بدلًا من تعويض المحتجزين تعسفيًا وجبر ضررهم بعد تجربة السجن: حملة علاقات عامة جديدة للسلطات المصرية تحت عنوان “إدماج المفرج عنهم”

على مدار ما يقرب من عام، تابعت الجبهة المصرية تصريحات صادرة من السلطات ومنها لجنة العفو الرئاسية منذ أبريل 2022 حول انهاء ملف المعتقلين في قضايا الرأي، والتي لحقها بعد شهور عقب إعادة القبض على الناشط شريف الروبي تصريحات عن جهود لإدماج هؤلاء المفرج عنهم خاصة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، من قبل لجنة العفو ومجموعات سياسية مقربة من السلطة مثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وهي التصريحات التي واجهت انتقادات من مفرج عنهم في قوائم العفو الأخيرة حول مدي جديتها، من حيث تركيزها على الصخب الإعلامي أكثر من المجهود الحقيقي والنتائج الملموسة، وانتقائية معايير التواصل مع المفرج عنهم، وعدم تناسب هذه الجهود مع عدد المفرج عنهم وعمق الاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المحتجزين بعد تجربة السجن، فضلًا عن مساومة بعض المفرج عنهم على الاستفادة من “خدمة ما بعد العفو” في مقابل الترويج للجنة العفو أو تنسيقية شباب الأحزاب أو حتي إظهار الولاء للسلطات.

بقرار من الرئيس السيسي في 26 أبريل 2022 في حفل افطار الاسرة المصرية، أعادت لجنة العفو الرئاسية تفعيل عملها من جديد بعد توقفها لسنوات، وجاءت تصريحات أعضاء اللجنة وقتها، أنها ستبدأ عملها بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، بما فيها الأجهزة الأمنية من أجل الإفراج عن المحبوسين الذين تنطبق عليهم شروط العفو وأكدوا أن اللجنة لن تنظر في ملفات الأشخاص المنتمين لجماعات إرهابية والمتورطين فى أعمال عنف مشيرين إلى أن معيارهم في ذلك هو الأحكام الصادرة ضد هؤلاء الأشخاص. وصرح أحد أعضاء اللجنة بتاريخ 1 يناير 2023 بعد صدور قرار من نيابة أمن الدولة العليا بإخلاء سبيل 28 متهما من المحبوسين احتياطيا بأن إجمالي عدد المفرج عنهم منذ إعادة تفعيل لجنة العفو السياسى فى اخر أبريل 2022 وصل إلى 1200 شخص، وهو الرقم الذي في حال صحته لا يتعدى ثلث المقبوض عليهم لأول مرة في نفس الفترة في قضايا أمن الدولة، ناهيك عن الأشخاص الذين يتم تجديد حبسهم خلال نفس الفترة سواء أمام نيابة أمن الدولة أو دوائر الارهاب.

من ناحية أخري، وكرد على حالة الإحراج الذي سببه إعادة اعتقال الناشط شريف الروبى عقب حديثه لأحد القنوات الفضائية عن صعوبة إدماج المفرج عنهم اجتماعيًا، خاصة من ناحية مواصلتهم لعملهم، نشرت لجنة العفو بيان فى 19 سبتمبر 2022 جاء فيه أن اللجنة تباشر عملها في ملف دمج المُفرج عنهم، وقد تم بالفعل تنفيذ عدد من الإجراءات بعودة البعض لأعمالهم أو توفير فرص عمل، كما يتم التنسيق مع الجهات المعنية بالدولة لحل بعض الأمور الإجرائية المتعلقة بمنع السفر والتحفظ على أموال بعض المفرج عنهم. وفي تصريحات فردية أخري أضاف أعضاء اللجنة أنه تٌجري متابعة كافة الطلبات الخاصة بالمفرج عنهم لدمجهم في المجتمع مرة أخرى، وبحث كل حالة على حدة تفاديا لاستهدافهم بأفكار متطرفة، بالإضافة إلى بحث مسألة تشريع خاص بدمج بعض حالات المفرج عنهم وإعادتهم لوظائفهم مرة أخرى لتذليل الصعوبات التي تواجه اللجنة في مسألة الدمج، مؤكدين على أن اللجنة حققت نجاحات في هذا الملف، كما أشارت اللجنة لعملها على عودة الطلاب الى مؤسساتهم التعليمية وعودة المفصولين إلى أشغالهم مرة أخرى، ودراسة بعض التجارب الدولية في هذا الموضوع. جدير بالذكر بأن كانت صحف محلية قد نشرت أخبارًا عن مساعدة لجنة العفو في توظيف بعض الصحفيين في قنوات تلفزيونية مرتبطة للدولة مثل قناة DMC، كما شاركت لجنة العفو أخبارعن مساعدة أحد المفرج عنهم في العودة الى عمله فى إحدى شركات البترول.

في إطار متابعة مدي جدية هذه التصريحات الصادرة من أعضاء في لجنة العفو وآخرين في تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين حول جهود الإدماج وأثرها على عموم المفرج عنهم، أجرت الجبهة المصرية في شهري يناير وفبراير 2023 مقابلات مطولة على الانترنت مع 5 أشخاص ممن أفرج عنهم خلال أقل من عام في قوائم مقدمة من لجنة العفو، حيث شاركوا أبرز الاشكاليات النفسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعانوا منها، وتقييمهم لجهود إدماج المفرج عنهم.

إشكاليات عدة تواجه المحتجزين تعسفيًا بعد تجربة السجن

بعد انتهاء تجربة الحبس الاحتياطي أو أحكام السجن المطولة يجد المحتجز نفسه، وأحيانا مع أسرته في مواجهة إشكاليات عدة، أبرزها البعد الاقتصادي. أشار مفرج عنهم وثقت معهم الجبهة المصرية بفقد بعضهم وظائفهم عقب دخولهم السجن، بعد فصلهم من مؤسساتهم وشركاتهم، ينسحب هذا حتي على أصحاب المهن الحرة مثل المحامين أوالأطباء حيث تغلق مكاتبهم وعياداتهم لسنوات مما يفقدهم عملائهم وسمعتهم، فضلًا عن تخوف العملاء من التعامل معهم لاعتبارات أمنية بعد عودتهم لعملهم، أكد أشخاص أيضًا بقيام بعض الجامعات والمدارس بالفصل التعسفي ضد طلاب عقب حبسهم. 

من الناحية الاجتماعية، أكد أشخاص للجبهة المصرية معاناتهم في التواصل والتعامل مع أفراد أسرته من جديد، وخسارتهم لعدد من روابطهم الاجتماعية بسبب خوف الآخرين من التعامل معهم بسبب الاعتبارات الأمنية. ومن الناحية النفسية، أكد عددين تعرضهم لمساحة واسعة من لاضطرابات النفسية على رأسها كرب ما بعد الصدمة، وشعورهم بشفقة الآخرين عليهم كونهم ضحايا، يصاحبه عدم المقدرة المادية لدى البعض للحصول على الدعم أو العلاج النفسى من متخصصين لمساعدتهم على التعافي وتجاوز آثار السجن.

بتوثيق الجبهة المصرية مع عدد من المفرج عنهم في إطار قوائم العفو، تظهر أربع محاور رئيسية جمعت تقييمهم لما يسمى بجهود إدماج المفرج عنهم، وهي كالتالي: 

1- الاهتمام بالتسويق الاعلامي من الدقيقة ١ لإخلاء السبيل

يلاحظ المراقب لإخلاءات سبيل المتهمين في إطار قوائم العفو، إصرار عدد من أعضاء لجنة العفو على أن يصاحب عملية الإفراج عن أعداد ضئيلة من المحتجزين صخب في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو الصخب الذي يمتد أحيانًا إلى بوابات السجون، حيث يصاحب خروج المفرج عنهم من السجون في الشهور الأخيرة تسويق إعلامي كبير ووجود مراسلي صحف وتمكينهم من التصوير أمام السجن، فضلًا عن تسليم الأشخاص المفرج عنهم ملابس جديدة مع إصرار الأجهزة الأمنية على ارتداء هذه الملابس قبل الخروج، وذلك على عكس المعتاد سابقًا. اهتمام الأجهزة الأمنية بالإخراج الإعلامي لعملية الإفراج تؤكده شهادات أشخاص وثقت معهم الجبهة المصرية، حيث قال أحدهم بأن أحد الضباط فى سجن طرة أمر بإدخال أحد المفرج عنهم مرة اخرى إلى السجن بعد خروجه (قبل نقل المحتجزين منه لسجون بدر)، وذلك لإعادة تصوير مشهد الخروج.

2- تركيز عرض خدمات الإدماج لمحتجزين سابقين نشطاء أو معروفين

وفقا لمقابلات أجرتها الجبهة المصرية مع عدد من المفرج عنهم، أشارالموثق معهم إلى أن لجنة العفو تنتقي التواصل وعرض تقديم خدمات تتعلق بالإدماج لفئة معينة من الذين أفرِج عنهم وهم عدد من النشطاء السياسيين وأعضاء المجتمع المدني المحتجزين سابقًا، والذين لديهم بعض الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، على حساب قطاع واسع من المفرج عنهم غير المعروفين، فيما يبدو أنه محاولة للايحاء لفاعلين حاليين/ سابقين في المجال العام بوجود تحسن في ملف الاعتقال السياسي، على حساب كثيرين، قد تكون تكلفتهم السياسية أقل أو أصواتهم غير مسموعة للعموم.
تُجرى عملية التواصل مع المفرج عنهم عن طريق أعضاء اللجنة نفسها أو من خلال وسطاء. تحدث أحد المفرج عنهم وهو عضو في أحد الأحزاب، عن تواصل اللجنة معه فقط عن طريق أحد أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب، وذلك من أصل 10 أشخاص مفرج عنهم في نفس القائمة، في حين يؤكد بأنه لم تتواصل اللجنة مع باقي المفرج عنهم، ويفسر هذا لعدم انتمائهم لأحزاب أو تيارات سياسية، بما فيهم طالب فُصل من الجامعة بعد القبض عليه. وأشار عضو الحزب الى محاولته لفت نظر أعضاء اللجنة للطالب المشار إليه لكي يتمكن من العودة للجامعة، لكن لم تلتفت اللجنة لطلبه بعد سبعة شهور عقب إخلاء سبيله، وحتي لحظة التوثيق معه.

3- غياب الدعم الاقتصادي والاجتماعي والدعم والتأهيل النفسي

نفى غالبية من تحدثت معهم الجبهة تلقيهم أي مساعدات من لجنة العفو فى إطار العودة إلى عملهم أو وظائفهم أو حتي تلقى الدعم النفسي لإعادة دمجهم اجتماعيًا. أفادت إحدى المفرج عنهم بتواصل لجنة العفو معها ووعدها بالعودة الى عملها، لتفاجأ بعدها بنشر خبر عودتها الى عملها بواسطة لجنة العفو فى عدد من الصحف المحلية على غير الحقيقة، مما اضطرها إلى نشر تكذيب الخبر.

أكد للجبهة أيضًا أحد المفرج عنهم كان قد تم القبض عليه بصحبة شقيقه، بأنه طلب على مدار خمسة أشهر من أحد أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب مساعدته فى الحصول على فرصة عمل ومساعدة شقيقه بالعودة إلى مدرسته، دون تلقي أي استجابة – حتي لحظة كتابة هذه السطور. أشار البعض الآخر الى تواصل لجنة العفو معهم دون تقديم أو عرض أي مساعدات باعتبارهم أصحاب مهن حرة، أفاد للجبهة محام وطبيب من المفرج عنهم بعدم قدرتهم على استعادة عملائهم أو فتح أماكن عملهم من جديد بسبب الخوف الأمني الذي تكون لدي عملائهم، وعجز مبادرات إعادة الإدماج حتى الآن عن رد اعتبارهم، وإعادة ثقة المجتمع بهم من جديد.

من ناحية تقديم خدمات الدعم والتأهيل النفسي للمحتجزين سابقًا، لم تعلن لجنة العفو في خطتها للدمج المجتمعي عن تخصيص مراكز للدعم النفسي بالمجان أو حتى بأسعار رمزية تتيح للمفرج عنهم تلقي المساعدة النفسية. أشار أحد المفرج عنهم للجبهة إلى احتياجه إلى الدعم النفسي وعدم مقدرته على تحمل التكلفة المادية للعلاج أو تكاليف الانتقال من محافظته إلى القاهرة لتلقى الدعم المجانى فى أى مركز متخصص. واقتصر الأمر على حالات معدودة عرض عليها تلقى العلاج النفسى عن طريق مقابلة أطباء داخل مقر تنسيقية شباب الأحزاب، في استهانة تامة بالقواعد البديهية للعلاج النفسي وضرورة توفيره في بيئة آمنة تحترم الخصوصية وتضع احتياجات المستفيدين من الخدمة أولا. 

4- دعم مقابل طلبات الترويج لجهود لجنة العفو وتنسيقية شباب الأحزاب 

أشار عدد من المفرج عنهم للجبهة المصرية بأن بعض التواصلات بين لجنة العفو ووسطائها مع المفرج عنهم أخذ شكل المساومات، بدلًا من اعتباره نوعا من جبر أضرار تجربة السجن التي تعرضوا لها على خلفية نشاطهم السياسي السلمي. حيث أشار عدد من المفرج عنهم بأنه طلب منهم الترويج ونشر دعمهم لجهود الإدماج على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل نشر فيديو او منشور على مواقع التواصل الاجتماعى يتضمن شكر لجنة العفو وكذلك تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وذلك في إطار التواصل حول طلبات العودة لوظائفهم أو تقديم بعض الخدمات لهم. وهي الطلبات التي أحيانًا ما تواجه قبولًا من بعض الأشخاص وأحيانًا يتم الرد عليها بالرفض، حيث وثقت الجبهة المصرية مع أحد الأشخاص رفضه لطلبات كتابة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأعمال لجنة العفو و تنسيقية شباب أحزاب.

جانب آخر من المساومات على تقديم خدمات الإدماج أخذ شكل دفع المفرج عنهم لإظهار الولاء للسلطات، حيث أشار أحد المحامين المفرج عنهم ضمن قوائم لجنة العفو أنه عقب ادلائه بتصريحات تخص عمله لأحد المواقع الصحفية المنتقدة لسياسات النظام، فوجئ بتواصل أحد أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب معه تطلب منه عدم التعامل مع ذلك الموقع. 

لما تقدم، تطالب الجبهة المصرية لجنة العفو والسلطات المعنية بالتالي:

– زيادة وتيرة الإفراجات وعدم اقتصارها على قوائم ضئيلة لا تحدث فارقًا في ملف المعتقلين تعسفيًا.

– اتخاذ إجراءات جدية وسريعة تساعد جميع المفرج عنهم بشكل فعال في إعادة إدماجهم، وعدم اختزال الأمر فى عدد قليل جدُا من

المحسوبين على تيارات بعينها.

– التوقف عن الترويج الإعلامي لجهود الإدماج على خلاف الحقيقة أو بما لا يعكس حجمها على أرض الواقع

– تخصيص مراكز لتقديم المساعدة النفسية للمفرج عنهم بشكل مجانى، وتحمل تكلفة الانتقال للعلاج من المقيمين خارج العاصمة، ومراعاة قواعد الجودة في تقديم المساعدة، وفتح المجال أمام مراكز ومعالجين مستقلين للمشاركة في جهود تقديم الرعاية الصحية النفسية، مراعاةً لحساسية المحتاجين للمساعدة النفسية وحتى لا تعود المساعدة النفسية المسيسة بأضرار إضافية على المستفيدين

– الإسراع فى إعادة الطلاب المفصولين لاستكمال دراستهم في المدارس والجامعات

– عدم استغلال المفرج عنهم و ابتزازهم للإدلاء بتصريحات أو الترويج لأعمال لجنة العفو

– الإفراج الفورى عن الناشط شريف الروبى والذي أعيد اعتقاله بعد ثلاثة أشهر من خروجه من السجن بسبب حديثه عن إشكاليات إندماج المفرج عنهم وعدم تقديم الدولة المساعدات اللازمة لهم لتحقيق هذا الإدماج.

 

ضع ردا

where to buy viagra buy generic 100mg viagra online
buy amoxicillin online can you buy amoxicillin over the counter
buy ivermectin online buy ivermectin for humans
viagra before and after photos how long does viagra last
buy viagra online where can i buy viagra