اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في إنشاء هذه الصفحة على أربعة مقابلات هاتفية أو كتابية مع أهالي محتجزين سياسيين حاليين داخل السجن، أجريت هذه المقابلات في شهر يوليو 2024، إضافة لمقابلة مع أحد المصادر الحقوقية المطلعة على الأوضاع داخل السجن، إلى جانب عدد من المصادر الحقوقية والإعلامية الأخرى.
بيانات السجن
أنشئ مركز الإصلاح والتأهيل بدر بموجب قرار وزير الداخلية رقم 2400 لسنة 2021، والذي نص في متنه على إنشاء ثلاثة مراكز / مقرات كسجون عمومية لتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وفقا لأحكام القانون رقم 396 لسنة 1956، ويقع السجن في مدينة بدر على أطراف محافظة القاهرة في منطقة صحراوية بالقرب من منطقة صناعية، تفتقد لوسائل انتقال معروفة للعامة ومناسبة ومتاحة بشكل مستمر، وعلى بعد 66 كيلو متر من ميدان التحرير بالعاصمة، وتبلغ مساحته 85 فدان، ويشمل المركز 3 مراكز للتأهيل/ السجون، ومبنى الاستقبال الرئيسي، ومركز طبي، ومسجد، وكنيسة، ومجمع للمحاكم، ومنطقة استراحة العاملين ومنشآت أخرى خدمية.
وفقا لوزارة الداخلية فإن عملية بناء المركز/ السجن جاءت وفق أعلى المعايير العالمية لحقوق الإنسان، وأنه سيتم غلق 3 سجون عمومية ليحل محلهم المركز/السجن، وسيتم تخصيص المركز/السجن للنزلاء المحكوم عليهم بمدد قصيرة، وأن المركز يعمل بإنارة طبيعية على مدار اليوم، ويوجد به مركز خاص للسيدات للتعليم والعمل الحرفي، كما أن المركز تتم إدارته بالتقنيات الحديثة من خلال مبنى القيادة المركزية. ويختص السجن باستقبال السجناء السياسيين من غير الإسلاميين بالإضافة للجنائيين وفقًا لمصادر حقوقية وصحفية.
أما من حيث إدارة السجن الجديد، أتفق جميع ممن تحدثت معهم الجبهة على أن الأوضاع داخل السجن تُدار من قبل ضباط تابعين للأمن الوطني، بعض هؤلاء الضباط تحيط بهم شهادات تفيد بتورطهم في قضايا تعذيب سابقة بحسب أحد المصادر التي تحدثت للجبهة.
كما اتفق ثلاثة ممن وثقت معهم الجبهة المصرية بأنه لا يوجد داخل السجن أية لوحات توضح مواد لائحة تنظيم السجون.
حالة الزنازين والعنابر والمرافق
كانت وسيلة التواصل بين السجناء بعضهم البعض، وبين السجناء والإدارة في السجون القديمة هي نظارة الباب والتي تسمح للسجناء بالنظر إلى السماء، والتهوية، ومبادلة أطراف الحديث، أما في سجن بدر 1 فإن الوضع يختلف عما سبق. فبحسب إفادة أحد المحبوسين السابقين داخل سجن بدر 1 فإن زنازين السجن الجديد عبارة عن جدران اسمنتية، يتخللها باب من الحديد يحتوى على فتحتين تعملان إلكترونيا؛ الأولى أعلى منتصف الباب ولا تُفتَح أبداً، والثانية على ارتفاع نصف متر من الأرض، وتفتح فقط عند إدخال وجبات التعيين، وقبل التريض ليقوم السجين بالجلوس على قدميه وإخراج يديه عبر الفتحة لكلبشته قبل فتح باب الزنزانة. وتعد وسيلة التواصل الوحيدة بين السجناء وأفراد النظام داخل السجن هي زر يضُغط عليه فقط في حالات التبليغ عن الطوارئ.
وعلى الرغم من هذا التحول التكنولوجي في إدارة السجون الجديدة؛ إلا أن ظاهرة ما يطلق عليهم المسيرين مستمرة، وهم بعض السجناء الذين يقومون بالأعمال الإدارية والكتابية داخل العنبر، ويمارسون عدد من السلطات على باقي السجناء، وأفادت إحدى الشهادات بأن تعيين هؤلاء المسيرين يكون من قبل الأمن الوطني، وهو ما يعني عمليا أن هؤلاء المسيرين يعملون كذراع للأمن داخل العنابر مما يزيد من سوء أوضاع المحتجزين داخل هذه السجون بشكل يفوق السجون القديمة.
لا يرى السجناء الشمس حيث يسمح لهم بالخروج للتهوية داخل عنابرهم فقط دون الخروج لساحات السجن الخارجية وذلك لمدد متفاوتة. فبعض السجناء يُسمَح لهم بالخروج لمدة ساعة ونصف، والبعض الآخر لمدة ساعتين يوميا، وذكرت إحدى الشهادات أن وقت التريض لم يتخطى ربع ساعة، ويتحكم في مدة التريض الأمن الوطني. جميع السجناء يتم كلبشتهم بسوار السجن أثناء التريض، كما لم تسمح إدارة السجن بخروج السجناء إلى المكتبة على الاطلاق.
مساحة الزنازين مختلفة داخل السجن، بعضها عبارة عن 4 أمتار طول ومثلهم عرض، ويسكن في هذه المساحة حوالي 9 أشخاص، وبعضها أصغر حجما يسكن بها 3 أشخاص فقط، بالإضافة إلى زنازين واسعة تستوعب أعدادا أكبر تصل إلى 18 مسجون. بعض هذه الزنازين لا يوجد بها سوى مراتب ذات سمك ضعيف ملقاة على الأرض، والبعض الآخر يحتوى على أسرة، وتحتوي الزنازين على سبعة كشافات كبيرة للإنارة ومروحتان، وأربعة شبابيك مرتفعة جدا لدرجة اقترابها من السقف عبارة عن قضبان من الحديد دون زجاج أو سلك مما يزيد من شدة البرودة أثناء الشتاء بشكل كبير.
“نايمين فرش على الأرض على سفنجة طبقتها 2 سم ، وطبعا مفيش اى مراعاة لأى حالة صحية”.
تخلو زنازين سجن بدر 1 من أي أثاث، فلا يوجد ثلاجة لحفظ الطعام أو كراسي أو سخانات لتحضير الطعام، ولا تسمح إدارة السجن بدخول مثل هذه المستلزمات؛ ولكن يوجد بعض منها داخل كانتين السجن بأسعار مرتفعة جدا. كما يوجد في الزنزانة حمامان لا يتسعا للأعداد الكبيرة للسجناء، فضلا عن عدم صلاحية مياه الشرب، بالإضافة إلى حدوث انسداد في مواسير الصرف الصحي من وقت لآخر، وذلك منذ بداية افتتاح السجن.
“الحمام فيه مشكلة كبيرة من اول ما بدر اتفتح الصرف بيطفح على طول هناك عليهم لأن البنية التحتية مش مجهزة للأعداد دى كلها”.
يقدم السجن التعيين للنزلاء في شكل وجبات يومية، ويتفق جميع من قابلتهم الجبهة على رداءة جودته بالإضافة إلى تعمد إدارة السجن منع التعيين في بعض الأحيان. وفي حالة عدم وجود سخان كهربائي للطهي فإن المصدر الوحيد للسجناء لكي يتمكنوا من تناول وجبة ساخنة ونظيفة هو الطعام الوارد في الزيارات؛ ولكن بحسب الشهادات تتعمد الإدارة منع إدخال الطعام أو منع غالبيته في بعض الأحيان، وذلك أما لخلق حالة من التجويع المتعمد بهدف عقاب السجناء في بعض الأحيان، أو بهدف إجبار السجناء على شراء الطعام من كانتين السجن والذي يُباع بأسعار خرافية.
“هما بيكونوا سامحين بدخول أكل بشكل محدود جوه ليهم ، عشان فى أكل تانى بيتباع فى الكانتين وبتكون أسعاره خرافية جدا جدا جدا يعنى مثلا السمكة كانت بتتباع جوه ب 110 وطبق مكرونة بالباشميل ب 110 فا دى طبعا أسعار مرتفعة جدا”.
كما انعكست أزمة انقطاع الكهرباء التي تمر بها مصر في الآونة الأخيرة على المحتجزين داخل السجن، حيث أفاد أحد أهالي المحبوسين الحاليين داخل السجن للجبهة بأن انقطاع الكهرباء يؤدي إلى توقف جميع الأجهزة الكهربائية داخل الزنازين مثل المراوح والشفاط مما يكون له بالغ الأثر على صحة السجناء وخصوصا كبار السن منهم. وبحسب إحدى الشهادات التي حصلت عليها الجبهة، فإن التهوية داخل سجن بدر لا تختلف عن السجون القديمة، حيث لا يتميز سجن بدر 1 بنظام تهوية جيد، فضلا عن عدم تعرض الزنازين لضوء الشمس.
بالمراقبة الالكترونية
اعتمدت وزارة الداخلية أثناء بناء مراكز التأهيل والإصلاح الجديدة على تقنية الكاميرات المثبتة داخل الزنازين لمراقبة السجناء، وفي سجن بدر 1 يوجد داخل الزنزانة كاميرا مثبتة في إحدى زوايا الزنزانة تكشف جميع أرجائها بإستثناء منطقة الحمامات، بالإضافة إلى الكشافات عالية الإضاءة والتي تعمل على مدار اليوم حتى في أوقات النوم، وذلك لضمان عمل الكاميرات ليلا، بالإضافة إلى استخدام هذه الإضاءة كنوع من أنواع التعذيب النفسي للمحتجزين، فبحسب أحد أهالي السجناء الحاليين داخل بدر 1، تمنع الإدارة دخول غمامات العين التي تستخدم لتوقي الإضاءة العالية أثناء النوم.
لا يبدو أن وجود هذه الكاميرات ذى تأثير على كفاءة وفاعلية تدّخُل إدارة السجن في الحالات الطبية الطارئة، بالإضافة إلى تأثير هذه الإضاءة القوية على قدرة المسجونين على النوم، وعلى حالة الرؤية للمحتجزين المصابين بحساسية العين، فضلا عن الشعور الدائم بالمراقبة والانتهاك.
“الحالات اللي ماتت كلها كان ممكن تتلحق، في عضو مجلس شعب مات بعد التريض بس هم مارحوش غير بعدها بكتير. مات بسكته قلبية وهم ما دخلوش عليه الزنزانة في ساعتها، هم خدوه بالليل”.
“وقت النوم كان بيشغل عليهم الكشاف العالى وده مؤذي جدا للعين ودى كانت وسيلة عقابية عليهم”
“التعامل كله الكترونى هنا، مفيش أى احتكاك بأى شخص وفى تيلفون موجود لما يحبوا حاجة يكلموهم.”
الزيارات والمراسلة
تمتد الرقابة الإلكترونية في سجن بدر 1 إلى قاعة الزيارات، حيث تحيط الكاميرات جميع أركان قاعة الزيارة بالإضافة إلى مرور المخبرين داخل القاعة، وعند الدخول يُسلَم أهالي السجناء ورقة مدون عليها رقم ترابيزة مخصصة لكل سجين،
كما يُلاقي الأهالي معاملة مهينة أثناء التفتيش، إذ تشتكي غالبية السيدات من تفتيشهن من قبل شرطيات السجن بطريقة تشبه التحرش الجنسي، واشتكت إحدى أهالي سجين حالي من عدم توافر دورات المياه داخل قاعات الزيارات بالإضافة إلى افتقار القاعات للنظافة. ويعاني أهالي السجناء من طول فترة انتظار الزيارت التي تصل إلى 5 ساعات، وتحكي إحدى أقارب سجين حالي داخل سجن بدر 1 معاناتها أثناء الزيارة تقول:
“بداية يومنا الساعة 8 نوصل السجن 9، اخر تسجيل 9 وربع، وبعدها ننتظر للساعة 1 او 2 يجى طفطف على البوابة ياخدنا ينزلنا عند بوابة تانية، ندخل تانى بيكون فى بوابة رئيسية فيها أمانات بنسلمها، وبعد كده بيتم تفتيشنا تفتيش ذاتى تانى، والأكل بيتحط على السير، وبعد كده فى ساحة انتظار تانية فى قاعة دى بنقعد فيها حوالى ساعة. وبعد كده بنركب مينى باص من جوه تانى بيلف بقى على السجن جوه واللى نازل بدر 1 بينزل واللى داخل بدر 2 هما بينزل، وهكذا بدر 3 لحد ما بننزل عند بدر 1 هما موجودين كده فى كيرف جنب بعض، وبعد كده يندهوا على الاسامى تانى لما بيندهوا على الاسم تانى بنروح ندخل ونبدأ نتفتش توفتيش تانى للأكل بس بالإيد، وبعد كده يتحط على جنب، وفى عساكر هناك بياخدوا الشنط دى يشيلوها على ترولى كبير ، بعد كده يدخلوا منها على بوابة كبيرة تانية، ودى اخر مرحلة للأكل. وبعد كده ندخل ساحة انتظار رابعة لحد ما كل الزيارات تتفتش ويدخلوا الاكل، ونقعد حوالى ربع ساعة فيها تانى لحد ما يدخلونا تانى من تلت بوابات تانيين، وبيكون فى شخص لابس مدنى على كل بوابة ورا بعد بيدخلونا على قاعة كبيرة مليانة طاولات حديد فى الأرض، ونقعد ننتظر فيها لحد ما هما بيجوا نقعد معاهم “.
لا تخضع الزيارات داخل سجن بدر 1 لقانون السجون واللائحة التنفيذية، حيث يمنح حق الزيارة بشكل انتقائي من قبل مسؤولين أمنيين، إذ يُستثنَى عدد من السجناء من الزيارات بشكل كامل؛ بينما البعض الآخر تسمح إدارة السجن بزيارته؛ ولكن من وراء حاجز زجاجي عبر سماعة تليفون لمدة نصف ساعة فقط كما في حالة رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح ونائبه محمد القصاص. والبعض الآخر ممن تسمح لهم إدارة السجن بالزيارة، وتمنع عنهم دخول الكتب، والمراسلات، والصحف اليومية، والأقلام، والورق، حتى للطلاب في أوقات الامتحانات حيث يجد الأهالي صعوبات بالغة لإدخال الكتب الدراسية وملخصات المناهج، كما يختلف عدد الأقارب المسموح لهم بالزيارة من سجين لآخر، حيث يسمح لبعض السجناء بإستقبال ثلاثة أشخاص من بينهم طفل، بينما البعض الآخر يستقبل شخصان فقط، دون أسباب واضحة.
بجانب هذا تمنع إدارة السجن دخول بعض الأغراض الشخصية كالبطاطين والملايات، والعديد من المأكولات والمشروبات، وتحديدا التي تبُاع داخل كانتين السجن بأسعار مرتفعة، ويشتري السجناء منتجات الكانتين عن طريق البونات التي تودع لهم عن طريق الاهل بواسطة مكاتب البريد.
وقارنت إحدى الشهادات بين أوضاع الزيارات في سجني بدر والقناطر والذي كانت تسمح فيه إدارة الأخير بدخول الطعام، والأغراض الشخصية ،ومتعلقات النظافة إلى حد ما. كما تختلف مدة الزيارة كذلك من شخص لآخر؛ ففي إحدى التوثيقات التي أجرتها الجبهة كانت مدة الزيارة ساعة ونصف؛ بينما في توثيق آخر كانت مدة الزيارة هي نصف ساعة فقط، ووصف توثيق ثالث مدة الزيارة بأنها لا تتعدى العشر دقائق، وبجانب ذلك يوجد بعض السجناء ممنوعين من الزيارات كليةً؛ ولكن يُسمَح بدخول الطبلية لهم في أوقات معينة، وتمنع إدارة السجن دخول هذه الطبلية في بعض الأوقات.
“معجون الاسنان، والفرشاة، ومزيلات العرق الرول أو الفيبكس أو الاسبراي أو العطر ممنوع، كريم الشعر وفرشة الشعر، ممنوع أي فيتامينز أو مكملات غذائية ممنوعه، أجهزة الضغط والسكر والنيبولايزر، والنظارة الطبية، والرباط الضاغط. ممنوع أي كوتشي أو كوركس ممنوع، الملابس كلها، أحيانا يدخلوا الداخلي، وممكن يدخلوا منه قطعه واحدة. الفوط والملايات ممنوعة، المخبوزات بأنواعها ممنوعة، ماعدا البقسماط، حتي العيش الفينو، والسوري ممنوع. مش عندهم أدنى مشكلة خالص أن يرجعوا الزيارة كاملة. في فترة اللي كان بيدخل أكل وجبه واحدة لفرد واحد وباقي الزيارة بيرجع. لازم التمر يكون منزوع النوى، وكذلك الفاكهة زي الخوخ والمشمش والبطيخ والكانتلوب لازم يتقطع. بعد الإضراب سمحوا بدخول المشمش والخوخ لأن من أول الصيف بنحاول وكانوا رافضين. الخيار بيكسروه والجزر والكابوتشا، اي حاجه بيفتحوها، وينقلوها في كيس تاني زي الشاي، والاوكسي، والقهوة، واللبن البودر، وزيت الزيتون. الصابون بيفتحوه ويكسروه ويرموه وسط الأكل. المناديل بيقطع الكيس بتاعها، بيفتحوا الأكل ويمدوا أيدهم، ويدوقوا الأكل. القلم، والورق، المصحف والمصلية والسبحة والكتب والروايات ممنوع” .
الفيديو كونفرانس
في ديسمبر 2021 أصدر وزير العدل القرار رقم 8901 لسنة 2021، بإستخدام التقنيات الرقمية في تجديد الحبس الاحتياطي. أجاز القرار لمحاكم الجنايات إجراء جلسات التجديد من خلال خاصية الفيديو كونفرانس، وذلك عن طريق شبكات تلفزيونية تربط كل من القاضي، ووكلاء النيابة، والمحاميين من جهة، والمتهمين داخل محبسهم من جهة أخرى.
بحسب إحدى الشهادات التي وثقتها الجبهة، يتم تجميع المتهمين من كل القضايا داخل غرفة واحدة، ولا يستغرق القاضي أكثر من دقيقة واحدة لكل قضية، فضلا عن وجود عدد كبير من المشكلات التي وقعت بحق المتهمين بسبب تطبيق هذه الخاصية على رأس هذه الانتهاكات هي حرمانهم من التواصل الفعال وعلى انفراد مع دفاعهم، وصعوبة التحدث عن الانتهاكات التي يواجهونها داخل محبسهم أمام القاضي، ورفضه سماع شكواهم، فضلا عن عدد من المشكلات التقنية التي تتمثل في قطع الاتصال، وعدم وجود انترنت، وضعف المعرفة التقنية عند الموظفين، وتأجلت جلسات عدد كبير من نزلاء سجن بدر 1 بحجة تعطل شاشات العرض، ووجود أعطال في كابلات الاتصال، وتلف الكاميرات.
الرعاية الصحية
حرصت وزارة الداخلية في دعايتها أثناء افتتاح مجمع سجون بدر على الحديث عن مستشفى السجن، والتأكيد على كماليته وجهوزيته العالية، حيث قالت الوزارة أن المستشفى يوجد به غرف لإجراء العمليات والأشعة والتحاليل، فضلا عن أماكن للغسيل الكلوي والطوارئ بالإضافة إلى صيدلية. وعلى الرغم من الجاهزية العالية للمستشفى داخل السجن؛ إلا أن إدارة السجن تتعنت في إدخال الأدوية اللازمة للسجناء في الزيارات فضلا عن صرفها من الصيدلية الخاصة بالمقر.
بحسب إحدى الشهادات التي أجرتها الجبهة مع ذوي محبوس حاليا داخل السجن، لا توجد أي إجراءات للتعقيم والوقاية من العدوى، كما لم تقم إدارة السجن بتسجيل الحالات الصحية عند دخولهم السجن، كما يتم حرمان السجناء من حقهم في الكشف الطبي عند الحاجة، بالاضافة الى عدم جاهزية عيادة السجن وعدم وجود الادوية اللازمة داخل عيادة السجن، وفي الحالات المزمنة فقط يتم التحكم في صرف الدواء من عدمه تحت إشراف ممرض وليس طبيب السجن. وفي أسوأ الحالات يتم نقل الحالات الخطرة إلى مستشفى السجن بعد مدة طويلة رغم وجودها على بعد خطوات من العنبر.
“كل حاجة بتتمنع ختى العلاج ، العيادة ممنوعين اصلا من انهم يروحوها ومش مسموح ليهم خالص يروحوا ولو حد خلاص بقى محتاج تدخل ممكن ينقلوه المستشفى بس ده بعد مدة كبيرة جدا ، وعايزة اقول حاجة المستشفى خطوات من المكان اللى هما فيه “
وبحسب شهادة نجل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المحبوس حاليا داخل سجن بدر 1، فإن والده لا يحظي بالرعاية الصحية اللازمة، ويعتمد على نفسه في قياس الضغط والسكر، وعلى الرغم من توقيع الكشف الطبي على أبو الفتوح داخل المستشفى، وإقرار الطبيب بوجود ضعف في عضلة القلب لم تتفاعل إدارة السجن مع أي من مطالبه الصحية، حيث يحتاج إلى عملية جراحية في البروستاتا، وعرض على استشاري باطنة لعلاج فرط ارتفاع السكر.
كما طالبت عدد من المنظمات الحقوقية إدارة السجن بتقديم الرعاية الصحية لبدر محمد والذي يعاني من تدهور حالته الصحية والنفسية مثل مشاكل في النظر، وسوء التغذية، وآلام الأسنان، وذلك بسبب سوء المعيشة داخل السجن.
كما وثقت عدد من المنصات الإعلامية والحقوقية عددا من حالات الوفاة نتيجة الإهمال الطبي داخل سجن بدر 1،
من بينهم حالة السجين سامح محمد أحمد منصور، الذي كان يعاني من ضمور في وظائف الكلى، وأدى تعنت وتأخير تقديم الرعاية الصحية من قبل إدارة السجن إلى وفاته داخل غرفة العناية المركزة.
وتوفي أيضا طه أحمد هيبة بعد صراع مع مرض السرطان والذي أُصيبَ به أثناء احتجازه، ولم تستطع مستشفى السجن أن توفر له العلاج المناسب فتدهورت حالته وتوفى في يناير 2024 بعد مناشدات عديدة من أهله لإطلاق سراحه.
محاولات الانتحار داخل السجن
تتواتر أخبار عن إقدام العديد من المحتجزين داخل السجون المصرية على الانتحار مع افتتاح مركز التأهيل والإصلاح ببدر، فخرجت العديد من الرسائل المسربة التي تٌفيد بمحاولة انتحار المحتجزين بعدد من الوسائل، ويصعب الوقوف على أسباب واضحة لدفع المحتجزين للانتحار؛ ولكن بحسب مصدر حقوقي تحدث للجبهة المصرية، فيرى أن تضافر عدد من العوامل مثل منع إدخال الكتب والجرائد التي تعمل على الحفاظ على الحد الأدنى من السلامة والاتزان العقلي، بالإضافة إلى العزلة الشديدة المفروضة من قبل الإدارة، وبحكم التصميم المعماري للسجن مع التحكم الإلكتروني، فكل ذلك يدفع المحتجزين للإقدام على محاولة الانتحار.
وكانت عدد من المنظمات الحقوقية قد وثقت في بيان لها 3 حالات انتحار داخل سجن بدر 1، أحد هذه الحالات لشخص محبوس انفراديا في الدواعي، واثنين آخرين حاولا الانتحار بمقر نيابة أمن الدولة العليا.
الإجراءات العقابية ومعاملة المحتجزين بالسجن
بجانب الإجراءات العقابية المستخدمة في السجون القديمة مثل الحبس في غرف التأديب والحبس الانفرادي تستخدم إدارة سجن بدر 1 سياسات عقابية جديدة مثل التغريب إلى سجون بعيدة، والمنع من الزيارة والتريض، وقطع المياه والكهرباء، واستخدام سياسة التجويع عن طريق منع إدخال الطعام وغلق الكانتين عليهم، واستخدام كشافات الإضاءة الشديدة في الليل لمنعهم من النوم.
وأفادت أحد المصادر الحقوقية للجبهة المصرية بأنه في أواخر شهر ديسمبر 2023 تم تغريب 90 سجينا على سجون مختلفة بعد محاولتهم الاعتراض على منعهم من الزيارة ،كما تم تهديد السجناء الآخرين باستعمال القوة الضاربة وعناصر الأمن المركزي معهم. وفي مقابلة مع أحد أقارب محتجز حالي داخل السجن صرح للجبهة أن إدارة السجن عاقبت عدد كبير من السجناء بسبب قيامهم بالإضراب عن الطعام لتحسين ظروف معيشتهم. فأعدت إدارة السجن قوائم للمحتجزين المضربين، وفصلتهم عن غير المضربين. وقامت بتغريب عدد كبير من السجناء الذين نفذوا الإضراب إلى سجن المنيا كمحطة أولى ثم إلى سجن الوادي الجديد الذي يبعد عن القاهرة مسافة 660 كيلو متر، والعدد الآخر قامت بالتنكيل به عن طريق قطع المياه والكهرباء عليهم في ظل موجة عالية من الحرارة.
“بالنسبة للأشخاص اللي مترحلوش فدول اتنكل بيهم حرفيا، قطع عنهم مية ونور وتريض ومنع كل وسيلة للأكل ممكنة ودخل تفتيشات عليهم، وقفل الكانتين عليهم، وهما امتنعوا بسبب ده. وقت النوم كان بيشغل عليهم الكشاف العالي، وده مؤذي جدا للعين، ودي كانت وسيلة عقابية عليهم بسبب اللي حصل الفترة اللي فاتت، والأمر ده مستمر عليهم لحد دلوقتي”.
ووثقت عدد من المؤسسات الحقوقية وقائع اعتداء بالضرب وسوء المعاملة ترقى لمصاف التعذيب والمعاملة اللاإنسانية وقعت بحق عدد من السجناء البارزين داخل سجن بدر 1 -المحامي الحقوقي محمد الباقر، الصحفي محمد اكسجين، والسياسي حامد صديق- حيث استعمل مأمور سجن بدر 1 قوات فض الشغب داخل السجن لإخراج حامد صديق من زنزانته بالقوة، والإعتداء عليه بالضرب بالعصا، ودهس وجهه، ونقله إلى التأديب، وذلك على إثر رفضه الذهاب إلى جلسة تجديد حبسه نظرا لظروفه النفسية السيئة بسبب وفاة زوجته، وتدويره على ذمة قضية جديدة، واستمرار حبسه بعد انقضاء المدة القانونية للحبس الاحتياطي. وعقب تدخل زملائه في الزنزانة محمد الباقر ومحمد اكسجين لمنع الاعتداء عليه، قام مأمور السجن بالإعتداء عليهم بالضرب، وإحداث إصابات بكل منهم بالإضافة إلى تكميم أفواههم بالقماش، ونقلهم إلى غرف التأديب بملابسهم الداخلية فقط، ومنع الأدوية، والطعام، والمياه عنهم.
وتوضح إحدى الشهادات تغير طريقة المعاملة مع المحتجزين بعد فترة من بداية افتتاح السجن، تقول:
” المفروض أن السجن ده يكون اريح فى التعامل عن السجن القديم وده اللى كان ظاهر فى البداية وده كان بسبب ان إلى كان ماسك السجن أفراد من الداخلية لكن بعد ما الأمن الوطنى مسك السجن أصبحت كل حاجة سيئة جدا الأكل بقى يتمنع ، التريض قللوا وقته ، كلبشه وهما خارجين لأى إجراء ، التفتيش بشكل دورى وبدون سبب”.
وقائع اضراب النزلاء في سجن بدر 1
في 31 مايو 2024 دخل عدد من المحتجزين داخل سجن بدر 1 في إضراب احتجاجي تمثل في رفض استلام التعيين الخاص بالسجن، ورفض الخروج للتريض، وذلك على خلفية عدد من الانتهاكات المتصاعدة بحق السجناء،كان آخرها هي أزمة انقطاع الكهرباء عن السجن، وتأثير ذلك على نظام التهوية حيث يؤدي هذا الإنقطاع إلى توقف المراوح، والشفاطات داخل الزنازين، وفي ظل أزمة ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها مصر في صيف 2024 فيؤثر ذلك على صحة السجناء وخاصة كبار السن.
“كل اللى حصل إن بسبب مشكلة الكهرباء اللى بتقطع فى مصر عموما النور برضو بيقطع عندهم لمدد كبيرة، وبيكون فى لمبة واحدة بس اللى شغالة ، هما عارفين موضوع الكهرباء ده من الزيارات وإن فى مشكلة عموما فى الكهرباء لكن الموضوع صعب عليهم بسبب إن الغرفة بيكون فيها أشخاص كبيرة فى السن وأشخاص مرضى عموما وكل حاجة حرفيا بتقف جوه الغرفة من مراوح وشفاطات أو سخان”.
وتمثلت مطالب السجناء في عدد من النقاط من بينها مايلي:
- تغيير إدارة السجن والمتمثلة في المأمور ورئيس المباحث وضابط الأمن الوطني.
- تحسين كافة الأوضاع المعيشية داخل السجن.
- معرفة سبب حبسهم الاحتياطي المطول الذي تجاوز مدة الحبس القانوني.
- تسهيل إجراءات الزيارة على الأهالي والسماح بدخول أغراض السجناء وعلى رأسها إدخال الأدوية للحالات المرضية .
أبرز المحتجزين السياسيين داخل سجن بدر 1
- السياسي ورئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، محبوس منذ عام 2018، وهو الآن يقضي حكما بالسجن لمدة 15 عاما بعد اتهامه ومحاكمته أمام محكمة أمن الدولة طوارئ في القضية رقم 440 لسنة 2018 أمن دولة، جرى نقله إلى سجن بدر 1 في أكتوبر 2022، وهو مودع في زنزانة انفرادية ويعاني من عدد من الأمراض من بينها أمراض القلب والضغط والسكر، وتمٌنَع الزيارة العادية عن أبو الفتوح داخل السجن حيث تتم زيارته من خلال كابينة تليفون ومن وراء حاجز زجاجي.
- السياسي ونائب رئيس حزب مصر القوية محمد القصاص، جرى القبض عليه عام 2017، وتمت إحالته ومحاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا في القضية رقم 440 لسنة 2018 أمن دولة وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أعوام، تم نقله إلى سجن بدر 1 في أكتوبر من العام 2022، ويمٌنَع القصاص من الزيارة العادية، حيث يزور هو الآخر من وراء حاجز زجاجي.