اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في إنشاء هذه الصفحة التعريفية لسجن استئناف القاهرة على مقابلة مع سجين سابق كان محتجزا بالسجن بين عامي 2014 و2015، بالإضافة لعدد من المصادر الصحفية والحقوقية الأخرى.
بيانات السجن
يقع سجن الاستئناف خلف مديرية أمن القاهرة بميدان باب الخلق بمنطقة وسط البلد، ويخصص لاحتجاز من هم رهن الحبس الاحتياطي أثناء سير التحقيقات وإلى حين صدور حكم بحقهم، ويُستعمل أيضا كسجن “ترانزيت” يُنقل إليه السجناء المحتجزون في سجون خارج القاهرة لحضور جلسات محاكمتهم، ويبقون بسجن الاستئناف إلى حين انقضاء جلساتهم وصدور أمر بإعادة ترحيلهم إلى السجون التي أتوا منها، وعادة ما يتأخر ترحيل السجين لحين تجمع عدد كبير من السجناء ليتم ترحيلهم دفعة واحدة. يشتهر سجن الاستئناف أيضا باسم“سجن الإعدام” حيث يعد أشهر السجون التي تنفذ فيها أحكام الإعدام. وقد تواردت أنباء بأن التسعة متهمين الذين أعدموا عام 2019 في قضية مقتل النائب العام كان الحكم عليهمقد نفّذ بسجن الاستئناف،ولم يتم السماح لذويهم بزيارتهم قبل التنفيذ.
تقع مكاتب الإدارة والزنازين كلها بمبنى واحد من أربعة أدوار. وحسب الشهادة التي حصلت عليها الجبهة المصرية، فإن معمار وبناء السجن قديم للغاية حتى أن بعض الروايات تقول بأنه كان إسطبلا أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر. وتقع مكاتب إدارة السجن بالدور الأول، بينما يخصص الدور الثاني للمحكوم عليهم بالإعدام، والثالث للصادر بحقهم حكم قضائي، والرابع لمن هم رهن الحبس الاحتياطي. ولا توجد بالسجن أي مساحات مفتوحة أو مطلة على الشمس.
تعد الغالبية العظمى من المحتجزين بالسجن ممن هم على ذمة قضايا جنائية. لكن تقوم إدارة السجن بتسكين المحتجزين على خلفية تهم سياسية وسط “الجنائيين” دون مراعاة مبدأ الفصل بين من هم على ذمة قضايا ذات طبيعة مختلفة. توجد بالسجن زنازين “مخصوص” للمحكومين بالإعدام تقلّ مساحتها عن 1,5 متر مربع وتخلو من أي فتحات تهوية سوى فتحة صغيرة بباب الزنزانة، كما توجد بالسجن طبلية لتنفيذ الأحكام.
حالة الزنازين والعنابر ومرافق السجن
برغم من صغر حجم الغرف بسجن الاستئناف فهي شديدة التكدس، حيث قد يبلغ عدد السجناء بالغرف صغيرة الحجم الثلاثين محتجزا، ومائة محتجز بالزنازين الأكبر حجما. ونتيجة الاكتظاظ تكون الزنازين سيئة التهوية وشديدة الحرارة حتى أثناء الشتاء، خاصة وأن نوافذ الزنازين صغيرة للغاية. ويضاعف من سوء الجو بالزنزانة أن عددا كبيرا من السجناء يقومون بالتدخين أو تعاطي المخدرات داخل الزنازين، فحسب شهادة السجين السابق، “الغرفة اللي دخلناها سحابة دخان غير طبيعية. مخدرات وكل حاجة.”
وحسب تلك الشهادة أيضا، لا يتوفر بالزنازين سوى حمام واحد يتم تغطيته أحيانا بستارة. ولا تهتم الإدارة بصيانة مرافق الزنزانة، خاصة وأنها تتعرض للتلف دوما من قبل المحتجزين. لكن تتوفر المياه بحمامات السجن بشكل دائم. ويواجه السجناء صعوبات في استخدام حمامات الزنازين بسبب عدم نظافتها وتكدس الزنزانة، ولا يتاح للسجناء أية خصوصية حيث قد يقتحم سجناء آخرون الحمام أثناء تواجد السجين به. كذلك فلا يهتم أغلب المحتجزون بتنظيف الزنازين حيث أنهم يمكثون بالسجن لفترات مؤقتة.
يُعطى السجناء بدلة سجن واحدة، ويُسمح لهم بإحضار المزيد من الملابس بيضاء اللون في الزيارات. لا توجد أسرة بسجن الاستئناف. وتوجد به تلفزيونات، لكن أحيانا تصادر إدارة السجن أجهزة الراديو ذات الموجة الواحدة. ويتصنع بعض السجناء داخل السجن ببعض الخدمات مثل الطبخ.
لا يخرج السجناء بسجن الاستئناف للتريض على الإطلاق، وتُغلق عليهم الزنازين طوال اليوم. وفي الأعياد تُغلق عليهم الزنازين لفترة طويلة قد تصل لخمسة أيام، تبدأ من اليوم السابق على العيد (يوم الوقفة) وحتى انتهاء الإجازة الرسمية لموظفي وإدارة السجن.
الرعاية الصحية
تقوم إدارة السجن بسؤال المحتجزين لدى دخولهم السجن عما إذا كانوا يعانون من أمراض مزمنة، كما تقوم بمعاينة أجسامهم للتأكد من خلوها من إصابات. وتوجد بالسجن عيادة مكونة من غرفتين أو ثلاث. ورغم وجود طبيب بالسجن إلا أنه لم يكن يتجاوب مع السجناء سوى بوصف المسكنات أيا كانت شكوى السجين. وكان اعتمادهم الأكبر في تشخيص الأمراض ووصف الأدوية على الأطباء المحتجزين معهم بالزنازين، حسبما ورد بالشهادة التي حصلت عليها الجبهة المصرية: “الحمد لله إن كان في الناس معنا اللي مقبوض عليهم معنا دكاترة هم اللي كانوا بيعالجونا. كانوا بيكتبولنا العلاجات. دا الحل اللي كان للموضوع دا كله. غير كدا كنت هتلاقي نسبة الوفيات هاتزيد جدا.” ولم يكن السجناء يلجؤون لعيادة السجن إلا في الحالات شديدة الخطورة أو الحالات المزمنة التي تجري متابعتها باستمرار. وقد ذكرت الشهادة التي وثقتها الجبهة أن عددا من السجناء “الجنائيين” ماتوا بسبب انفجار لفافات مخدرات كانوا يخبئونها بمنطقة البطن، وذلك بعد أن فشل تقديم الرعاية الطبية لهم في الوقت المناسب.
الزيارات والمراسلات
تجري الزيارات بسجن الاستئناف بقاعة صغيرة للغاية ولحوالي 10 دقائق فقط، وعلى الأقل حتى 2015 كانت كل الزيارات تخرج دفعة واحدة بما في ذلك زيارات المحكومين بالإعدام. وحسب الشهادة التي حصلت عليها الجبهة المصرية، كانت الإدارة تتعامل مع الأهالي والسجناء أثناء الزيارة بتعسف شديد، فتمنع دخول الكثير من مستلزمات الزيارة وتخاطب الأهالي بحدة. ولا توجد وسيلة ليُعلم السجين ذويه بترحيله من أو إلى سجن الاستئناف سوى أن يطلب من محتجزين معه إبلاغ ذويه لدى حضورهم للزيارة.
الإجراءات العقابية ومعاملة المحتجزين بالسجن
يتعرض جميع السجناء لدى دخولهم الأول للسجن لتفتيش مهين بغض النظر عن طبيعة القضايا المحتجزين على خلفيتها، حيث تساء معاملتهم أثناء التفتيش ويجبرون على التبول أمام الأمناء.
تستعمل الإدارة زنازين المخصوص (الإعدام) كزنازين تأديب، فروى السجين السابق للجبهة المصرية أن بعض زملائه مكثوا بالحبس الانفرادي بتلك الزنازين الضيقة لمدة أسبوع دون حمام أو كهرباء، ولم يسمح لهم سوى ببطانية واحدة. توجد أيضا غرفة تأديب أخرى تسمى “الدواعي،” يحتجز فيها عدد من السجناء سويا. ولا يسمح للمودعين بالحبس الانفرادي أو غرفة الدواعي بطعام آخر غير التعيين الذي يوفره مطبخ السجن، كما يمنعون من الزيارة لفترة قد تبلغ شهرا كاملا.
تقع غرفة الإعدامفي نهاية ممر طويل متطرف نسبيا عن بقية الزنازين، لكنها تظل قريبة بالدرجة التي تسمح للسجناء بالزنازين الأخرى من سماع ما يدور بداخلها. فقد ذكر السجين السابق بشهادته أنه سمع تنفيذ حكم الإعدام في خمسة سجناء وتمكن من سماع البيان الذي قرئ عليهم وحديث رجال الدين والطبيب قبل تنفيذ الحكم، حيث كانت غرفة الإعدام مقابلة لزنزانته.