاضيهم بصفة شخصية، بالإضافة إلى حرمانهم من التواصل الفعال مع القاضي والتحدث بشكل منفرد مع محاميهم، وأيضا صعوبة تحدث المحتجزين بشكل حر عن الانتهاكات التي يواجهونها داخل محبسهم، ورفض القضاة في بعض الأحيان سماع شكواهم، وتتضافر هذه الانتهاكات بالإضافة إلى تذرع مراكز التأهيل والإصلاح\السجون في أحيان كثيرة بعدم وجود إنترنت أو انقطاع الإتصال لتشكل نظاما سيئا في ما يتعلق بإجراءات التقاضي وضمانات المحاكمة العادلة.
وكانت الجبهة المصرية قد وثقت في وقت لاحق قيام المستشار وجدي عبد المنعم رئيس الدائرة الثالثة جنايات إرهاب بمقاطعة المحبوسين داخل سجن بدر 3 أثناء حديثهم عن الانتهاكات التي يتعرضون لها والتشويش عليهم وتجاهل شكواهم، بالإضافة إلى قطعه الإتصال عندما تحدث أحد المحبوسين عن حالة وفاة داخل السجن. أكد محامون للجبهة أن هذه الحادثة ليست منفردة بل تعد بمثابة فعل ممنهج للقاضي أثناء نظره في القضايا عبر هذه الخاصية.
تمنع إدارة سجن بدر 3 إجراء جلسات التجديد والمحاكمات عبر هذه الخاصية أيضا في الأوقات التي يتعرض فيها المتهمين للاعتداء أو التعذيب لمنع تداول أقوالهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتذرع بالأسباب التقنية لمنع انعقاد الجلسات.
الرعاية الصحية
حرصت وزارة الداخلية في دعايتها أثناء افتتاح مجمع سجون بدر على الحديث عن مستشفى السجن، والتأكيد على كماليته وجهوزيته العالية، حيث قالت الوزارة أن المستشفى يوجد به غرف لإجراء العمليات والأشعة والتحاليل، فضلا عن أماكن للغسيل الكلوي والطوارئ بالإضافة إلى صيدلية. وعلى الرغم من الجاهزية العالية للمستشفى داخل السجن؛ إلا أن إدارة السجن ترفض طلبات السجناء بالعرض على مستشفى السجن؛ بل ويصل الأمر إلى حد التعدي بالضرب والتعذيب على صاحب الطلب، حسب ما تحدثت به شاهدة للجبهة المصرية. وبحسب ذات الشهادة فإن إدارة السجن كانت تتجاهل شكوى المرضى بالعرض على مستشفى السجن أو تلقى العلاج، لينتهي الحال ببعضهم للوفاة بسبب تجاهل شكواه.
“اللي كان بيطلب الحاجات دي كان بيتعرض للتعذيب والضرب هو كان بيبعتلنا المشكلة مع المحامي وبنعرضها علي دكتور برا ونشوفله العلاج وكمان في ناس خدت أدوية غلط في السجن لما استجابوا لمطلبهم وكشفوا داخل السجن وفي اللي كانوا بيتجاهلوا شكوته لحد ما ينازع الموت وهو اصلا جسمه ضعيف مش هيستحمل تعذيب.
في شاب لسه ميت من اسبوعين اسمه اسلام عبد العظيم كان محتاج علاج وسابوه لحد ما مات جاتله سكتة قلبية. والدته راحت تزوره الصبح قالولها ابنك في المشرحة. في شاب كمان استشهد في بدر3 كان محتاج علاج واضرب ومات بقاله 15 يوم.”
كما تتعنت إدارة سجن بدر 3 في دخول الأدوية للسجناء ويتحكم الأشخاص المسؤولين عن إيداع الأدوية في دخولها من عدمه، ذكرت إحدي الشهادات أنها حاولت إدخال فيتامينات من قبل؛ ولكن رفض الشخص المسؤول وقتها دخولهم بينما سمح بدخول أدوية لسجين آخر بشكل انتقائي.
ووثقت الجبهة المصرية في وقت سابق وفاة ثلاثة مواطنين نتيجة الإهمال الطبي داخل سجن بدر 3، وهم السيد محمد عبدالحميد الصيفى، علاء محمد السلمي، ومجدى الشبراوى، وتوفي الأول بعد صراعه مع مرض سرطان الأمعاء بعد تجاهل إدارة السجن شكواه وطلباته بنقله إلى إحدى المستشفيات المتخصصة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة لحالته، أما علاء محمد فقد توفي على إثر إضرابه عن الطعام اعتراضا على سوء أوضاعه المعيشية، خسر خلالها عشرات الكيلو جرامات من وزنه، ولم تمنحه إدارة السجن الرعاية الطبية اللازمة وتوفى في نوفمبر 2022، وتوفى أيضا مجدي الشبراوي نتيجة الإهمال الطبي لحالته، حيث كان يعاني من الفشل الكلوي.
محاولات الانتحار داخل السجن
منذ إنشاء مراكز الإصلاح والتأهيل\السجون الجديدة لتكون بديلا عن السجون القديمة، تواترت الرسائل والتسريبات من داخلها، مشيرة إلى محاولات انتحار عديدة، ما يجعلها في عداد السابقة الأولى من نوعها في تاريخ السجون الحديثة. وللوقوف على اسباب إقدام السجناء على محاولات الانتحار يجب الالتفات إلى السياق العام الذي يدفعهم للإقدام على هذه الفعلة، فمع السياسة المتبعة لإدارة سجن بدر 3 والمتمثلة في منع الزيارات عن السجناء بالكامل مع رفض خروجهم للتريض، والعزل عن العالم الخارجي بشكل كلي، بالإضافة إلى سوء الرعاية الصحية، ومنع غالبية الدواء من الوصول إلى السجناء، بالإضافة إلى المراقبة الدائمة بفعل الرقابة الإلكترونية، فمع كل هذا القمع الشديد يمكن فهم أسباب إقدام السجناء على الانتحار.
في مارس من العام 2023، خرج عدد من الرسائل المسربة من داخل بدر 3 تفيد بإقدام عدد كبير من السجناء على الانتحار بسبب سوء أوضاعهم داخل السجن وتعرضهم للتعذيب الشديد، لتمنع إدارة السجن حينها تواتر هذه الرسائل عن طريق وقف جلسات تجديد الحبس الاحتياطي عبر خاصية الفيديو كونفرانس لجميع المسجونين، واستمر منعهم من الجلسات متذرعة بأسباب تقنية لمدة أسابيع.
مع استئناف الجلسات مرة أخرى لعدد من المتهمين أمام نيابة أمن الدولة العليا ومحكمة بدر، تحدث أحد المتهمين وأقر أمام نيابة أمن الدولة العليا بمحاولته الانتحار لحرمانه من رؤية أهله، والسماح لهم بزيارته، وأيضا بسبب التعذيب الشديد الذي يتعرض له داخل السجن، وفي ذات اليوم أقدم سجين آخر على الانتحار داخل حبسخانة نيابة أمن الدولة العليا، وذلك عن طريق تناوله لعدد كبير من أقراص عقار لمرض السكري، بالإضافة إلى ذلك تحدث عشرات المتهمين عن تعرضهم للتعذيب على يد إدارة السجن، والتجريد من ملابسهم والتعدي عليهم بالضرب، ومنعهم من الزيارة القانونية بشكل كلي، وتحدثوا عن إقدام عشرات السجناء على محاولات الانتحار، وذلك بسبب هذه الأوضاع القاسية التي يتعرضون لها.
الإجراءات العقابية ومعاملة المحتجزين بالسجن
تستخدم إدارة سجن بدر 3 ذات السياسات العقابية التي كانت متبعة في السجون القديمة، مثل الحبس الانفرادي والحرمان من الرعاية الصحية، بالإضافة إلى تغريب السجناء إلى سجون بعيدة وشديدة الحراسة، مع المنع من الزيارة والتريض. وتفرض عليهم سياسات صارمة تهدف إلى عزلهم عن العالم الخارجي تماما، وأيضا تمنع عنهم في بعض الأحيان تلقي العلاج من الخارج، بالإضافة إلى المراقبة على مدار اليوم، واستخدام كشافات عالية الإضاءة في الليل لمنعهم من النوم. كما تمارس إدارة بدر 3 التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة تجاه السجناء ردا على السجناء المضربين من أجل تحسين أوضاع معيشتهم. فوفقا لإحدى الشهادات:
“من وقت ما راح بدر3 منعرفش حاجة عنه والوضع جوا صعب. في شباب جوا عملوا إضراب اتكهربوا واتعذبوا عرفنا ده بشكل غير رسمي من زيارات الأهالي.”
وفي جلسة بتاريخ 13 مارس 2023 أمام محكمة الجنايات المنعقدة بمجمع محاكم بدر بخاصية الفيديو كونفرانس أفاد جميع المتهمين داخل سجن بدر 3 بتعرضهم للتعذيب على يد رئيس مباحث السجن ومأموره، بالإضافة إلى ضلوع أحد مساعدي وزير الداخلية في هذا التعذيب، كما أفادوا أيضا بتجريدهم من ملابسهم ومتعلقاتهم الشخصية، وتقليل كميات التعيين (الغذاء) المقدم لهم، وذلك كله بعد إضراب قام به السجناء للمطالبة بحقهم القانوني في الزيارة. وأفادت إحدى الشهادات للجبهة أن إدارة بدر 3 تقوم بتجريد السجناء فور دخولهم إلى السجن من جميع متعلقاتهم الشخصية بما في ذلك الأدوية التي بحوزتهم.
“في ناس شافوهم وهما بيترحلوا أثناء ترحيلهم من عقرب 1 لبدر 3، الرسائل اللي طلعت كانت صعبة جدا وانهم قاعدين بنفس اللبس اللي انتقلوا بيه.. والحاجات بتاعتهم اللي دخلوا بيها خدوها منهم والعلاج وكل حاجة اتاخدت.”
وتسير إدارة بدر 3 على خطى بدر 1 فيما يتعلق بتطبيق سياسات التغريب إلى سجون مشددة أو بعيدة، فقد وثقت الجبهة المصرية في وقت سابق تغريب أعداد كبيرة من سجناء بدر 3 المحكوم عليهم في قضايا النائب العام المساعد و123 عسكرية وكتائب حلوان، إلى سجن المنيا شديد الحراسة، و جمصة شديد الحراسة، ومركز التأهيل والإصلاح وادي النطرون 5، كما تم تغريب عدد من المحبوسين الاحتياطيين إلى سجن بدر 1 وتسكينهم في عنبر التأديب بالإضافة إلى حرمانهم من الزيارة.
أبرز المحتجزين السياسيين داخل سجن بدر 3
- ابراهيم متولي: محام حقوقي، ومنسق رابطة أسر المختفين قسريا، فقد ألقت قوات الأمن القبض عليه من مطار القاهرة في سبتمبر 2017، تم التحقيق مع متولي على ذمة القضية رقم 900 لسنة 2017، واتهمته نيابة أمن الدولة العليا بقيادة جماعة أسست على خلاف القانون، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، والتواصل مع جهات أجنبية، وقد أخلي سبيله عدة مرات؛ ولكن السلطات الأمنية رفضت خروجة وتم تدويره على ذمة عدد من القضايا. وعانى متولى على مدار سنوات من أوضاع احتجاز سيئة داخل سجن العقرب 2 سيئ السمعة، وجرى نقله إلى مركز الإصلاح والتأهيل\ سجن بدر 3 في عام 2022 ليلاقي ذات الأوضاع، حيث تحرمه إدارة السجن من حقه القانوني في الزيارة وسمحت له بزيارتين فقط بشكل انتقائي، وتمت الزيارت عبر الهاتف داخل كابينة ولمدد قصيرة جدا.