اعتمدت الجبهة المصرية في إنشاء هذه الصفحة التعريفية على بعض المقابلات الشخصية مع محتجزين سابقين بسجن برج العرب. أيضًا قامت الجبهة برصد ومتابعة الأخبار والتقارير المتعلقة بالسجن، والتي نشرتها منظمات مجتمع مدني ومؤسسات إعلامية وصحافية.
بيانات السجن
صدر قرار عام ٢٠٠٤ في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بإنشاء سجن برج العرب «الغربانيات»، في منطقة صحراوية تقع غرب محافظة الإسكندرية. وذلك نظرًا للحاجة إلى استيعاب عددًا أكبر من السجناء لا يتحمله سجن الحضرة، إضافة إلى أنه يقع داخل مدينة سكنية فأصبحت هناك حاجة ملحّة لنقل السجناء الخطرين إلى سجن في منطقة نائية شديدة الحراسة. سجن برج العرب مخصص للجنائيين، كما أنه يستقبل أصحاب الجنسيات الأجنبية الذين يُلقى القبض عليهم داخل مصر لارتكابهم جرائم، إضافة إلى السجناء المقبوض عليهم على خلفية قضايا سياسية.
يحيط بالسجن من الخارج سوران مرتفعان، يوجد عليهما عدد من أبراج المراقبة والحراسة، السور الأول مصمم لتأمين المنطقة من الخارج، بينما الثاني يحيط بـ«سجن برج العرب الاحتياطي»، و«ليمان برج العرب». ويتكوّن السجن من ثلاثة أقسام، القسم الأول هو مقر كتيبة الأمن المركزي، التي تؤمن سجن وليمان برج العرب، والقسم الثاني حيث يقع سجن برج العرب الاحتياطي، أما الثالث هو ليمان برج العرب، ويحتجز فيه من صدرت بحقهم أحكام بالسجن المشدد. ويضمّ السجن ٢٥ عنبر، تم توزيعها على خمس مجموعات، بحيث تضم المجموعة الواحدة خمسة عنابر. يحتوي العنبر الواحد على ١٨ زنزانة موزعين على جناحين بالتساوي في دور أرضي. هذا بالإضافة إلى عنبر «شديد الحراسة» والذي ينقسم إلى قسمين، أحدهما يُسمى «المخصوص» يستقبل فيه المحكوم عليهم بالإعدام حتى يتم تنفيذ الحكم. وتفيد شهادة أحد المحتجزين السابقين للجبهة المصرية أن المجموعة الأولى من العنابر تضمّ عنبري «الإيراد» ويقعان في عنبر ٢ و«التأديب». أيضًا توجد بعض المباني الأخرى بالسجن مثل المستشفى وهي مخصص لها أحد العنابر، وورشة نجارة، ومكتبة صغيرة، وملعب كرة قدم، ومخبز، ومطبخ السجن، ومغسلة.
حالة الزنازين والعنابر ومرافق السجن
التكدس والتهوية ونظافة العنابر
من واقع شهادات بعض المحتجزين السابقين بالسجن للجبهة المصرية فإن زنازين السجن بصورة عامة متشابهة من حيث التصميم والسعة، إلّا أن وضع زنازين الإيراد أكثر سوءًا. تبلغ مساحة الزنازين كلها تقريبًا طول ٦ متر × ٤ متر عرض وتتسع لحوالي ١٢ شخص، لكن في الإيراد يتم احتجاز ما يزيد عن ٣٥ شخص. أما بالنسبة لزنازين «التسكين» فيروي أحد المحتجزين أنها بنفس السعة التي سبق الإشارة إليها، غير أنه يتم تسكين ٢١ شخص في الزنزانة الواحدة. أما عن منافذ التهوية داخل الغرفة فيوجد أربعة نوافذ موزعة على الجانبين، في كل جانب النافذة الأولى طولها ١,٥ متر × ٢٠ سنتيمتر عرض تقريبًا، والثانية بجانبها طولها ١ متر × ٢٠ سنتيمتر عرض تقريبًا. كما يوجد «نضّارة» على باب الزنزانة الحديد إلّا أنه يمكن التحكم فيها من الخارج بغلقها أو فتحها، وتبلغ مساحتها ٢٠ سنتيمتر طول × ١٥ سنتيمتر عرض.
يوجد في كل عنبر مساحة مخصصة للتريّض، أبعادها حوالي طول ٣٠ متر × عرض ٥ متر، والأرضية أسمنتية، وترى الشمس إلا أنها مغطاة بسلك حديدي. ويتم منع المحتجزين من التريّض كأسلوب للتنكيل والعقاب في حال اعتراضهم على بعض الممارسات أو الانتهاكات، حيث أشار أحد المحتجزين السابقين بأنه سبق وتم منعهم من الخروج للتريّض حوالي عشرة أيام، وبعد عودتهم مرة ثانية للتريّض اقتصرت المدة من ٥ إلى ١٠ دقائق، والتي كانت قبل ذلك حوالي ٣ ساعات.
بالنسبة لأدوات النظافة الشخصية أو نظافة السجن يحصل عليها المحتجزون عن طريق الزيارة، ويتم منعها أحيانًا لإجبار السجناء بصورة غير مباشرة على شرائها من داخل السجن. وكانت نظافة الزنازين تتم بالتنسيق بين السجناء، كما يتم التنسيق بين الزنازين لخروج الأغطية والبطاطين في الشمس عند سماح إدارة السجن لهم بذلك. وجدير بالذكر أن إدارة السجن تمارس التعنت بصورة خاصة مع بعض السجناء دونًا عن غيرهم، حيث حيث ذكر المحامي محمد رمضان في إحدى رسائله بأن الزنزانة المحتجز بها هي الزنزانة الوحيدة غير المسموح لها بالخروج للتريّض أو فتحها للتهوية، كما أن المحتجزين بتلك الزنزانة ممنوعون من دخول أدوات الحلاقة الخاصة بهم.
مرافق السجن
تفيد شهادة أحد المحتجزين السابقين أن السجن لا يعطي الوافدين أو المحتجزين أغطية أو بطاطين، وبالتالي عند دخول «الإيراد» بالتحديد يضطر المحتجز إلى النوم على الأرض دون أغطية وذلك في حال لم يكن معه أي متعلقات شخصية قبل ترحيله إلى السجن. ويضيف المحتجز السابق، توجد دورات مياه في كافة زنازين برج العرب، بما يشمل زنازين «الإيراد». وتبلغ مساحتها حوالي عرض ١ متر × ٠,٥ متر طول، وتحتوي على «قاعدة بلدي»، وصنبور مياه في الأرض، وللاغتسال يستخدم المحتجزون إناء وزجاجة مياه.
أما بالنسبة للإضاءة، ففي «الإيراد» لا يوجد سوى مصباح إنارة واحد غير كافي للإضاءة ويتحكم به المسؤول بالخارج، أما زنازين «التسكين» فيسمح السجن بتمرير سلك من خلاله يضع السجناء عدد من مصابيح الإنارة التي يُسمح لهم بدخولها في الزيارة، ويتراوح عدد تلك المصابيح ما بين اثنين أو ثلاثة وكانت كافية بحسب رواية أحد المحتجزين السابقين. وكانت الزنزانة طوال اليوم تقريبًا لا تطفئ مصابيح الإنارة، فالإضاءة أثناء فترة النهار لم تكن كافية حيث لا يدخل سوى ضوء بسيط غير مباشر من أشعة الشمس. وأضاف محتجز سابق أنه في بعض الأوقات أثناء تفتيش مصلحة السجون يتم تمزيق هذه السلوك وتعتيم الغرفة تمامًا من أية مصادر إضاءة قبل أن يتم السماح مرة ثانية بدخول مصابيح جديدة.
فيما يتعلق بالمياه، يصف أحد المحتجزين السابقين أنها كانت تأتي من خزّانات مياه وهي مالحة غير صالحة للشرب، فيقوم السجناء بشراء مياه للشرب، بينما يستخدمون مياه السجن في الاغتسال فقط. ومياه السجن متوافرة أغلب الوقت لكن يقوم السجن أحيانًا بقطعها عنهم لتكديرهم. أما «التعيين» فكانت وجبتي الإفطار والغداء، وتتضمّن بيض مسلوق، فول، عدس، بطاطس، بصل، طماطم، ومرتين في الأسبوع لحوم. وجبة الإفطار كانت مواعيدها في التاسعة صباحًا والغداء في الثانية عشر ظهرًا. وأوضح أحد المحتجزين السابقين أنه لم يكن يتناول تلك الوجبات، ووصف اللحم بأن طهيها وهيئتها كانت رديئة للغاية، وكان يعتمد بشكل كلي على الوجبات التي تأتيه في الزيارة، أو الشراء من «الكافيتريا» داخل السجن.
وفيما يخص «الكافيتريا»، فأشار محتجز سابق للجبهة المصرية أنه بالتنسيق مع المسيّر يمكن طلب بعض الأطعمة مثل التونة، الأسماك، دجاج، عيش، أرز، مكرونة. أما «الكانتين» فيمكن للسجين شراء منه ما يحتاجه خلال فترة الزيارة وإذا ما احتاج شيء في وقت لاحق فيدوّن ما يريده للمسيّر فيأتي له به. وكان السجن يمنع دخول المياه بالأخص أثناء الزيارة، ونظرًا لحاجة السجناء إليها لملوحة المياه داخل السجن، فكانوا يقومون بشرائها من داخل السجن. وأوضح المحتجز السابق أن أسعار «الكانتين» كان مبالغ فيها مقارنة بالأسعار خارج السجن. وأضاف أنه في بعض الأحيان كنوع من التكدير يقوم السجن بإغلاق «الكافيتريا» و«الكانتين» للتضييق على السجناء.
معاملة السجناء
ذكر أحد المحتجزين السابقين للجبهة المصرية أنه بمجرد وصوله إلى سجن برج العرب ضمن مجموعة معه، تم تجريدهم من ملابسهم تمامًا عدا الملابس الداخلية فقط، وتم توقيع كشف طبي عليهم، وصفه بأنه ظاهري فقط لكشف إن كان يوجد آثار علامات أو إصابات في جسده، بعد ذلك يتم حلاقة شعر الرأس تمامًا للوافدين على السجن.
وأشار المحامي محمد رمضان إلى أنه قد يتم احتجاز البعض في إحدى زنازين «الإيراد» لمدة تتراوح ما بين الـ ١٥ يوم إلى عدة أشهر، وقد تصل إلى سنة كاملة. ويوجد في هذا العنبر بالتحديد «نبطشي» يقوم بمراقبة السجناء وإبلاغ إدارة السجن بما يدور بينهم. وأضاف رمضان في رسالته أنه خلال فترة الإيراد يقوم السجن يوميًا في الصباح، بحضور النبطشي ومجموعة من المخبرين حاملين كرابيج أو كابلات الكهرباء، بإخراج السجناء الجنائيين وإجبارهم على قضاء الحاجة بصورة علنية وهم عرايا من الأسفل، وذلك خشيةً من قيامهم ببلع أية ممنوعات أو مخدرات. كما يوضح رمضان في رسالة ثانية أنه يوجد طقس متعارف عليه بين السجناء الجنائيين عند مقابلة ضابط المباحث لسجين جنائي في زنزانته أو في مكتب الضابط، وهو أن يقوم السجين بخلع ملابسه من تلقاء نفسه عدا ملابسه الداخلية ويفعل ذلك دون انتظار أوامر الضابط نفسه، وكأنه احترامًا من قبل السجين للضابط، كما ورد من شهادات بعض السجناء لمحمد رمضان.
من المعروف قيام مصلحة السجون بزيارات إلى السجون في مصر، وهي زيارات شهيرة بالانتهاكات التي يتعرّض لها السجناء ومن أبرزها «التجريدة» وما يصاحبها من تعدي على المحتجزين بالسب والضرب وسوء المعاملة. يصف محتجز سابق أنه مع وصول مصلحة السجون يقتحم أفرادها الزنازين ويخرجون المحتجزين إلى ساحة التريّض مع التعرّض لهم بالسب والضرب، ويقومون بتفتيش كافة متعلقاتهم، ثم يعود المحتجزون للزنازين فقط بالأغطية والبطاطين والملابس. ويصف المحامي محمد رمضان وقت ما قبل اقتحام الزنازين من قبل المصلحة، حيث يقول بأن جنود الأمن المركزي يكونون مجتمعين ويهتفون قائلين: «اصحوا لينا.. إحنا جينا.. هنعلمكم.. حب بلدكم». ويوضح في رسالة أخرى له أن ظروف زيارات مصلحة السجون مرتبطة بثلاثة سيناريوهات، إما تنفيذ حكم إعدام، أو «تجريد الزنازين»، أو «تغريب» بعض السجناء حيث يقتحمون زنازين معينة محتجز بها مجموعة من السجناء المعنيين بالقرار، وينادون عليهم لنقلهم فقط بما يرتدونه من ملابس إلى سجن آخر.
أما بالنسبة لـ«التأديب»، فأوضح المحامي محمد رمضان أيضًا أن أوضاع زنازين الانفرادي في «التأديب» تتشابه مع عنبر «المخصوص»، وهو المخصص للمحكوم عليهم بالإعدام، فالزنزانة صغيرة جدًا ولا يوجد بها دورة مياه. ويخرج المحتجز بالتأديب مرة واحدة يوميًا لمدة نصف ساعة إلى دورة المياه، ولا يوجد أي شيء داخل الزنزانة ولا يسمح بدخول سوى بطانية واحدة، كما لا يسمح لمن في التأديب بأداء الزيارة، أما عن المحتجزين في «المخصوص» فالزيارة لهم مرة كل شهر. و«التعيين» في «التأديب»، بحسب محتجز سابق تحدث للجبهة المصرية، يكون كل يوم رغيف من الخبز وقطعة جبن أو حلاوة طحينية. وفي رسالة أخرى لرمضان أشار إلى أن زنازين «التأديب» التي تبلغ مساحتها ١ متر × ٣ متر قد يحتجز بها حوالي ٧ أشخاص لمدة شهر، ولا يوجد بها سوى بطانية واحدة وجردل للتبوّل وزجاجة واحدة لتر ونصف لهم جميعًا، ويكون «التعيين» فيها بنفس كميته التي سبق الإشارة إليها. والجدير بالذكر أن السجن يستخدم سياسة الحبس الانفرادي كأداة تنكيل منذ اللحظة الأولى لدخول السجن، حيث يقضي السجين فترة احتجازه في زنزانة انفرادي وهو ما حدث مع الصحفي يوسف شعبان الذي بقى في محبسه الانفرادي لمدة سنة ونصف منذ ترحيله إلى سجن برج العرب وحتى خروجه.
الرعاية الصحية
من واقع شهادات رواها بعض المحتجزين السابقين للجبهة المصرية، كان يوجد طبيبين وتمرجي، وكان الأخير هو عادة من يقوم بالكشف على السجناء. وقام السجناء نظرًا للإهمال الطبي داخل السجن بتقديم رعاية طبية بديلة ذاتية، حيث يقوم المسيّر السياسي بالتنسيق مع الأطباء من بين السجناء ويمرّون على العنابر لتفقد أوضاع السجناء وتوقيع الكشف الطبي عليهم في نطاق الإمكانات القليلة المتاحة لهم. لكن هذا الوضع توقف في مارس ٢٠١٥، حيث أصبحت إدارة السجن عامةً تتعنت بحق السجناء وتم منع خروج المسيّرين السياسيين من الغرف. كما ذكر أيضًا أحد المحتجزين السابقين أنه سبق وأن ساء وضع أحد السجناء والذي كان مريضًا بالقلب، وظل زملاؤه يهتفون طلبًا للمساعدة لمدة حوالي ٢٠ دقيقة، حتى جاء الشاويش ثم غاب لمدة ١٥ دقيقة وأتى بضابط المباحث، وبعدها خرج المحتجز للمستشفى بعد مرور حوالي ٤٥ دقيقة، وقامت المستشفى بعمل جلسة أكسجين له فقط ثم عاد إلى زنزانته.
أوضح أيضًا الصحفي يوسف شعبان أنه كان يلاقي رفض وتعنت من قبل إدارة السجن لإجراء التحاليل الطبية اللازمة له حيث كان يعاني من فيروس سي، ولم يجري التحليلات اللازمة إلا قبل إطلاق سراحه بوقت قليل، ولم يعرف نتائجها إلى أن غادر السجن. كما أوضح الصحفي محمد مدني في رسالته أنه لم يكن يرى الكثير من الأطباء بتخصصاتهم التي كان يسمع عنها داخل السجن من العظام والجلدية وغير ذلك، كما أنه كان يعاني حتى يتمكن من تلقي الكشف الطبي اللازم له حيث كان لديه مشكلة صحية في عينه، وحين تم عرضه على الطبيب لم يوقع الكشف عليه بل اكتفى فقط بسؤاله عدة أسئلة، وطلب منه بعد ذلك أن لا يطلب القدوم إلى مستشفى السجن مرة ثانية.
وتعرض أيضًا مهند إيهاب إلى إهمال طبي بالسجن أدى إلى تدهور صحته بشكل كبير حتى توفي بالخارج أثناء تلقيه العلاج، فمع دخوله سجن برج العرب وبمرور الوقت بدأت حالته الصحية تسوء، وعندما تم عرضه على مستشفى السجن، اتضح أنه يعاني من أنيميا تسببت له في مرض التيفود، وبعد ذلك إصابته بفيروس سي. على إثر ذلك تم نقله إلى مستشفى الحميات ومع مرور الوقت تمكّن أهله من أخذ عينات منه وإجراء التحاليل الطبية اللازمة ليكتشفوا إصابته بسرطان الدم. دخل مهند إيهاب إحدى المستشفيات الحكومية في الإسكندرية وبدأ في تلقي العلاج الكيماوي، وبعد مطالبات عدة من أهله وذويه خارج السجن تم إخلاء سبيله ليسافر خارج البلاد ويتلقى العلاج، قبل أن يتوفى في أكتوبر ٢٠١٦ بعد رحلة طويلة من المعاناة داخل السجن مع الألم وطول الانتظار في التمكن من تشخيصه.
ومع انتشار جائحة كورونا، وضمن الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة الداخلية من تعقيم السجون في مصر، تحركت قافلة طبية في يوليو ٢٠٢٠ للكشف على النزلاء وتعقيم وتطهير سجن برج العرب، دون إصدار أي معلومات بعدها عن الأوضاع الصحية للمحتجزين داخل السجن قبل أو بعد هذه الزيارة. والجدير بالذكر أنه قد وقعت عدة حالات وفاة نتيجة اشتباه بالإصابة بفيروس كورونا بسجن برج العرب، إلا أن وزارة الداخلية لم توضح ملابسات هذه الوفيات أو الأخبار المتداولة حول الإصابات بفيروس كورونا داخل السجن.
الزيارة والمراسلات والاتصال بالعالم خارج السجن
طبقًا لشهادات محتجزين سابقين ببرج العرب، توجد صالة كبيرة مخصصة للزيارة، وبداخلها «الكانتين». يجلس الزائرون والسجين على الأرض أو على كتل خرسانية. وكانت مدة الزيارة تستغرق من ٤٥ إلى ٦٠ دقيقة، إلّا أنه بعد سياسات التنكيل التي انتهجها السجن مؤخرًا إزاء المحتجزين أصبحت الزيارة تستغرق فقط حوالي ٥ دقائق. كما توجد مساحة أخرى صغيرة للزيارة عبار عن غرفة صغيرة ضيقة، ويتم التبديل في الزيارات بين السجناء بين هاتين المساحتين.
يتعرّض السجناء وذويهم إلى تفتيشات بشكل مهين أثناء الزيارة، ويحتاج الأهالي طوال الوقت إلى دفع رشاوى للتعامل بشكل آدمي. أما بالنسبة إلى الأطعمة وأدوات المعيشة، فكانت تدخل أو تُمنع من الدخول بصورة متفاوتة، مثل الفاكهة، وكميات أكبر أو أقل من الوجبات، وأدوات النظافة، هذا بالإضافة إلى أنه لم يكن مسموحًا غالبًا دخول الأوراق والكتب. ويتعرّض البعض للتعنت في دخول الأدوية والأدوات اللازمة لإجراء التحاليل، وهذا ما سبق وعانى منه الصحفي يوسف شعبان مما أدى إلى تدهور حالته الصحية.
بجانب ما سبق ذكره، يتم منع البعض من أداء الزيارة، حيث أشار المحامي محمد رمضان أنه هو ومن معه في زنزانته تم نقلهم إلى زنزانة أخرى مع جنائيين، وأخبرتهم إدارة السجن أنهم ممنوعون من الزيارة لأنهم في «التأديب»، في حين أنهم كانوا في زنازين «التسكين» العادية، لكن مع جنائيين. كذلك تم منع الصحفي يوسف شعبان من أداء الزيارة لعدة أشهر بعد دخوله السجن. وتفيد شهادة محتجز سابق ببرج العرب أنه توجد مكتبة بالسجن، إلّا أن زيارتها كانت تقتصر على السجناء الجنائيين، بالإضافة إلى أداء بعض الطلبة امتحاناتهم بها. ويوجد بالسجن اشتراك بالجرائد والصحف.
الحق في التعليم
تعرّض عدد من الطلاب في عام ٢٠١٦ للاعتداء بعد عودتهم من سجن الحضرة إلى سجن برج العرب، وذلك بعد الانتهاء من تأدية امتحاناتهم. حيث اعتدت عليهم قوات من الأمن بالضرب وتم سحلهم إلى زنازين «التأديب». وفي نفس العام أيضًا تم التعرّض إلى مجموعة من الطلاب والتعدي عليهم بالضرب وتجريدهم من ملابسهم عنوة، وذلك في واقعة مشابهة للأولى، وأثناء عودتهم أيضًا من سجن الحضرة بعد تأدية امتحاناتهم، وتم وضع أربعة منهم في «التأديب» والباقي في زنزانة «الإيراد» دون طعام.
إضراب عن الطعام
هناك عدد من وقائع الإضراب عن الطعام التي تمّت داخل سجن برج العرب، سواء بصورة جماعية أو بشكل فردي. كان من ضمنها إضراب الناشط حسن مصطفى عن الطعام في عام ٢٠١٣ عدة أيام اعتراضًا على حبسه الانفرادي، مما أدى إلى تراجع إدارة السجن عن ذلك بعد حبسه عشرة أيام انفراديًا. وعلى إثر حوادث الاعتداء على الطلبة التي سبق ذكرها، أضرب عن الطعام مجموعة من السجناء، ومن ضمنهم سجين نشر رسالة من داخل السجن يعلن فيها إضرابه.
زيارات رسمية
في نوفمبر ٢٠١٩ نظمت وزارة الداخلية زيارة لمجموعة من الصحفيين وأعضاء مجلس النواب إلى سجن برج العرب، والتي نتج عنها تصريحات وتغطيات صحفية توضح أن الأوضاع داخل السجن جيدة وأن الخدمات والرعاية التي يحتاجها السجناء يلاقونها على أصعدة مختلفة، دون الإشارة إلى وجود أي شكاوى من قبل السجناء أو مطالبات منهم بخصوص أي شيء.
وفي أكتوبر ٢٠١٧، انتقلت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب السابق إلى سجن برج العرب لتفقد أوضاعه، وجاءت الأخبار الصحفية عن هذه الزيارة مجهلة من أية بيانات تفصيلية، سوى عنوان الخبر الذي يشير إلى أقوال سجناء تفيد تلقيهم كافة أوجه الرعاية الصحية والإنسانية.