تنويه:
تجب الإشارة بادئ ذي بدء إلى أن الاحتجاز داخل مقار الأمن الوطني هو بالأصل احتجاز خارج نطاق القانون حيث أنه لا يتم استناداً إلى قرار من جهة قضائية، كما لا تتطرق أي نصوص قانونية لتنظيمه بشكل مباشر، وتتخلله جملة من انتهاكات القوانين التي تنظم الإجراءات القانونية للاحتجاز، مثل التحقيق في وجود محامٍ، وإعلام المحتجز بالتهم الموجهة إليه، وإعلامه بمكان تواجده ……الخ
كما أنه لا تتوفر في هذه المقار أياً من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون لكل من تٌصادَر حريته من قبل الدولة، حيث يسود مناخ من اللا قانونية الصرفة داخل تلك المقار، علماً أن كل من يتم احتجازهم داخل مقار الأمن الوطني يكونون في عداد المختفين قسريا، والمعزولين عن العالم الخارجي؛ بل إن بعضهم يقضي فترة اختفائه كاملة داخل المقر دون أن يعلم أين هو، ناهيك عن ذويه؛ ولذلك وجب التنويه إلى أن كل ما سيلي ذكره من تفاصيل لملابسات الاحتجاز، والتحقيق، والمعيشة داخل تلك المقار يحدث في إطار من الإخفاء القسري، والاحتجاز بخلاف القانون. فمحاولة رسم صورة عن معيشة المحتجزين داخل المقار لا يجب أن يمثل شكلا من التطبيع مع وجودهم بداخلها في المقام الأول، كما أن الحديث عن أي انتهاكات تتخلل التحقيقات أو المعاملة اليومية لا يجب أن يصرف النظر عن كون التحقيقات، وسلطة الضباط، وأفراد الشرطة ذاتها على المحتجزين مفتقرة إلى أي صفة قانونية.
مقدمة
اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في إنشاء هذه الصفحة التعريفية بمقر الأمن الوطني بالزقازيق، محافظة الشرقية على مقابلة هاتفية عبر شبكة الإنترنت مع محتجز سابق تعرض للاختفاء القسري بالمقر في سنة 2019 إضافة إلى أقوال عدة محتجزين من واقع التحقيقات التي تمت معهم في نيابة أمن الدولة العليا في غضون الفترة من 2019 حتى 2023 وقد أفادوا جميعا بأنهم تعرضوا للاختفاء داخل مقر الأمن الوطني مدد متفرقة وصلت في بعض الحالات إلى 9 أشهر.
ومن الجدير بالذكر أن الجبهة المصرية قد واجهت العديد من التحديات وهي بصدد كتابة هذا التقرير، لعل من أبرزها صعوبة التوثيق مع مصادر مرت على هذا المقر سيء السمعة خاصةً في ظل عدم إصدار أي قرارات من القضاء أو النيابة العامة بإطلاق سراح المحبوسين احتياطيا الذين لم يتم إحالتهم إلى المحاكمة الجنائية منذ حوالى أربع سنوات، وكذلك لخشية معظم المصادر الذين تواصلت معهم الجبهة من الحديث عن تجربتهم في المقر إما لأسباب نفسية لصعوبة التجربة، وعدم رغبتهم في استحضار تفاصيلها، وإما للخشية الأمنية؛ لذلك فقد حاولت الجبهة جاهدة رسم الصورة قدر المستطاع في ضوء ما وثقته أو رصدته من شهادات عن هذا المقر .
مناطقيا
نشير إلى أن ذلك المقر ليس هو المقر الوحيد المتواجد في محافظة الشرقية حيث توجد عدة مقرات أخرى تابعة لذلك المقر وتسمى مكاتب الوطني، وهي مكاتب منفصلة صغيرة تتواجد في المقرات الشرطية التابعة لوزارة الداخلية، وتكون غير تابعة لقسم الشرطة الموجودة بداخلها؛ بل من يقوم بإدارتها ضابط أمن وطني، وعدة مخبرين تابعين لقطاع الأمن الوطني الرئيسي المراد التحدث عنه في تلك التقرير.
يقع مقر قطاع الأمن الوطني بالزقازيق بالشرقية بشارع الجامعة. ويتواجد في محيطه عدة مباني إدارية أخرى مثل مبنى المحافظة ومبنى محكمة مجلس الدولة، ويتواجد بجانبه مباشرة مبنى خاص بالسجل التجاري، ومنفذ خاص بمديرية الزراعة بالشرقية. ويعد مقر الأمن الوطني مبنى منفصل عن أية مبان أخرى متواجدة حوله، وللمبنى مدخلين فقط؛ مدخل صغير على الشارع الرئيسي وذلك مخصص لدخول الأفراد، ومدخل آخر كبير بالشارع الجانبي بالقرب من محكمة القضاء الإداري، وله بوابة حديدية كبيرة مصفحة.
“أنا وصلت قدام الأمن الوطني اتغميت مباشرة ومشفتش أي حاجة طول مدتي هناك متغمي بس أقدر اوصف ليك حاجات، المبنى عبارة عن مدخلين، مدخل رئيسي للأفراد صغير ده جنب المحافظة والمدخل الثاني في شارع جانبي جنب القضاء الإداري وده باب مصفح حديد كبير.”
شهادة 1
ملابسات الاعتقال:
تتنوع ملابسات القبض على المحتجزين السياسيين، منهم من يُقبض عليه من منزله، ومنهم من يُقبض عليه من مقر عمله. وهناك مجموعة أخرى يُقبض عليها أثناء تواجدها في أماكن عامة. وبشأن الحالة التي وثقتها الجبهة فقد قُبضَ عليه أثناء خروجه من مقر عمله. وفقا لشهادة الحالة الموثق معها، فلم تقم القوات الأمنية بإبراز أي من الأوراق الرسمية أو أشارت إلى وجود تصريح قضائي مسبق بإلقاء القبض عليه، كما ركنت أثناء عملية القبض لاستعمال القوة والعنف، وتعرض الضحية لعدد من الانتهاكات أثناء تلك العملية؛ بل أن القائم بالضبط لم يقم بالإفصاح عن هويته كأحد أفراد الأمن الوطني أو كتابع لأحد الجهات الشرطية؛ ولهذا لم يتمكن المقبوض عليه من معرفة ما إذا كان ذلك الشخص تابع لجهات إنفاذ القانون أم أنه أحد قطاع الطرق، وذلك ما حدث بالفعل حيث قاوم ذلك الشخص مظنة منه أنه يريد سرقته .
“أنا وانا بيتقبض عليا معرفتش مين الشخص اللى بيمسكنى من إيدى وعايز ياخد كل متعلقاتى منى، وعشان كده قاومته، لدرجة إن كان معايا زملاء تانين من العمل افتكروا إن ده شخص بيتعدى عليا ويتخانق معايا عشان يسرقنى.”
شهادة 1
تبدأ الانتهاكات ضد المحتجزين من لحظة التحفظ عليهم واقتيادهم إلى المقر من قِبل القوات التابعة له، حيث إن عملية الاعتقال ذاتها لا تكون قانونية، وهو ما يعكسه ما قام به أفراد الأمن القائمين على عملية الضبط من عدم إخطار الضحية بسبب القبض عليه أو إظهار أي ورقة رسمية تدل على وجود أمر من الجهات الرسمية بتوقيفه والقبض عليه. وفقا للشاهد، فقد فوجئ أثناء خروجه من مقر عمله بشخص يقوم بالاعتداء عليه، ويٌحكم قبضته عليه، ويحاول الاستيلاء على محتوياته الخاصة من موبايل ومحفظة، وعند محاولته مقاومة ذلك، تم التعدي عليه بالسباب وبالضرب مما أدى إلى إصابته في أنفه.
“لقيت شخص ماسكنى من كتفى ويشتمنى وبيقولى اقف يلا اقف يلا ، قعد يعلى صوته ويشتمنى ووقتها كان معايا اتنين زملاء ليا اديتهم الشنطة الخاصة بيا ، وبدأت انى اضربه وادافع عن نفسى ضده وفعلا نجحت انى اوقعه وفى اللحظة دى بدأ الموضوع يزداد بينا لحد ما ضربنى فى أنفى وفضلت تنزل دم. “
شهادة 1
وأفاد الشاهد أنه فور الاعتداء عليه من قبل ذلك الشخص، أتى إليه شخص آخر عّرَف نفسه أنه تابع للأمن الوطني، وطلب منه الامتثال لعملية القبض، وبالفعل اُقتيد وأُجبر على ولوج عربة الشرطة تمهيدا لنقله لمقر الأمن الوطني، حيث أُجبر عندها على الجلوس على أرضية العربة، محاطا باثنين من قوات الأمن، وأُجبر على مسح آثار العنف من وجهه الناتجة عن عملية الضبط. وعند وصولهم لمقر الأمن الوطني تم إجباره على وضع عصابة على عينيه حتى لا يتمكن من رؤية المحيط الذي يتواجد به.
“وفى اللحظة دى لقيت شخص تانى عرف نفسه أنه مخبر في الأمن الوطني بس كان جاى بيتكلم بهدوء وقالى اقف يا فلان، وفى الحقيقة انا كده كده كنت واقف مبعملش حاجة. وفى نفس اللحظة جات عربية هاى لوكس نص نقل بإتنين كابينة وقفت قدامى وركبونى بالعافية فيها، واول ما ركبت أمرنى انى انزل وشى فى الأرض عشان مشفش الطريق وهددنى انى لو رفعت راسى هيتعدى عليا ويغمينى. انا لما ركبت كان وشى مليان دم بسبب الضرب اللى حصل عليا مناخيرى كانت بتنزف، لقيته بيدينى منديل عشان امسح الدم اللى عليها. اتحركنا من قدام المحكمة بالعربية، وفضلت متوجهة بيا لحد ما وصلت مقر الأمن الوطنى فى الزقازيق، ودي جنب مبنى المحافظة، ووقتها غمى عيني عشان مشوفش أى حاجة.”
شهادة 1
وأفاد الشاهد أنه فور وصوله تم وضع عصابة على عينيه، وتم اقتياده عبر البوابة الحديدية الكبيرة المصفحة إلى داخل المبنى، والذي لم يتمكن من معرفة عدد الطوابق المكون منها بسبب تلك العصابة على عينيه، وأفاد أنه ربما يتكون من طابقين. كما أفاد أنه فور دخوله للمبنى تم اقتياده في ممر يسار الباب الرئيسي، ويتواجد في ذلك الممر ثلاث غرف، غرفة احتجاز حديدية مخصصة للرجال، وغرفة حديدية ثانية أخرى مخصصة للسيدات، وغرفة أخيرة ثالثة عبارة عن مكتب الحراسة على تلك الغرفتين.
وأفاد الشاهد بأنه لم يتم احتجازه داخل أي من الغرف؛ بل اكتفوا بوضعه داخل الممر مكبل اليدين حتى يتم التحقيق معه.
“أنا وصلت قدام الأمن الوطني اتغميت مباشرة و مشفتش أي حاجة طول مدتي هناك متغمى بس أقدر اوصف ليك حاجات، المبنى عبارة عن مدخلين، مدخل رئيسي للأفراد صغير وده جنب المحافظة والمدخل الثاني في شارع جانبي بجانب القضاء الإداري وده باب مصفح حديد كبير، المبنى عبارة عن دورين وممكن أكتر، أنا مقدرتش احدد لأنى فضلت متغمى بقماشة سوداء طول فترة تواجدي هناك، جوا المبنى فى غرفتين للاحتجاز، غرفة مخصصة لتواجد النساء وغرفة أخرى مخصصة للرجال، وفي غرفة ثالثة دى بتاعت الحرس وأمناء الشرطة وفى حبسخانة انتظار ودى الوحيدة اللي موجود فيها سلمة على ارتفاع، اول ما دخلت، دخلت جوه المبنى شمال على غرفة الحرس بعدهم طرقة فيها زنزانتين حديد واحدة للرجالة وواحدة للستات واخرهم الحمام، أنا قعدوني حوالي ساعتين في الأول قبل التحقيق معايا في الطرقة ودى كانت حجزي طول وجودي بعد كده أخدوني للتحقيق في اوضة خاصة للتحقيق.”
شهادة 1
أنماط الانتهاكات (المباشرة + المشاهدة على محتجزين آخرين)
لا يرتبط التحقيق مع المحتجزين داخل الأمن الوطني بوقت محدد أو توقيت محدد؛ بل يعتمد على طلب الضابط للشخص المراد التحقيق معه في أي وقت. وأفاد الشاهد الذي تحدثت معه الجبهة أن هناك نمط متبع قبل التحقيقات، في بداية الأمر يقوم ضابط بسؤال المحتجز على الرقم السري للهاتف المحمول الخاص به قبل الدخول إلى غرفة التحقيق، وذلك تمهيدا لإفراغ محتوياته قبل جلسة التحقيق وذلك ما حدث معه، حيث تم سؤاله عن الرقم السري للهاتف الخاص به، وقد أٌقتيد بعد ذلك لغرفة خاصة بالتحقيقات لا يعلم أية أوصاف لها نظرا لوضع عصابة محكمة الدقة على عينيه تمنعه من الرؤية بشكل كامل ومكبل اليدين.
“انا قعدوني على كرسي، وجابلي التليفون الخاص بيا، وطلب منى انى افتحه..فيه ملحوظة هنا انا نسيت أقولها ليك وانا بيتقبض عليا رميت تليفونى ومحفظتى، لقيت الأمين بيلم كل المتعلقات الخاصة بيا ولقيتها معايا تانى وانا هناك في الأمن الوطني رفضت إني افتحه ليه قعد يقاوح معايا ويتكلم لحد ما فتحته ليه بس على بروفايل أمن ورجعوني تانى، بعدها بأربع ساعات بدأوا معايا التحقيق الفعلي وأخدنى تانى للظابط وقعدني أدامه وكل ده انا متغمى ومتكلبش وبدء معايا التحقيق.”
شهادة 1
كعادة تحقيقات جهاز الأمن الوطني، لا يٌواجَه المحتجزين بالضرورة بتهم معينة؛ بل تكون التحقيقات مفتوحة، وتتطرق للسؤال عن علاقة المحتجز بجماعات وحركات سياسية حظرتها الدولة بعد عام 2013، والنشاط السياسي للمحتجز. وفي حالة السجناء السابقين، تتطرق التحقيقات أيضا إلى السؤال عن بعض الأشخاص الذين لا تربطه بهم أية صلة سابقة
“هو هنا كان عايز ياخد منى أي معلومة عن أى شخص بيكون عنده مثلا في قاعدة بياناته هو عايزه او شخص محبوس أصلا بس عايز يعرف هل أنا ليا علاقة بيه ولا لأ، وعايز يشوف أنا ليا مشاركات سياسية مع أي أفكار.”
شهادة 1
النمط المعتاد في التحقيقات عموما يعتمد على إيهام الضابط للمحتجز بأنه يعلم كل شيء عن تاريخ الشخص، وأنه لا يريد منه فقط؛ إلا التحدث بكل صراحة، وتكون النبرة المستخدمة في بداية التحقيقات نبرة هادئة مفتعلة من قبل الضابط والتي تكون بالخلاف للسياق النفسي الموضوع بداخله المحتجز من تكبيل يديه، وتغمية عينيه رغبة في إجباره على الإدلاء باعترافات ليس لها أساس من الصحة أو لإجباره على فتح الهاتف الخاص به إذا رفض المحتجز ذلك من البداية.
“بدأوا معايا التحقيق الفعلي وأخذني تانى للظابط، وقعدني أدامه وكل ده انا متغمى ومتكلبش وبدأ معايا التحقيق بنبرة هادية جدا من نوعية الكلام إنه عارف عني كل حاجة، و عايزنى اتكلم وعايزنى احكيله قصة حياتي بالكامل اللي هو عارفها، وأنه عايز يسمع مني مش عايز هو يتكلم عنها، انا وقتها فهمت إنه مش عارف عنى أي حاجة، وإنه بيهرى عليا ومش عارف عنى أي معلومة، عملت نفسي من بنها، قعد يسألني على حاجات عشوائية ملهاش علاقة ببعض عن فلوس إعاشات خاصة بناس وانا معرفش إيه علاقة ده بيا ووجودي عنده ، وعن الإخوان.”
شهادة 1
التعذيب
وثقت الجبهة وقوع ممارسات تعذيب ممنهجة بمقر الأمن الوطني بالزقازيق سواء من خلال الشاهد الذي تحدث مع الجبهة أو من واقع تحقيقات نيابة أمن الدولة مع أحد الأشخاص الذين تم احتجازهم داخل المقر. المتبع داخل ذلك المقر هو التعذيب بكافة أنواعه بهدف إجبار المحتجزين على الاعتراف بتهم ليس لها أساس من الصحة، ومن الجدير بالذكر أن من مروا على ذلك المقر أطلقوا عليه سلخانة أمن الدولة لقسوة طرق التعذيب والاستنطاق التي يقوم بها الضباط أثناء التحقيقات.
أفاد الشاهد الذي تحدثت معه الجبهة بتعرضه للتهديد بالتعذيب القاسي حالة رفضه التعاون مع الضابط والانصياع لما يريده في الإدلاء بأقوال بعيدة عن الحقيقة والواقع وهو ما حدث بالفعل. فعند تمسك المحتجز برفض الإدلاء بأي اعترافات، قام على إثرها الضابط بخلع بنطال المحتجز، وكافة ملابسه الداخلية وأجلسه ممددا على أرضية الغرفة ووضع كرسي معدني على ظهره وكبله بطريقة ما به، وأثناء ذلك قام بتوصيل سلك كهربائي إلى عضوه الذكرى، وآخر في إصبع قدمه، وواصل التهديدات التي تهدف لإجبار المحتجز على الاعتراف بأشياء ليس لها أساس من الصحة.
” سكت شوية وبعد فترة طلب مني إني افتح التليفون تانى، لما فتحته على نفس البروفايل اللي مش عليه أي حاجة بدأ إنه يغير نبرته ويتعصب وفعلا قام قلعني البنطلون، ونيمني على الأرض إيدى ورا ضهري وحاطط كرسي فوقى ومكتف إيدى بيه بحيث إن رجلين الكرسي بين إيدى، وربط سلك في عضوي الذكرى وسلك تانى فى صباع رجلي، قعدت أقوله إني معرفش أي حاجة خالص وفضلت مصمم على روايتي، سابنى على الوضعية دي حوالى نص ساعة.”
شهادة 1
يتعرض المحتجزون أيضا للتعذيب النفسي، عن طريق أمناء الشرطة داخل المقر حيث إن التحقيق لا يكون مع المحتجزين لمرة واحدة؛ بل يكون التحقيق على عدة مرات يتخللها فترات راحة للمحتجز. في تلك الأثناء، يقوم أمناء الشرطة بالتحدث مع بعضهم البعض حول ما يستعد الضابط القائم بالتحقيق لاتباعه مع المحتجز، وذلك ليس إلا لخلق حالة من الفزع، وإجبار المحتجز على الإدلاء بأية أقوال من شأنها تخفيف المعاناة المقبل عليها.
“وانا قاعد لقيت الحرس قاعدين بيتكلموا بصوت عالي على اللي الظابط ناوى يعمله معايا عشان انا متكلمتش وفضلوا طول الوقت يتكلموا طبعا أنا فهمت إنهم بيستعملوا الأسلوب ويخلقوا جو من الرعب ده معايا عشان ابدأ أخاف واتكلم بدون ما الظابط يعذبني.”
شهادة 1
الإعاشة
يتم احتجاز كافة المحتجزين داخل مقر الأمن الوطني مكبلي الأيدي مع عصابة على الأعين حتى لا يتمكنوا من رؤية ما يحدث حولهم. وفى بعض الأحيان يُحتجز الأشخاص داخل ممر غرف الاحتجاز لمنعهم من التواصل مع أيا من المحتجزين القدامى داخل المقر، وذلك عن طريق تسليم فرشة خاصة للمحتجزين تكون في عهدتهم طوال فترة احتجازهم، ويتم تكبيل أيديهم في ماسورة معدنية في أرضية الممر. أما عن الطعام المقدم فيكون عبارة عن رغيف خبز معه قطعة من الجبن وذلك أثناء وجبة العشاء.
“بعد كده جه أخدني وقعدني على الطرقة وفارش باطنية ومقعدنى عليها ومكلبش إيدى في ماسورة في الأرض وادانى رغيف عيش علشان اكل لأنى مكنتش واكل طول اليوم.”
شهادة 1
سلطة الأمن الوطني على المحتجز داخل أقسام الشرطة
يستمر ارتباط ملف المحتجز بالأمن الوطني خارج مقرات الأمن الوطني، حيث أفاد الشاهد بتعرضه للعديد من الانتهاكات أثناء إجراءات عرضه على النيابة العامة بتعرضه لعدد من الانتهاكات الحاطة بالكرامة داخل قسم الشرطة تمهيدا لعرضه على النيابة، والتي تٌعد ممارسات غير معتادة ومتبعة داخل أقسام الشرطة، والتي تُمارس فقط داخل مقرات الاحتجاز غير الرسمية.
“أنا قعدت في المقر يوم وبعد كده ودوني على قسم الشرطة اللي أنا تابع له يوم تاني أول ما وصلت الضابط أمرني إني أقلع بنطلوني وهدومى كاملة وده حاجة مش بتحصل لأى محبوس بمجرد وصوله القسم، أنا طبعا رفضت رفض قاطع والكلام ده معجبش الضابط فضربني على وشى جامد وبعد كده ضربني في رجلي في سمانتي بحيث إني أفقد توازني لحد ما وقعت وفضل يزود الضرب عليا ويضربني بالشلوت فى مكان في جسمي، انا كان كل كلامي معاه إنى خلاص المفروض اتعرض على النيابة وهو كان بيتعامل معايا كأني داخل مقر أمن وطني جديد بس في صورة قسم شرطة، وقعدت هناك يوم وبعد كده تم عرضي على النيابة وقلت كل اللي حصل ليا ووريتها حجم الإصابات التي تعرضت لها لأن الضرب اللي كان في الأمن الوطني معملش علامات زي اللي تعرضت له داخل قسم الشرطة.”
شهادة 1