النساء في مراكز التأهيل الجديدة: مركز تأهيل العاشر من رمضان نموذجًا

اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان فى إنشاء هذه الصفحة التعريفية على ثلاث مقابلات عن بعد مع أهالى محتجزات سياسيات حاليين داخل السجن حيث أٌجريت المقابلات خلال شهري يناير و فبراير 2025، إضافة إلى مقابلتين مع مصدرين حقوقيين مطلعين على الأوضاع داخل السجن، إلى جانب عدد من المصادر الحقوقية والإعلامية الأخرى. 

 

بيانات السجن

أنشئ مركز إصلاح وتأهيل العاشر من رمضان بموجب قرار وزير الداخلية رقم 202 لسنة 2023 الصادر بتاريخ 7 فبراير 2023 والذي بموجبه أنشأت مراكز إصلاح وتأهيل العاشر من رمضان العمومية (1،2،3،4،5،6) ويقع السجن بمراكزه الـ 6 بمدينة العاشر من رمضان على أطراف مدينة بلبيس التابعة لمحافظة الشرقية، وعلى بعد 60 كيلو متر من ميدان التحرير بالعاصمة فى القاهرة، ويشمل المركز 6 مراكز تأهيل، ومبنى استقبال، ومركز طبي، ومسجد، وكنيسة، ومجمع محاكم، ومنطقة استراحة عاملين، ومنشآت أخرى خدمية.

وفقا لوزارة الداخلية فإن عملية بناء المركز جاءت استكمالا لمراحل المنظومة المستحدثة التى بدأت فى نهاية 2021 بإفتتاح مركزى وادى النطرون وبدر، وعلى حسب ما ورد على لسان مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، فإن تلك المنظومة قد حققت طفرة كبيرة فى تحول مفاهيم وأساليب السياسة العقابية فى مصر، بالتوازى مع إغلاق عدد 15 سجن تقليدي.

يختص مقر سجن العاشر 4 بإستقبال محتجزات من خلفيات متعددة بين السجينات السياسيات، والمحتجزات على خلفية قضايا جنائية، واللاتي نُقلن من سجن القناطر- نساء بعد إغلاقه، وذلك وفقا لبعض المصادر من المحاميّن الحقوقيين، وبعضا من ذوي المحبوسات داخل السجن.

ونظرا لغلبة الخلفية السياسية على سجينات العاشر من رمضان 4 يخضع السجن لإدارة الأمن الوطني والتي تمتلك كافة القرارات فيما يخص مسار الحياة اليومية للسجينات، وإمكانية التمتع بحقوقهن من عدمه. وذلك في مقابل تخصيص باقي قطاعات السجن الخمس لاحتجاز الرجال. 

ووفقا لشهادات أهلية المحتجزات من سكان الجيزة والقاهرة الكبرى، فإن زيارة المحبوسين تشكل عبئا ماليا إلى جانب المجهود البدني الذي يتعرضون له بسبب موقع السجن. يعود ذلك إلى بٌعْدّ المسافة عن العاصمة ومنازلهم، بالإضافة إلى عدم توافر مواصلات عامة تمكنهم من الوصول إلى السجن بسبب إنشائه في مكان نائي على طريق العاشر بلبيس، ما يجعلهم عرضة لاستغلال أصحاب السيارات الخاصة لدفع تكاليف باهظة في سبيل الوصول إلى السجن الذي يقع بعيدا عن خطوط المواصلات الرئيسية. 

الوقت اللى باخده من البيت للسجن حوالى 3 ساعات وحوالى 7 مواصلات. تكلفة المواصلات بتبقى كبيرة لكن أنا فى مرة حاولت أخد عربية لوحدي لقيت إن التكلفة هتبقى عالية جدا جدا جدا وفى نفس الوقت كنت كل ما اتفق مع حد يتحجج ان الطريق بعيد والسكة مكسرة  والطريق مش ممهد وفى بعض الاوقات فى ناس وصلتها لحوالى 2000 جنيه رايح بس.”

شهادة 2 

 

  • حالة الزنازين والعنابر والمرافق

يتألف مركز تأهيل العاشر من رمضان من ستة مبان كبيرة مفتوحة من الداخل على بعضها البعض، ويحتوي كل مبنى على أربعة طوابق. أما بالنسبة بالنسبة لمركز تأهيل النساء، فيضم ثلاثة أنواع مختلفة من الغرف، حيث يتميز كل نوع بتأثيث مختلف. النوع الأول منها يحتوي على ستة أسرة زوجية، أي تضم سرير علوي وآخر بالأسفل، وهي مصممة لاستيعاب إثني عشر سيدة محتجزة.

أما النوع الثاني من الغرف، فهو مصمم لاستيعاب خمسة عشر سيدة محتجزة، وتشمل أسرة مفردة، وأسرة مزدوجة (علوية وسفلية)، بحيث يكون لكل واحدة منهن سريرا خاصا بها، ويكون تأثيث الغرفة عبارة عن سبعة أسرة مزدوجة (مكونة من سرير علوي، وسرير بالأسفل)، وسرير واحد مفرد في الغرفة. 

أما النوع الثالث من الغرف، فهو مجهز بشكل خاص، ووفقا لشهادة أهلية المحتجزات، يتم تسكين فيها القادرات ماديا فقط، واللاتي يستطعن تحمل تكلفتها.

“كل واحد فى السجن بيقعد على حسب مقدرته المادية، في ناس بتكون مرتاحة في الغرف بتاعتها بتكون بشكل معين.”

شهادة 1

هما 6 مباني لـ 6 تأهيلات مفتوحين على بعض من جوه.كل مبنى 4 أدوار، عندهم 3 أشكال من الغرف. غرف فيها 12 سرير 6 تحت و6 فوق. وفي غرف 15 سرير، 7 تحت و 7 فوق و سرير لوحده فرداني، وفيه غرف اسبيشيال، لناس معينة فقط بيقعدوا فيها.”

شهادة 2

على حسب شهادة ذوي إحدى المحتجزات داخل سجن تأهيل العاشر، فهناك بعض العنابر التي تحتوي على غرف صغيرة جدا مصممة لاحتجاز إثنين أو ثلاثة فقط، والتي لا يُعرف كيفية استخدامها، لكن يُرجَح أن تكون مخصصة للدواعي.

“الغرفة صغيرة كانت شايلة 3 بس دلوقتي 2 والعنبر نفسه مصمم انه الغرف تكون صغيرة.”

شهادة 3

تعاني العديد من المحتجزات في حياتهن اليومية داخل سجن العاشر بسبب ظروف الغرف غير الملائمة، والتي تفتقد  لتجديد الهواء، حيث لا تنفذ أشعة الشمس للغرف إضافة لاتسامها بالرطوبة الشديدة. يؤدي هذا إلى خلق بيئة مثالية لنمو الفيروسات والأمراض الخطيرة التي تصيب المحتجزات، وتعرضهن لإنتقال الأمراض المعدية، وصعوبة التعافي منها. علاوة على ذلك تفتقر الغرف إلى العديد من المقومات الأساسية التي من شأنها تحسين الظروف الصحية مثل وسائل التهوية الجيدة والتدفئة والنظافة العامة.

” العنبر اللى هما كانوا فيه بيدخل هوا وبيكون برد ومفيهوش تدفئة جيدة ومش بيدخله أشعة الشمس.”

    شهادة 2

 

“قالت انها مش بتشوف الشمس في الزنزانة.”

شهادة 3

 

تتميز بعض الغرف داخل السجن بالبرودة الشديدة خلال فصل الشتاء بسبب غياب التدفئة، مما يؤثر سلبا على المحتجزات فى تلك الغرف. في المقابل، تتمتع غرف أخرى بتدفئة جيدة فى الشتاء حيث توفر ظروف احتجاز ومعيشة أفضل.

“الغرفة اللى هما كانوا فيها بيدخل لها هوا وبيكون برد، ومفيهوش تدفئة جيدة ومش بيدخله أشعة الشمس .لكن آخر زيارة ماما قالتلى ان هيا راحت اوضة كويسة تانية والتدفئة فيها مظبوطة.”

شهادة 2

ومن صور المعاناة التي تواجهها المحتجزات فى سجن العاشر من رمضان – تأهيل 4 هو؛ غياب المياه الصالحة للشرب في السجن، إضافة لغياب المياه الساخنة بشكل دائم إذ تعتمد المحتجزات بشكل رئيسي على تسخين المياه باستخدام كاتل صغير يتم شراؤه من داخل السجن حيث لا توجد أي مصادر أخرى لتوفير المياه الساخنة. يعكس ذلك سياسة رسمية ترى في المياه الساخنة حقا لمن يملك المال أو لمن يستطيع شراء الكاتل، بينما تظل المحتجزات اللواتي يعانين من الظروف المعيشية الصعبة أو ممن يجدن صعوبة فى توفير المال فى حرمان تام من المياه الساخنة أثناء فترة الشتاء القارس.

“لأ هو مفيش مايه سخنة بتنزل من الحنفية مباشرة، هو زي ما قلت قبل كده هو مسموح ليهم انهم يشتروا كاتل وهما بيستخدموه فى تسخين المايه.”

شهادة 2

لا يعتمد ذوو المحبوسات على طعام السجن بشكل كامل، حيث يقتصر الطعام المقدم لهن على وجبات محدودة تفتقر إلي أيا من التنوع والاحتياجات الغذائية الضرورية لصحتهن البدنية، فوجبة الإفطار اليومية تتكون من رغيف خبز، وصحن فول، ويقدم لهن يومي الثلاثاء والجمعة فقط بيضة واحدة لكل محتجزة.

أما بالنسبة لوجبة الغداء فتتكون بشكل يومي من كوب من الأرز المطبوخ مع نوع واحد فقط من الخضار، بالإضافة إلى أنه يتم تخصيص يومين بالأسبوع لتقديم 50 جراما من اللحم فقط لكل محتجزة. ونظرا لاتسام هذه الوجبات بالمحدودية والفقر، فهي تفتقر العناصر الغذائية الأساسية، ومصادر البروتينات والفيتامينات الأساسية التي تحتاجها كل محتجزة، مما يؤثر بشكل سلبي على صحتهن وقدرتهن البدنية أثناء فترة الاحتجاز، ويزيد من المخاطر الصحية المرتبطة بنقص التغذية السليمة، ويجعلهن فريسة أسهل للمرض داخل مقر الاحتجاز.

جدير بالذكر أن  بعض المحتجزات يكن اعتمادهن الكلي على طعام التعيين المقدم من السجن حيث لا تتوافر لهن القدرة المادية اللازمة للاعتماد على طعام خارجي من ذويهن، أو بسبب فساد الطعام أثناء تفتيشه من قبل إدارة السجن أثناء إجراءات دخوله.

“طبعا الاعتماد الكامل بيكون من أكل الزيارة. فى أوقات كتير مش بروح الزيارة بسبب القدرة المادية.”

شهادة 1

“أكل السجن مينفعش يكون الاعتماد كلي عليه، وجبة الفطار رغيف عيش + طبق فول لكن فى استثناء يوم الجمعة والثلاثاء بيكون معاهم بيضة مسلوقة. بالنسبة للغداء يومين فى الاسبوع 50 جرام لحمة وكوباية رز ونوع خضار.”

شهادة 2

بالرغم من الصعوبات التي تواجهها المحتجزات في الحصول على الغذاء المناسب لهن على مدار الشهر من طعام التعيين؛ إلا أن إدارة السجن تتعنت مع ذويهن، وتحدد كميات الطعام وتسمح بأنواع محدودة للغاية منه، والتي يمكن للأهلية إدخالها عن طريق الزيارة. بالإضافة إلى ذلك، فى بعض الأحيان يؤدي التفتيش إلى إفساد الطعام أثناء تفتيشه قبل تسليمه للمحتجزات.

“أنا مبقتش اودي لماما اى اكل عشان فى التفتيش كان بيتبهدل، فا بقيت باخد فاكهة معايا فقط والهدوم الخاصة بيها.”

شهادة 2

تستند سياسة المنع المتبعة فى مركز تأهيل العاشر 4 إلى نمط فكري معين في التعامل من معاوني الأمن حيث لا توجد لائحة واضحة تحدد الممنوعات المحظور إدخالها إلى السجن؛ بل يعتمد المنع على هوى المسؤول عن التفتيش، إلى جانب قائمة الممنوعات العرفية – وليس القانونية- المعروفة. فوفقا لرواية أحد الشهود للجبهة، يتولى عدد من معاوني الأمن (أمناء الشرطة) إدارة غرفة التفتيش، ويمكن لأي فرد منهم أن يمنع دخول أي شيء دون تقديم أسباب واضحة للمنع. وفي نفس الزيارة يمكن لأفراد أمن آخرين السماح بدخول نفس الشئ الذي مُنَع من قِبل أحد زملائهم فى نفس وردية العمل.

“الفكرة هنا إنهم لما بيمنعوا الحاجة من الدخول مش بيكون في سبب واضح للمنع وممكن عادي فى زيارة تانية أو فى نفس الزيارة الحاجة دى تدخل مع شخص تاني بس بيكون القائم على التفتيش شخص مختلف مش أكتر.”

شهادة 2

تعاني بعض الغرف داخل سجن تأهيل العاشر 4 من نقص التدفئة خلال فصل الشتاء. ورغم ذلك، تتبنى إدارة السجن سياسة صارمة فيما يتعلق بإدخال البطانيات، حيث يٌسمَح لكل محتجزة بالحصول على بطانية واحدة فقط مكونة من طبقة واحدة والتى تضطر لاستخدامها طوال فصل الشتاء القارس.

“أنا حاولت ادخل دفاية لماما لكن هما سمحوا بيها تكون دفاية واحدة طبقة واحدة بس.”

شهادة 2

 

  • المراقبة الإلكترونية

لا يختلف سجن العاشر 4 عن باقى السجون الجديدة من حيث التحكم الإلكتروني، حيث أن جميع الغرف داخل السجن بها كاميرات لمراقبة جميع المحتجزات حيث تكون تلك الكاميرات مثبتة فى الأركان لتكشف جميع زوايا الزنزانة، وتعمل على مدار اليوم، وتهدف هذه الكاميرات لمراقبة المحبوسات داخل الغرف وليس لأغراض الحفظ والرعاية.

“الكاميرا شغالة طول اليوم وطول الليل وبيشوفهم وهما نايمين ودي للمراقبة بس.”

شهادة 2

وإلى جانب المراقبة الإلكترونية المستمرة، تٌعاني السجينات من الإضاءة الباهرة المستمرة للغرف والعنابر، الأمر الذي يتسبب في إصابتهن بالإجهاد والإعياء المستمر، وتذكر الشهادات عدم خفض هذه الإضاءة وإطفائها إلا في القليل النادر، دون معرفة لأسباب استمرارية الإضاءة ثم التراجع عنها بعد ذلك في استثناءات قليلة. 

 

  • الزيارات والمراسلات

يتعرض ذوو المحبوسات فى سجن العاشر 4 للعديد من الانتهاكات أثناء زياراتهم حيث تصبح عملية الزيارة شاقة للغاية بسبب الإجراءات المعقدة. تبدأ عملية التسجيل للزيارة فى السابعة صباحا، بالتوازي مع باقي السجون داخل المجمع. ومع ذلك يُسمح لهم بالدخول فى وقت متأخر مقارنة ببقية السجون، حيث ينتهي التسجيل في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا. وفي بعض الأحيان يسمح لهم بالدخول بعد هذا الوقت بفترات طويلة حيث وصل الأمر فى بعض الأحيان إلى السابعة مساء.

“العاشر 4 آخر سجن بيدخل، والتسجيل بيخلص الساعة 12 فممكن نقعد من 12 للساعة 7.”

شهادة 2

وبرغم ما تفيده التوثيقات عن توفر أعداد كبيرة من العاملين داخل مجمع السجون؛ إلا أن سير الزيارات بطيء للغاية، ما يُرجح لديهم الاعتقاد بأن التأخير والمماطلة في تنفيذ الزيارة مقصود لذاته. 

على صعيد آخر، يُسمح لشخصين فقط، بخلاف الأطفال بالزيارة، مع ضرورة تقديم أوراق رسمية لإثبات صلة القرابة المباشرة للمحتجزة بالنسبة للأطفال. بعدها يُنقل الزوار لمسافة لا تتجاوز 50 مترا من البوابة الرئيسية للسجن، ولا يٌمكن تجاوز تلك المنطقة إلا عبر الطفطف، ويُلزم ذوي المحبوسات باستخدامه. بالإضافة إلى ذلك يواجه الزوار من الأهلية صعوبة كبيرة أثناء عملية النقل، حيث يٌضطرون لنقل كافة مستلزمات الزيارة ووضعها داخل الطفطف، ثم إنزالها عند الوصول مما يتطلب منهم مجهودا بدنيا إضافيا، خاصة لكبار السن منهم.

“أول ما بندخل بنسجل الاسامى وننتظر لحد ما يبدأوا يندهوا على كل شخص على حسب السجن اللى جاي ليه زيارة يعنى مثلا اللى جاى لتأهيل 1 بيندهوا عليه، وتأهيل 2 وهكذا لحد ما يجي دور السجن اللى احنا جايين زيارة فيه، يجى الطفطف ياخدنا لحد باب السجن.”

شهادة 1

” أول ما بيجي الدور علينا بنروح نركب طفطف حوالى 5 متر بالظبط وده كله واحنا شايلين الشنط الخاصة بالزيارة.”

شهادة 2

عند البوابة الأولى تبدأ المرحلة الأولية للتفتيش، ولا تخلو تلك المرحلة من الانتهاكات والصعوبات التي يواجهها الأهلية  أثناء عملية التفتيش وخاصة ما تواجهه النساء من ذوي المحبوسات أثناء تفتيشهن ذاتيا، الأمر الذي وصل فى بعض الأحيان إلى التحرش بأجسادهن  على حسب شهادة وثقتها الجبهة المصرية.

“بندخل لباب السجن بيتم تفتيشنا ذاتي، السيدات بيفتشوا سيدات لكن تفتيشهم مش لطيف خالص، وبيكون في تعليقات على جسمي بصوت عالى وده حصل معايا، ووصل معايا فى مرات إن ممكن يكون تحرش.”

شهادة 2

بمجرد الانتهاء من إجراءات المرحلة الأولية من التفتيش يتوجه الزائرون إلى قاعة أخري، وهي تعتبر استراحة قصيرة لحين وصول الباص الذي سينقل كل زائر إلى السجن القاصدين زيارته، وبمجرد وصول الباص المخصص لنقلهم يتوجه الزائرون لاستقلاله؛ ثم يتحرك ويبدأ جولته في إنزال كل شخص عند السجن القاصد زيارته.

“وأول ما بنخلص بندخل قاعة تانية بننتظر فيها لحد ما بتيجى باصات تانية بتاخدنا لغاية باب السجن جوه خالص عند تأهيل 4 أو كل واحد بينزل عند المكان اللى فيه أولاده.”

شهادة 1

“بعد كده بنروح ناخد حاجتنا تتفتش وناخدها ونروح نقعد فى استراحة جوه، لحد ما يندهوا علينا مرة تانية، ونروح نركب باص تانى وينزلنا عند باب التأهيل اللى احنا رايحين ندخله.”

شهادة 2

بمجرد وصول الزوار إلى هذه المرحلة، تبدأ رحلة أخرى من التفتيش، سواء للمقتنيات الخاصة بالزيارة من ملابس وطعام أو للأشخاص أنفسهم حيث يعاني الأهلية من التفتيش القاسي للطعام لدرجة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تلفه قبل وصوله إلى المحتجزات داخل السجن. كما أن الأوراق والكتب والأقلام ممنوعة من الدخول ولا بد أن تٌعرّض أولا على ضابط الأمن الوطني المسؤول.

” التفتيش كان همجي في بعض الأحيان للأكل.”

……………..على حسب نوع  الكتاب  ولازم تتعرض على ضابط الأمن الأول.”

شهادة 1

” أنا مبقتش اودي لماما اى اكل عشان فى التفتيش كان بيتبهدل فى التفتيش.”

” ………………مفيش ورق ولا كتب مسموح بدخولهم.”

شهادة 2

صرحت إحدى الشهادات للجبهة بأنها فى بعض الأحيان اضطرت إلى دفع رشوة داخل السجن كوسيلة لتجنب الانتهاكات التي تحدث أثناء تفتيش محتويات الزيارة أو التفتيش الشخصي لها.

 

“انا واجهت في البداية تضييقات وكنت بتعرض لمضايقات فى التفتيش ودخول الزيارة، لكن مع الوقت بقيت ادفع فلوس عشان أموري تمشي.”

لا تسمح إدارة سجن العاشر بإدخال الجوابات من الأهلية أو بإخراج الجوابات من ذويهن، أما بالنسبة لمدة الزيارة نفسها فإنها لا تتجاوز النصف ساعة تتواجد خلالها المحتجزة مع ذويها، وذلك فى قاعة تتسع لثلاثين شخصا، لا تتمكن خلالها من الإنفراد بهم أو أن يكون لها قدرا من الخصوصية معهم. كما يعاني البعض من ذوي المحبوسات من عدم تمكنهم من الاستفادة من وقت الزيارة المفروض حيث في غالبية الأوقات تبدأ الزيارة أثناء إجراءات التفتيش.

       “مدة الزيارة تلت ساعة، نص ساعة بالكتير أوى.”

شهادة 1

“وبندخل تاني نفتش الحاجة وبعد كده بندخل نتفتش تاني ذاتي، وفى نفس الوقت ممكن الزيارة تبدأ بمجرد ما يدخلوا أول واحد، يعني بمعنى اصح ان الزيارة فى غالبية الأوقات كانت الزيارة شغالة واحنا لسة بنتفتش . مدة الزيارة حوالى من ربع لنص ساعة.”

شهادة 2

 

تعاني بعض المحتجزات من عدم تمكنهن من تلقي الزيارة؛ إلا في مكتب الضابط المسئول عن السجن وفى وجوده. مع عدم الالتزام بمدة محددة للزيارة، ويكون تحديد المدة بناء على أوامر ضابط الأمن المسئول حينها. كما أن هناك تضييق عام على الزيارة والمراسلات، واشتراط أن يكون التحدث فى وجود الضابط المسئول.

“مفيش مدة معينة الزيارة بالمزاج.”

“مراقبة تامة على الزيارات والمراسلات.”

شهادة 3

ووفقا لإحدى الشهادات التي وثقتها الجبهة المصرية، يعاني ذوو المحتجزات معاناة كبيرة بعد إنتهاء زيارتهم الخاصة، حيث يواجهون صعوبة في استلام الأوراق الثبوتية من الضابط المسؤول. يضطر الأهل للانتظار لفترات طويلة حتى يتم تسليمهم أغراضهم، بالإضافة إلى ذلك، يتأخر الباص الذي يقلهم إلى خارج السجن، مما يزيد من معاناتهم. إضافة إلى معاناتهم من عدم توفر  مواصلات للعودة مرة أخرى إلى محل سكنهم البعيد عن السجن.

“بعد كده بنخلص الزيارة بنستني ناخد البطايق، وبنقعد نستني شوية لحد ما يجي الباص يخرجنا تاني عند باب السجن الخارجي، الفكرة اننا ممكن ننتظر مدد طويلة لحد ما يسلمونا البطاقة ومش ببقى عارفة ليه التأخير فى حد ذاته.”

شهادة 2

 

  • معاملة المحتجزات فى السجن

يشهد سجن العاشر تأهيل 4 سيدات تعرض العديد من المحتجزات لانتهاكات متعددة فى بداية فترة حبسهن حيث أفادت إحدى المحتجزات لأهلها بأنها تعرضت لمعاملة سيئة للغاية فى الأيام الأولى من احتجازها، مما دفع أهلها إلى رشى فى محاولة لتحسين ظروفها داخل السجن.

“فى الاول خالص اتعرضت لمعاملة وحشة وكنت مضطرة انى ادفع فلوس جوه عشان المعاملة تبقى كويسة.”

شهادة 2

تعاني المحتجزات أيضا من عدم القدرة على تقديم أي طلبات أو شكاوى تتعلق بهن، إذ لا يوجد  لديهن أي تواصل مباشر مع الضباط المسؤولين. الطريقة الوحيدة لتقديم طلباتهن تكون أثناء الزيارة الشهرية أو أثناء تجديد حبسهن أمام المحكمة أو النيابة العامة وغالبا ما يتم تجاهل هذه الطلبات أو عدم النظر فيها.

“اللى اعرفه ان ملهمش احتكاك بحد خالص وان لو هي عندها أي طلبات أو أي شكاوي بتستني الزيارة وبتطلبها من الظابط مباشرة عشان هي مبتعرفش تقابله.”

“ماما كانت بتعاني من مشكلة مرضية ما، فاستنت لما اتعرضت على المحكمة وطلبتها لأنها مكنتش عارفه تطلبها وهي فى السجن.”

شهادة 2

لا يُراعي تأثيث الغرف احتياجات كبار السن حيث تعاني المحتجزات المسنات أثناء فترة حبسهن داخل السجن بسبب غياب التهيئة المناسبة للغرف، مما يحول دون تلبية احتياجاتهن الخاصة سواء على المستوى الطبي أو المعيشي بما يلائم ظروفهن.

“مفيش اى اعتبارات لكبار السن، لكن زي ما قلتلك الغرف فيها سراير بس مش أكتر ولا ازيد ومش مسموح ليهم أنهم يجيبوا أى حاجة تانية غير كاتل من جوه .”

شهادة 2

يٌسمح للمحتجزات بالتريض وتكون المدة ساعة يوميا؛ ولكن وفقا للشهادات التي وثقتها الجبهة؛ فإن المحتجزات لا يتعرضن لأشعة الشمس مطلقا. جدير بالذكر أن عدد كبير من المحتجزات داخل سجن العاشر نساء قد مُنَعنْ من الزيارة وذلك من يناير 2025 حتي منتصف فبراير 2025 دون ذكر سبب واضح لذلك المنع.

“فى شهر يناير كان فى مشكلة فى التريض وفضلت لحد نص فبراير.”

شهادة 2

تمنع إدارة السجن دخول الكتب والأقلام والصحف إلى المحتجزات؛ إلا بعد العرض على ضابط الأمن الوطني المختص. وذلك وفقا لإحدى الشاهدات للجبهة المصرية. الجدير بالذكر أنه وفقا للقانون التنظيمي الخاص بالسجون، تٌلزَم وزارة الداخلية على أن “تنشأ فى كل سجن مكتبة للمسجونين تحوي كتبا دينية وعلمية وأخلاقية يشجع المسجونين على الانتفاع بها فى أوقات فراغهم، ويجوز للمسجونين أن يستحضروا على نفقتهم الكتب والصحف والمجلات”.

 

“أنا ماما بتحاول تقرا كتب، فلما حاولت ادخل ليها اتمنع وقالولى انى لازم اعرضهم الاول على الضابط، وفى الغالب بتتمنع مهما كان نوع الكتب.”

“ماما بتسمع عن المكتبة والمسجد لكنها عمرها ما راحتها ولا شافتها.”

شهادة 2

 

  • الرعاية الصحية

شدد مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية فى كلمته الإفتتاحية لسجن العاشر على ضرورة تقديم أوجه الرعاية الطبية للنزلاء بمستوى متميز عبر إجراء مسح طبى شامل لهم للتأكد من خلوهم من الأمراض المزمنة. وعلى الرغم من الجاهزية العالية لمستشفى السجن، تتعرض المحتجزات للعديد من الانتهاكات الصحية حيث لا تُقدَم الرعاية الصحية لهن عند ايداعهن السجن برغم حيازة البعض منهن لتقارير طبية تفيد إصابتهن بأمراض تستوجب رعاية لازمة؛ إلا أن كل ذلك يٌضرَب به عرض الحائط ولا يتم اتخاذ أى تدابير احترازية بصددهن. 

وعلى صعيد آخر، لا تُطلَع المحتجزات على لوائح السجن ولا حقوقهن عند تسكينهن في السجن للمرة الأولى حسبما أفادت الشهادات المجمعة. ولا تتوافر، كذلك، منشورات معلقة بهذه الحقوق في مرافق السجن المختلفة بما يُمكن السجينات من معرفة ما لهن وما عليهن.

“والدتى كانت تعبانة لما راحت العاشر فترة وطلبت انها تتعرض كذا مرة على الدكتور، لأنها بتاخد دواء بجرعات معينة بتتحدد عن طريق التحاليل، مكنش فى أى استجابة فا كانت مضطرة تاخد الجرعات بنفسها وده له أعراض جانبية بتأثر عليها بعدين.. ولحد النهاردة متعرضتش على الدكتور بناءا على طلبها.”

شهادة 2

 إلا أن إدارة السجن تتجاهل عرض السجناء على مستشفى السجن وتتعنت في ذلك، وعند عرضهن على مستشفى السجن لا يتم تقديم الرعاية اللازمة لهن؛ بل أن الطبيب المسؤول عن مستشفى السجن -وفقا لشهادة وثقتها الجبهة-  أخبر مريضة تعانى من عدة أمراض، وبحوزتها تقارير طبية خارجية بحالتها بأنه لا تعاني من أي أمراض مطلقا.

“وقدمت الأوراق اللى بتفيد  أن عندها كانسر الرحم ومشاكل الغدة لكن تم التعامل معاها على اساس انها سليمة. بل ووصل الامر انهم قالولي انها الغدة كويسة وهي معندهش مشاكل فالحقيقة مش فاهمة ايه الكلام ده، وكنت عاملة تليغرافات بحالتها الصحية ومع ذلك مهتموش بيها.”

“هي دخلت المركز الطبي مرتين، أول مرة اتعرضت فيها على المركز الطبي بلغتهم بكل أعراضها، الدكتور وصفها بالجهل واتهامها بإدعاء المرض، وده أدي ان حالتها تتدهور.”

شهادة 2

يؤدى ذلك التعنت والتقصير المتعمد إلى تدهور الحالة الصحية الخاصة بهن لينتهي الحال ببعضهن للوفاة بسبب الإهمال وعدم تقديم الرعاية الطبية فى الحال.

على الرغم من تصريحات وزير الداخلية أثناء افتتاح سجن العاشر بشأن توفير الرعاية الطبية للمحتجزات عند إيداعهن السجن؛ إلا أنه وفقا لما قالته مصادر حقوقية للجبهة، فالمحتجزات في سجن العاشر يطلب منهن في الكثير من الأوقات دفع مبالغ مالية مقابل إجراء الفحوصات الطبية، والتحاليل الشاملة اللازمة لتشخيص حالتهن الصحية بالرغم من أن القانون لا يوجد به نصا يُيبح للعاملين بالمنشآت الطبية بالسجون تحصيل المال من المرضى المحتجزين في مقابل تقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم.  

تتعارض تلك الممارسات بشكل واضح مع كافة الوعود التي قُدمت بشأن توفير رعاية طبية لكافة النزلاء أثناء ايداعهم، بالإضافة إلى أن الكثير من المحتجزات يعانين من ظروف صعبة داخل السجن وغير قادرات على تحمل تلك المبالغ المالية. وجدير بالذكر أن غالبية الأدوية التي تتلقاها المحتجزات غير متوفرة داخل مستشفى السجن في أغلب الأحيان، مما يدفع بالأهلية لشرائها وإدخالها للمحتجزات. 

” أنا بجيب الادوية على طول لوالدتي عشان مش بتكون متوفرة جوه السجن.”

شهادة 2

  • الفيديو كونفرانس

فى ديسمبر 2021 أصدر وزير العدل القرار رقم 8901 لسنة 2021، بإستخدام التقنيات الرقمية في تجديد الحبس الاحتياطى. أجاز القرار لمحاكم الجنايات إجراء جلسات التجديد من خلال خاصية الفيديو كونفرانس، وذلك عن طريق شبكات تليفزيونية تربط كل من القاضى، ووكلاء النيابة، والمحامين من جهة، والمتهمين داخل محبسهم من جهة أخرى.

ووفقا لشهادات المحامين حول هذه التقنية فى سجن العاشر، تُجمَع المتهمات من مختلف القضايا في غرفة واحدة داخل  السجن، ويُنظر في قضاياهن وجلساتهن على وجه السرعة -بالنظر لأعدادهن الكبيرة- دون منحهن أي فرصة للتحدث أو عرض شكواهن.

كما لا يُسمح لهن بالتواصل مع محامي الدفاع الخاص بهن. أما فى حالات تجديد الحبس أمام نيابة أمن الدولة، يُسمح للمحتجزات بالتحدث مع المحامين لمدة قصيرة للغاية لا تتجاوز الدقيقة؛ وذلك فقط لمعرفة ما إذا كان لديهن أي طلبات دون التطرق أو التحدث عن أي شكوى داخل السجن، أو طلبات أخرى متعلقة بأمر القضية نفسها. فضلا عن عدد من المشكلات التقنية التي تتمثل في قطع الاتصال، وعدم وجود انترنت، وضعف المعرفة التقنية عند الموظفين، ما يخصم من فرصهن في الدفاع.

“محدش فينا بياخد فرصته في الكلام اطلاقا قدام المحكمة أو النيابة لان العدد بيكون كبير جدا ولو حد من المحتجزات بيكون عنده مشكلة مش بيعرف يقولها ولو واحدة فيهم حاولت تتكلم فى المشكلة أو طلب خاص بالقضية عادي جدا إنهم يقطعوا الاتصال عليها.”

 

شهادة أحد المحامين 4

“اننا نتكلم معاهم اصلا عن طريق الشاشة ده أمر مستحيل.. إحنا بنحارب أصلا مع القاضي إننا نتكلم عن القضية والدفوع الخاص بيها فبيمنعنا، وممكن لو الدنيا ماشية كويسة نتكلم مع البنات بس لمدة قليلة جدا مش هتوصل لدقيقة وممكن اقل كمان عشان نعرف طلباتهم الخاصة بس ولو اتكلمنا فى حاجة تانية عادي اننا يتقطع علينا الاتصال.”

” التجديد فى الفيديو كونفرانس خلاص حاجة بقت روتينية يعنى احنا وهما جايين عارفين ان القرار صادر بتجديد الحبس، لأن عادي جدا فى بعض الاوقات الشبكة بتكون مقطوعة مع السجن، أو الشبكة بتفصل فجأة فمش بنرجع للسجن تاني، وبنلاقى القرار عادي تجديد حبس.”

شهادة أحد المحامين 5

 

أبرز المحتجزات داخل سجن العاشر من رمضان 4

  • هدى عبد المنعم: محامية وحقوقية وعضو سابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان. ألقت قوات الأمن القبض عليها في 1 نوفمبر 2018، واٌحتجزت تعسفيا لمدة ست سنوات. خضعت هدى عبد المنعم للتحقيق يوم 17 نوفمبر 2024 رغم حبسها احتياطيا قرابة عام على ذمة القضية 730 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، وذلك بعد انقضاء مدة عقوبتها بالسجن خمس سنوات فى القضية 1552 لسنة 2018. وقد فوجئت هدى بإعادة تدويرها على ذمة القضية الجديدة مع توجيه نفس الاتهامات لها، والمتعلقة بالإنضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها لتكون هذه هي القضية الثالثة لها منذ إلقاء القبض عليها، بالإضافة إلى منعها من الزيارة فى بداية حبسها داخل سجن تأهيل العاشر 4.
  • آية كمال الدين حسين: ناشطة سياسية ألقت قوات الأمن القبض عليها يوم 3 يوليو 2022، وحُبست احتياطيا على ذمة القضية 93 لسنة 2022. عانت آية طوال فترة حبسها من سوء المعاملة، كما أن الجبهة المصرية رصدت شكوتها أثناء تجديد حبسها أمام القاضي عن تعرضها لواقعة تحرش من قبل إحدى حارسات السجن داخل سجن القناطر وذلك فى فبراير 2023، وبسبب ذلك رٌحلت لسجن العاشر تأهيل 4.
  • عائشة الشاطر: ألقى القبض عليها هي وزوجها المحامي الحقوقي محمد أبو هريرة في 31 أكتوبر 2018. احتجزت تعسفيا لمدة ست سنوات. خضعت للتحقيق يوم 18 نوفمبر 2024 بالقضية 730 لسنة 2020 حصر أمن دولة ووجهت لها اتهامات بالانضمام لجماعة ارهابية أسست على خلاف القانون أثناء فترة حبسها داخل السجن، تأتي هذه الاتهامات رغم أنها كانت تنفذ حكما بالسجن فى القضية رقم 1552 لسنة 2018.