مرصد أوضاع الاحتجاز داخل مقر الأمن الوطني بالمنصورة

تنويه:

“تجب الإشارة بادئ ذي بدء إلى أن الاحتجاز داخل مقار الأمن الوطني هو أصلا احتجاز خارج نطاق القانون لأنه لا يكن بقرار من جهة قضائية، ولا تتطرق أي نصوص قانونية لتنظيمه بشكل مباشر، وتتخلله جملة من انتهاكات القوانين التي تٌنظم الإجراءات القانونية للاحتجاز، مثل التحقيق في وجود محامٍ، وإعلام المحتجز بالتهم الموجهة إليه، وإعلامه بمكان تواجده، إلخ… كما أنه لا تتوفر فيه أي من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون لكل من تٌصادر حريته من قبل الدولة، حيث يسود مناخ من اللاقانونية الصرفة داخل تلك المقار. كل من يحتجز داخل مقار الأمن الوطني يكون في عداد المختفين قسريا والمعزولين عن العالم الخارجي؛ بل إن بعضهم يقضي فترة اختفائه كاملة داخل المقر دون أن يعلم أين هو، ناهيك عن ذويه.  ولذلك وجب التنويه إلى أن كل ما سيلي ذكره من تفصيل لملابسات الاحتجاز والتحقيق والمعيشة داخل تلك المقار يحدث في إطار من الإخفاء القسري والاحتجاز بخلاف القانون. فمحاولة رسم صورة عن معيشة المحتجزين داخل المقار لا يجب أن تعتبر شكلا من التطبيع مع وجودهم بداخلها في المقام الأول، كما أن الحديث عن أي انتهاكات تتخلل التحقيقات أو المعاملة اليومية لا يجب أن يصرف النظر عن كون التحقيقات وسلطة الضباط وأفراد الشرطة ذاتها على المحتجزين مفتقرة إلى أي صفة قانونية”. 

اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في إنشاء هذه الصفحة التعريفية لمقر الأمن الوطني في المنصورة على مقابلتين هاتفيتين مع محتجزين سابقين مرا على المقر بعد عام ٢٠١٨، بالإضافة لأقوال خمسة عشر شخصا عٌرضوا على النيابة بعد عام ٢٠٢٠ وقالوا أثناء التحقيق بأنهم اختفوا قسريا داخل المقر، بينهم ثلاث نساء. ويُذكر أنه من مجموع المحتجزين السابقين الذين وثقت الجبهة اختفاءهم قسريا داخل المقر، تعرض ستة للتدوير بعد الاختفاء.

ملابسات الاعتقال

يتم الاعتقال- حسب الشهادات المتوفرة- من قبل قوات بملابس مدنية وسيارات ’ملاكي‘ دون إبراز أي إذن من النيابة؛ لكن حسب إحدى الشهادات فتكون القوات مسلحة بأسلحة خفيفة. عند قيام المحتجز بسؤالهم عن سبب القبض عليه، تكتفي القوات بعبارة “عايزينك في كلمتين”؛ لكن يكون بعض المحتجزين على علم بأنه متجه لمبنى الأمن الوطني، إما لأن القوات تٌخبره بذلك أو لعلمه بممارسات الجهاز. ويتكرر القبض  على المحتجزين من المنازل وفي ساعات متأخرة من الليل أو عند الفجر.

“هي كانت العربية واقفة مستنياني يعني. انا كنت معدي- أول ما عديت من جنبها البيبان اتفتحت ولقيتهم ماسكين فيا بيشدوني أركب يعني ف كان في ناس واقفة في الجنب- والمنظر غريب طبعا يعني في حد بيتخطف قدامهم وكدا. ف جم حاولوا يتدخلوا فقالولهم احنا مباحث. راحوا راجعين … هم شدوني أنا قعدت، شديت معهم… قعدت زي خناقة كدا… مسكت انتو مين عايزين ايه بتاع [فقالوا] مباحث اركب اركب اركب. وكان في اتنين.. اتنين شدوني وركبوني العربية علطول.”

 (شهادة ٢)

قبل الدخول للمبنى، يتم تقييد المحتجز بالكلابشات وتغميته وتفتيشه ذاتيا، وتفتيش أي متعلقات موجودة معه إذا كان قادما من مقر احتجاز آخر. وحسب شهادة محتجز سابق، فقد كان مشهد الشد والجر عند الدخول للمبنى وهو معصوب العين عامل ترهيب كبير. وقد يتم اقتياد المحتجز مباشرة إلى الطوابق العليا حيث تجري التحقيقات، حيث ينتظر المحتجز لفترة ثم يدخل للتحقيق وهو معصوب العينين.

وعند دخول المحتجز للمقر، يتم التحفظ على كافة متعلقاته الشخصية والتي لا يتم تحريزها فى القضية بالضرورة. أما المحتجزون الذين يتم اعتقالهم من مقار احتجاز أخرى، فيٌسمح لهم بالإبقاء على ما معهم من متعلقات شخصية كالملابس والصابون؛ لكن لا يٌسمح بأدوات النظافة كماكينات الحلاقة أو كريمات إزالة الشعر. ويتم الاستيلاء وسرقة بعض الأموال والممتلكات كساعات اليد وغيرها، وقد أفاد أكثر من محتجز سابق بأنهم لم يتمكنوا من استرجاع ممتلكاتهم رغم محاولتهم السؤال عنها واسترجاعها.

ومن الجدير بالذكر أن بعض المحتجزين يتم ترحيلهم إلى مقر المنصورة من مقرات أخرى للأمن الوطني بمدن أصغر، حيث لا يكن المقرات بتلك المدن بها مرافق يمكن استعمالها لاحتجاز المختفين قسريا. وكذلك يتم ترحيل بعض المحتجزين من مقرات كبيرة مثل مقر الأمن الوطني بالشيخ زايد، ويكون ذلك غالبا قرارا “إداريا” من الضباط حتى يٌحيلوا مسؤولية ملف المحتجز إلى فرع آخر.

ظروف المعيشة

يتم الإبقاء على المحتجزين خارج أوقات التحقيق بطابق سفلي “بدروم” تحت مستوى الأرض، وبحسب شهادة محتجز سابق فقد كان المدخل إليه ضيقا ومنخفضا بحيث يحتاج من ينزل إليه الدخول منحنيا. وهو عبارة عن ممر تٌوجد به أربع غرف احتجاز كلها بحجم واحد. وبالممر يوجد مكتب يٌناوب عليه أمين شرطة غير مسلح. وورد بإحدى الشهادات أن الغرف مراقبة بالكاميرات، لكن لا يناوب بداخلها حراس. ولم تتمكن الجبهة من معرفة المكان الذي تحتجز فيه النساء بالمقر، لكن من المعلومات المتوفرة يمكن القول بأن النساء لا يحتجزن في منطقة حجز الرجال.

تخلو الغرف من أية نوافذ ولا تدخلها أشعة الشمس على الإطلاق، لكن يوجد بها شفاط واحد للتهوية. ولا يتمكن المحتجزون من معرفة الوقت إلا في حالات نادرة، يٌسمح فيها للمحتجزين بالاحتفاظ بساعات يد. وتظل الغرف مغلقة طوال الوقت بأقفال من الخارج، وأبواب بعضها خشبية، بينما غرف أخرى تم تركيب أبواب حديدية عليها، والأبواب مصمتة ليس بها أية فتحات. وبحسب مشاهدات أحد الشهود، فإن الغرف يبدو من هيئتها أنها غير مجهزة لتُستعمل كمكان احتجاز، بل هي أشبه بغرف أرشيف. تكتسي أرضيات وجدران الغرف كلها ببلاط “السيراميك”، أبيض اللون؛ ولذلك يعاني المحتجزون من انخفاض درجة الحرارة في الشتاء، خاصة من ينم منهم ملاصقا للجدران، وقد أفاد محتجز سابق بأن النوم ملاصقا للحائط في الشتاء أصابه بأعراض برد كالآلآم العظام، وتذبذب بدرجة حرارة الجسم استمرت لأكثر من يومين. ويواجه المحتجزون صعوبات في النوم بسبب البرد وبسبب الكلابشات.

يصل عدد المحتجزين بالمنطقة كلها لعشرين محتجزا-في بعض الأحيان- ويٌسكَن بالغرفة الواحدة ٥ أو ٦ محتجزين في المتوسط. ولا يحتك المحتجز سوى بالمحتجزين المتواجدين معه في الغرفة ذاتها. لا تتجاوز مساحة الغرف ٤ أمتار عرض في ٥ أمتار طول. وتوجد بداخل الغرف مراتب رفيعة، ولا تُخصص مرتبة لكل شخص، ولا يتسلم المحتجزون عند الدخول أية أغطية، بل يوضع بالغرفة مرتبتين وبطانيتين في المتوسط لينام عليها المحتجزون. وبحسب إحدى الشهادات، فلا ينام المحتجزون جميعا في وقت واحد، بل يتبادلون الأدوار في النوم لضيق المكان.

تختلف درجة التعنت مع المحتجزين حسب أوامر الضباط المسؤولين عن ملفاتهم، فالبعض يظل داخل الغرف دون كلابشات، بينما يظل البعض مقيدا طوال الوقت من الأمام أو الخلف. لكن لا يكن المحتجزون داخل الغرف معصوبي العينين.

“في واحد مثلا هو الضابط عايز يرخم عليه أكتر ف يقول للأمين كلبشه في الأوضة مثلا على أساس ميعرفش ينام ميعرفش يقعد وهكذا… هي بتبقى من نوع التكدير الزيادة يعني.”

(شهادة ٢)

ترتفع درجة الرطوبة داخل الغرف، كما أنها غير نظيفة وتنتشر بها الحشرات. وقد أفاد محتجز سابق بأن الفرش بالغرف كان متآكلا ومليئا بالحشرات وأخضر اللون بسبب نمو العفن عليه. كما أفاد بأن المياه كانت تتسرب عبر أرضية الغرفة لدرجة أن الفرش كان يبتل تماما، ومع سوء التهوية ينمو العفن عليه وعلى الأرضيات كذلك. وفي أشهر الشتاء، يحتاج المحتجزون لطلب إطفاء الشفاط من الأمناء بسبب البرد، ما يعني أن عليهم الاختيار بين تهوية الغرف أو تدفئتها.

تٌضاء الغرف بمصباح ’نيون‘ أو اثنين، ويتم التحكم بالإضاءة من الخارج. واختلفت الشهادات بين من قال بأن الأضواء تٌطفأ في وقت مبكر من الليل (على الساعة ٨ أو ٩ مساء) وتُضاء صباحا بعد الفجر مع تغيير ورديات الأمناء، ومن قال بأن الغرف تظل مضاءة طوال ٢٤ ساعة.

يوجد بمنطقة الحجز حمام واحد به مرحاض “إفرنجي”، ويوجد به حوض وماسورة للاستحمام وشفاط للتهوية. يدخل المحتجزون للحمام مرتين في المتوسط يوميا؛ في الصباح، وفي وقت المغرب في مواعيد ثابتة. فيقوم الأمين المناوب بفتح باب الغرفة وإخراج محتجز واحد لاستعمال الحمام، ثم يخرج المحتجز التالي بعد عودة الأول للغرفة. وأحيانا قد يتعنت الأمين المناوب فلا يسمح للمحتجزين باستخدام الحمام سوى مرة واحدة، وقد يكون غيره من الحراس متعاونا فيخرج المحتجزين ثلاث مرات. وفي حال احتياج أحد المحتجزين خارج تلك الأوقات لاستعمال الحمام، فإنه يضطر لمناشدة الأمين لفترة، ويتوقف الأمر على مدى تعنت أو تعاون الأمين معه. وحسب محتجز سابق، فيلجأ المحتجزون للتبول في زجاجات بلاستيكية يبقون عليها داخل الغرف إذا لم يسمح لهم بدخول الحمام، ويستخدمونها بالأخص في أوقات الليل.

لا يوجد بالحمام مياه ساخنة، ولا يوجد به صابون كافٍ لاستعمال كل المحتجزين، لكن قد يٌسمح للمحتجزين إذا كانوا قادمين من مقار احتجاز أخرى ومعهم صابون باستخدامه. ويتعرض بعض المحتجزين للتعنت فلا يتم فك الكلابشات حتى أثناء استخدامهم الحمام. وفي حالة تعنت الأمناء في فك الكلابشات، يجعل ذلك من الصعب على المحتجز استغلال وقت الحمام للاستحمام.

يظل المحتجزون طوال الوقت بالملابس ذاتها، مهما طالت فترة اختفائهم، وحتى حين يتمكنون من الاستحمام يضطرون لارتداء الملابس ذاتها ثانية. ولا يوجد وقت مخصص للاستحمام، بل على من يرغب في الاستحمام فعل ذلك خلال الدقيقتين أو الثلاث دقائق المسموح بها في إحدى المرتين التي يدخل فيهما الحمام. ولذلك لا تكون لدى المحتجزين فرصة لغسل الملابس التي يرتدونها أغلب الوقت. وبالشكل ذاته، لا يٌتاح للمحتجزين الوضوء إلا عند استعمال الحمام. وحين يتمكنون من الغسيل، فإنهم يقومون بغسل ملابسهم على دفعات بسبب نقص الغيارات، فيغسل المحتجز قميصه الداخلي ويرتدي القميص الخارجي ريثما يجف، ثم يغسل القميص الداخلي وهكذا. وورد بإحدى الشهادات أنه في إحدى الفترات كان يٌسمح للمحتجزين بغسل ملابسهم داخل دلو (’طشت‘) كبير.

تٌقدم للمحتجزين وجبتين يوميا للإفطار والغداء، وبحسب شهادة أحد المحتجزين السابقين؛ فأحيانا تٌسلم الوجبتين معا في وقت واحد. ولا توجد كمية ثابتة للوجبات؛ فأحيانا يٌقدم في الإفطار رغيف خبز واحد مع قطعة جبن صغيرة، وأحيانا يتسلم المحتجز الواحد ثلاثة أرغفة خبز وحلاوة بالإضافة إلى الجبن. أما في الغذاء؛ فقد يتم تقديم أرز أو مكرونة مع رغيف خبز، مع قطعتي دجاج تٌسلم للمحتجزين يوميا. وفي أحيان أخرى يُقدم خضار مطبوخ؛ لكن لا يٌقدم الدجاج إلا نادرا. وقد اشتكى أكثر من محتجز سابق من سوء جودة الطعام وقلة كميته، لدرجة أن كل المحتجزين كانوا يظلون جائعين. لكن حسب إحدى الشهادات، كان يٌسمح في بعض الأحيان للمحتجزين بالاحتفاظ بأموالهم أثناء تواجدهم بالمقر، وشراء باكوات ’بسكوت‘ صغيرة أو شاي من كانتين يخدم العساكر بالمقر. ويوجد بالغرفة زجاجة مياه واحدة للشرب يملأها المحتجزون أثناء استعمال الحمام.

“الفراخ مكانتش بتبقى مطبوخة كويس. أساسا أمين الشرطة كان برا بيسرق نص الأكل. كان بيدخل أقل من اللي بيجي… هو اما كان بيفتح مثلا يدخل لنا الأكل بنبقى شايفين الأكل برا كميات… انت بس بتاكلي عشان تقدري تقفي. الكميات بقولك رغيف ومش الرغيف اللي هو الكبير دا…لا، الرغيف الصغير. الكمية قليلة جدا.” 

(شهادة ٢)

تتعرض الغرف للتفتيش المفاجئ من قبل المخبرين وأحيانا من الضباط مرة على الأقل كل أسبوع، ويتكرر حدوث ذلك في أوقات متأخرة من الليل. وفي كثير من التفتيشات تُصادر متعلقات مثل ساعات اليد.

“بيدخلوا هجمة كدا تخض الحقيقة. وبياخدوا الناس كلها ويغموهم ويوقفوهم في جنب. إنت كدا كدا متكلبش ف بيوقفوك في الجنب وبتتغمى وبعدين بتفضل واقف كدا وبعدين يشيل الغماية ويرجعوك تاني مكانك بتلاقي بقى كل حاجة مقلوبة.. الأوضة كلها، كل محتوياتها عبارة عن كوم كدا، البطاطين، والحاجات، ف تقعد تفرش الحاجات دي تاني. هو مفيش محتويات كتير بس في ناس مثلا معها هدوم… في مصاحف. في حاجات أطباق بنستخدمها في الأكل. أطباق بلاستيك وحاجات موجودة. ازايز مياه. كل دا بتلاقيه فوق بعضه.” 

(شهادة ١)

الرعاية الصحية

لا يٌسأل المحتجزين عند دخولهم للمقر عن احتياجاتهم الصحية أو ما يعانون منه من أمراض. كما أنه لا يُعلم ما إذا كان أي ممارس طبي يتواجد بالمقر. وعند تدهور صحة أحد المحتجزين؛ يضطر زملاؤه بالغرفة لطرق الباب بشدة ومناداة الأمين لفترة طويلة، ويٌقابل الأمناء تلك الاستغاثات باستهتار في أغلب الأحيان. كما أن ظروف المعيشة ذاتها غير صحية، حيث ينتشر القمل وأمراض معدية كالجرب بالحجز.

“هو بياخد الموضوع باستهزاء يعني رش على وشه شوية مياه هايفوق. كلام من دا. مابيبقاش في إجراء سريع أو اهتمام أساسا.”

(شهادة ٢)

ولكن ورد بشهادة محتجز سابق بأنه سمع من محتجزين آخرين أن المقر يجلب طبيبا في الحالات الصحية الحادة والطارئة التي قد تودي بحياة المحتجز. كما ورد بشهادة أخرى أن أحد الضباط ينزل بشكل شبه أسبوعي إلى مقر الاحتجاز لـ”جرد” المحتجزين أو أخذ “التمام”، وعند دخوله للغرف يأمر المحتجزين بالوقوف مواجهين للجدار، ويسأل المحتجزين عما إذا كان لدى أي منهم احتياجات صحية معينة. وحسب الشهادة، فقد كان الضابط ينصت باهتمام إذا شاهد على المحتجز علامات احتياج صحي جادة.

يتواجد بين المختفين قسريا أصحاب أمراض مزمنة كالسكر وأمراض حادة تستوجب رعاية خاصة. فأحد الشهود الذي تحدث للجبهة تواجد معه محتجز كان مصابا بسرطان الدم، واستمر اختفاؤه داخل المقر قرابة الشهر. والسبيل الوحيد للوصول للأدوية هو استغلال فرصة الحديث للضباط أثناء التحقيقات، وهو ما يأخذ وقتا كبيرا خاصة أن المحتجز لا يتحكم في وقت خروجه للتحقيق، كما أن استجابة الضابط – في حال قرر التعاون مع المحتجز – تأخذ وقتا. فحسب إحدى الشهادات، طلب مريض السرطان من ضابط التحقيق توفير الأدوية الخاصة به، وتدخل الضابط بالفعل لتوفير كمية منها لكن دون الجرعة الضرورية، بعد أن كان المحتجز بالفعل قد قضى 10 أيام دون تناولها، مع العلم أن الجرعة المتوفرة كانت بالكاد تحول دون تدهور حالته بشكل حاد. كام لم تٌقدم له أي رعاية أخرى سواء من حيث الطعام أو العلاج. ويحدث الأمر ذاته مع مرضى السكر، فالمقر قد يتعاون معهم بتوفير ’الإنسولين‘ على نفقتهم الشخصية والإبقاء على الدواء بالثلاجات التي يستخدمها الأمناء؛ إلا أن الإدارة قد تتأخر في توفيره للمحتجزين، ويتطلب الأمر مناشدات متكررة من المحتجز. وبخلاف تلك الأمراض الحادة؛ فلم يكن أي من المحتجزين الآخرين يحصل على ما يحتاج من أدوية.

 

“في النهاية الشخص موجود عندهم فهم حريصين إنه مايموتش في المقر… الضابط دا مهمته الوحيدة إنه يستلم عدد، والعدد دا يفضل عايش لغاية ما هو يسلمه تاني مرة أخرى.”

(شهادة ١)

يقضي المحتجزون كل وقتهم بدون أي نشاط أو حركة أو تفاعل اجتماعي، وهو ما يؤثر على حالتهم النفسية بشكل كبير. فبحسب محتجز سابق، كانت العزلة التامة عن العالم هي أكبر عامل ضغط نفسي عليه أثناء اختفائه، وكانت تُسبب له حالة من الخوف وعدم القدرة على النوم. وشاهد أحد المحتجزين السابقين أيضا محتجزا آخرا كان قد مر على اختفائه داخل المقر ٧ أشهر على الأقل. وحسب الشهادة ذاتها؛ فقد كانت حالته النفسية غير مستقرة ويتعامل مع المحتجزين بالغرفة بخوف بالغ، انعكس في نظراته وطريقة حديثه. ظهر أمام النيابة، كذلك، محتجزا ادعى تعرضه للاختفاء داخل المقر لقرابة سنة وسبعة أشهر، وكانت تبدو عليه علامات عدم اتزان حركي، وضعف بالجسم والأعصاب.

أنماط الانتهاكات (المباشرة + المشاهدة على محتجزين آخرين)

وثقت الجبهة بشكل مباشر وقوع ١٧ حالة إخفاء قسري على الأقل داخل مقر الأمن الوطني بالمنصورة منذ عام  ٢٠١٨، وهي كالتالي:

  • أقل من أسبوع: ٤ حالات، بينهم ٢ نساء اختفت إحداهن لـ٤ أيام
  • من أسبوع إلى شهر: ٦ حالات، بينهم امرأة ومحتجزان لم يُعرضا على التحقيق طوال فترة اختفائهما
  • أكثر من شهر وأقل من ٦ أشهر: ٣ حالات
  • أكثر من سنة: ٤ حالات، ٣ منهم تجاوزوا السنة و٧ أشهر

وقد أفاد أحد المحتجزين السابقين أن أفرادا من أسرته توجهوا للمقر وسألوا عما إذا كان متواجدا بداخله، وأنكر المقر وجوده رغم أنه كان قد مر على وجوده بالمقر عدة أيام. ولا توجد أي إمكانية ولو بشكل غير رسمي لإعلام الأهل بمكان تواجد المحتجز.

بالإضافة للتوثيقات المباشرة، وثقت الجبهة مشاهدات المحتجزين السابقين عمن كانوا متواجدين معهم، وعددهم بالعشرات على الأقل. وقد تجاوزت فترات اختفائهم الشهر وأحيانا الستة أشهر. كما أفاد أحد الشهود بأن أحد المحتجزين معه أخبره بأنه قد مر على اختفائه داخل مقر المنصورة ما يزيد عن ٣ سنوات، قضاها في الظروف ذاتها دون أي محفزات ذهنية ودون حركة. أما الشاهد الآخر فأفاد بأن أحد المختفين كان قاصرا لا يزيد عمره عن ١٥ عاما، وكان قد مضى على اختفائه ٤ أشهر على الأقل.

وبحسب المحتجزَين السابقين اللذين تحدثا للجبهة المصرية، فإن حالة التطبيع مع الممارسات غير القانونية لجهاز الأمن الوطني تحول دون محاولة المحتجزين البحث عن مخارج قانونية أو حتى طلب إعلام المحامين بمكان تواجدهم.

“كل الناس عارفة هي فين وهي جاية ليه أو فاميليار [على علم] بطريقة أو بأخرى مع اللي بيحصل يعني [من أساليب الأمن الوطني]. وكمان إنت بيبقى عندك أمل كل يوم إنك هاتخرج فمش عايز – يعني إنت مش معروف أصلا … معادك امتى إنك هاتخرج. فانت كل يوم، كل يوم بيبقى عندك أمل. … عندهم تلفون أرضي كدا – لما بيجوا يخرجوا واحد أو يدخلوا واحد بيتواصلوا هم مع الإدارة فوق بالتليفون. كل ما بيرن كلنا بنبقى متخيلين إن الرنة دي فيها الخلاص لواحد مننا، هايقولوا فين فلان عشان يمشي يعني. يمشي على فين دي برده الناس أوير [واعية] إنها ممكن تكون رايحة النيابة رايحة قسم … يعني مش لازم يكون مرواح يعني مش لازم يكون مروحة البيت أقصد، بس في النهاية أكيد أي مكان هايبقى أحسن من المكان دا… واللي مش [واعي] … مش سياسي فعلا، بيبقى خايف أكتر من أي حاجة يعني. شعور الخوف هناك صعب. والخوف دايما بيلغي [المنطق]. مابتعرفش [تفكر بمنطق في] الموضوع وتبتدي تدور. بتبقى مشوش أكتر منك أي حاجة. فكرة إنك تدافع عن حق أو تطالب بحق دي محتاجة تركيز. فالخوف بيلغي العقل وبيلغي التركيز.”

(شهادة ١)

  • التحقيق في غياب محام ودون إذن قضائي

لا تتبع التحقيقات قواعد واضحة تسري على كل المحتجزين، فهناك محتجزون يٌعرضون للتحقيق بشكل دوري، أحيانا من اللحظة الأولى لدخولهم المقر، وهناك آخرون قد يقضون كامل فترة اختفائهم داخل المقر دون تحقيق لحين خروجهم للعرض على النيابة. تجري التحقيقات أحيانا على دفعات، حيث قد يمكث المحتجز يوما كاملا بالممر خارج غرف التحقيق، ليدخل ويخرج عدة مرات. وطوال تلك الفترة، لا يتوفر للمحتجز إمكانية الدخول للحمام أو الشرب أو الأكل. وتتفاوت مدة جلسة التحقيق الواحدة، فمع بعض المحتجزين قد تكون لنصف ساعة في المتوسط. كما يتفاوت موعد التحقيق بين الصباح والمساء. ويُقتاد الشخص للتحقيق من قبل الأمناء وهو معصوب العينين.

لا يٌواجَه المحتجز بتهم معينة واضحة، بل يأخذ التحقيق شكل جمع معلومات عنه ثم سؤاله عن نشاطه العام. وتتطرق التحقيقات للحياة الشخصية والآراء السياسية والممارسات الدينية للمحتجزين. فأفاد عدد من المحتجزين بأن التحقيقات تطرقت لمنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما سٌئل أحدهم أثناء التحقيق عن درجة التزامه الديني وانتظامه في الصلاة بالمسجد. ولا تستند التحقيقات لأدلة تربط المحتجزين بالفعل بالتهم الموجهة إليهم، فأحد المحتجزين قال أن سبب اعتقاله كان تعرف ضابط الأمن الوطني عليه في مكان عام، كون المحتجز قد قضى حكما بالسجن وأفرج عنه بعد إكماله؛ لذلك تم إخفاؤه بمقر المنصورة والتحقيق معه حول نشاطه منذ خروجه من السجن. وقال محتجز آخر بأنه سٌئل في إحدى جولات التحقيق عن حادثة إطلاق نار وقعت بعد أن تحفظ عليه المقر وكان مختفيا بداخله. كما تٌوجه تهم الانتماء لتنظيمات حظرتها الدولة بعد عام ٢٠١٣ لكثير من المحتجزين، حتى إن لم يكونوا أصحاب نشاط سياسي فعلي.

“أنا قعدت فترة اساسا مش عارف هو مصنفني، بيتعامل معايا على أساس أن أنا ايه. قلتله أغلب الناس اللي بتسألني عليها انا عارفهم أساسا من جوا [السجن]… أنت اللي معرفني عليهم جوا.”

(شهادة ٢)

ويتعرض المحتجز في التحقيقات – وأحيانا مباشرة قبل الشروع في التحقيق – لتعنيف لفظي وإهانات وسباب يطال الأهل. وقد يتعرض أثناء التحقيق للتهديد بإدراجه على قضية جديدة إذا لم يٌصرح للضابط بالاعترافات التي يريد سماعها. ومن أشكال التلاعب بأعصاب المحتجز أثناء التحقيق أيضا إجباره على السكوت والبقاء داخل غرفة التحقيق – مع علم المحتجز بوجود الضابط – في حالة من الصمت التام. ووثقت الجبهة إجبار محتجز على تصوير فيديو يتراجع فيه عن محتوى فيديو سابق كان قد نشره على حسابه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.

“هو مش عايز يقول لي هو واخدني ليه، عايزني أنا اقول له. يقول لي… قول لي كدا انت مين كان بيكلمك في أي حاجة. مين اللي هو يعني احكيلي. احكيلي كدا مين كان بيتكلم معك في أي حاجة من كان بيفتح معك مواضيع سياسية. كلام من دا يعني. قعدت حوالي ساعتين تقريبا. أسئلة بقى انت بتعمل ايه، منين، من أهلك، من كدا تفاصيل بقى كتير. يعني هو في الأول كان في شتايم بس أنا كشخص – كشخص أنا كنت صريح أو كنت- مكانش في حاجة أخبيها ف كنت باتكلم بوضوح – يعني محصلش – يعني أنا شخصيا ماتعذبتش أو ماحصليش حاجة…الفكرة في الشتيمة كانت متواصلة باعتبار انه بيسأل على حاجة انا معرفش إجابتها… [وفي مرة] قال لي طيب يعني اديني اللي انا عايزه [و]مش هاتنزل على قضية تانية.”

(شهادة ٢)

يتعمد الضباط أثناء التحقيق تضليل المحتجز وعدم الإفصاح عن أي معلومات حول مصيره، وقد يوهمونه بأنه سيتم إخلاء سبيله ليٌفاجأ بترحيله إلى النيابة وإدراج اسمه على ذمة قضية. ويتجاهل الضباط مناشدات وأسئلة المحتجزين حول مصيرهم تماما، وهو ما يتسبب بضغط نفسي كبير للمحتجزين لجهلهم بما سيتعرضون له وما إذا كانوا سيخرجون أصلا من المقر. ويقوم المقر بتزوير محاضر التحريات بعد فترة الاختفاء ليخفي آثار جريمة الاختفاء القسري، فيتم سرد ملابسات مختلفة تماما عن ملابسات القبض على المحتجز، بما في ذلك تغيير التاريخ والمكان، ليكن بتاريخ يوم واحد قبل عرض المحتجز على النيابة.

“كان في الأغلب التحقيقات كل شوية ييقول لي ماتقلقش هاتروح، هاروحك هاروحك… ونزلت بعدها تاني يوم بقى القسم واتعمل لي قضية. اللي هو كان قايل لي ان انا هاروحك يعني.” 

(شهادة ٢)

  • التعذيب

أفاد محتجز سابق بأنه رغم عدم تعرضه هو شخصيا للتعذيب، إلا أنه في كل مرة يدخل فيها للتحقيق كان يسمع أصوات تعذيب محتجزين آخرين في غرف مجاورة وهم يخضعون للتحقيق، شمل الصعق بالكهرباء والضرب المبرح. وأثناء التعذيب يتعرض المحتجزون أيضا للتعرية – أحيانا حتى من الملابس الداخلية. وحسب مشاهدات محتجز سابق، يتسبب التعذيب – سواء كان بالضرب أو الكهرباء – في إعياء شديد يتغلب عليه المحتجزون غالبا بالنوم لفترات طويلة قد تصل ليومين، ودون الكشف على حالتهم الصحية بعد التعذيب.

ومن الشهادات؛ يبدو أن التعرض للتعذيب يتوقف على التهم التي يوجهها الضباط للمحتجز أو التصنيف السياسي الذي يفترضونه، فالتعذيب لا يسري على كل المحتجزين. والغريب في الأمر أن ذلك كان ينعكس في تصرف الضباط باستخفاف واستهانة مع المحتجزين المقبوض عليهم بسبب تهم “بسيطة” مثل منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

“معنى كلامه [الضابط] إنت مش جاي في- إنت عبيط إنت أهبل إنت خروف. كدا يعني. مش جاي في حاجة عظيمة. معملتش كارثة يعني. مش مهم يعني. إنت مش مهم.” 

(شهادة ١)

كما ورد بإحدى الشهادات أيضا أن من ممارسات المقر أخذ المحتجزين لطابق التحقيق على دفعات، لينتظروا بالممر بينما يتم التحقيق مع أحدهم، ويجبرون – وهم معصوبي العينين ومقيدين وجالسين على الأرض – على سماع أصوات محتجزين آخرين يخضعون للتعذيب أثناء التحقيق. وقد أفاد المحتجز بأن سماع أصوات التعذيب كان يُخلف أثرا نفسيا بالغ السوء، حتى لو لم يتعرض المحتجز للتعذيب هو نفسه.

“في أوقات بيجوا ياخدوا اتنين أو واحد ورا واحد مثلا من تحت ويطلعوا يقعدوا في الدور التالت في الطرقة برا. ويبدأوا بقى ياخدوا واحد واحد يدخلوه أوضة التحقيق. إنتِ بتبقى قاعدة برا سامعة بقى، حاسة ان في حد جنبك، في الأول بييجوا ياخدوه ويدخلوا الأوضة وبعد كدا تسمعي الصويت وهكذا يعني… الموضوع كان نفسي أكتر منه تعذيب جسدي باعتبار زي ما قلتلك بتبقي قاعدة سامعة أصوات حواليكي وهكذا … أنا مش عارف هاطلع امتى هاطلع على قضية؟ هاروح؟ في ناس معانا كانت بتطلع عالعقرب. ف كان الضغط النفسي رهيب يعني.” 

(شهادة ٢)

  • التدوير

كما سبقت الإشارة، فقد وثقت الجبهة المصرية بشكل مباشر تعرض ٦ أشخاص للتدوير على قضايا جديدة أثناء احتجازهم بالمقر، حيث تم ضبطهم من مقار احتجاز رسمية ثم إخفاؤهم في المقر لحين إدراج أسمائهم على ذمة قضايا جديدة. أحد من تحدثت إليهم الجبهة كان قد حصل على قرار بإخلاء السبيل من المحكمة وانتقل إلى قسم الشرطة التابع له محل سكنه لإنهاء إجراءات الإخلاء، وبعد أن كان قد أنهى إجراءات إخلاء السبيل “على الورق” اتجهت قوة تابعة للأمن الوطني واقتادته لمقر الجهاز، واختفى هناك لعدة أسابيع حتى أٌدرج اسمه في قضية جديدة وتم عرضه على النيابة. ومن اللافت؛ أن القسم عادة ما يقوم بعرض المخلي سبيلهم على المباحث قبل خروجهم، إلا أنه في حالة المحتجز السابق لم تتم تلك الخطوة، ما يوحي بأن القسم كان على علم بأن المحتجز سيتعرض للاختفاء من قبل الأمن الوطني، كما أن أفراد من الشرطة صرحوا للمحتجز بأنهم في انتظار “تأشيرة” الأمن الوطني قبل إخلاء سبيله. وبعد إدراج المحتجزين على قضايا جديدة، يتم ترحيلهم أحيانا من مقر المنصورة إلى مقرات تابعة لأجهزة أخرى لـ”تخزينهم” فيها – مثل معسكرات قوات الأمن – لحين عرضهم على النيابة. ومن الجدير بالذكر أنه سواء كان المحتجز يتم ترحيله لمقر احتجاز آخر أو إلى النيابة للظهور وبدء مرحلة الحبس الاحتياطي الرسمية؛ فلا يتم الإفصاح عن أي معلومات للمحتجز حول الوجهة التي يتجه إليها.

أفاد أحد من تعرضوا للتدوير داخل مقر المنصورة بأن أحد الضباط أمره قبل أيام من عرضه على النيابة بتغيير ملابس السجن البيضاء التي كان يرتديها وارتداء ملابس “ملكي”. وتم التخلص من بدلة السجن التي كان يرتديها، وذلك لإضفاء بعض المصداقية على محاضر الأمن الوطني التي تٌزوْر؛ لتٌظهر أن المحتجز قد قٌبض عليه قبل العرض على النيابة بيوم أو في اليوم نفسه، وأنه لم يتعرض للاختفاء القسري داخل المقر. وقد أفاد المحتجز بأنه تجاوب مع الضابط رغم علمه بأن تلك حيلة للتدوير، لتوقعه أن النيابة ستصدر قرارا بحبسه على أي حال.

” كنت فاهم أنه دا معناه إنه هايحصل كذا كذا [تدوير على قضية جديدة]… مش فارق معايا ما هو أنا حتى لو رحت بلبس السجن ما النيابة هاتديني ١٥ [يوم]. النيابة هاتحبسني برده حتى لو رحت له بلبس السجن. النيابة عارفة إن أنا متدور… فمش فارقة يعني. هم بس ايه.. في ضباط بيحبوا يبقى إجراءاتهم وورقهم سليم … ومايسيبوش ثغرات بس هي في النهاية مش هاتفرق يعني. يعني النيابة ما بتبقى عارفة إنك متدور وناس بتدخل لها بلبس السجن وبتحبسها برده بتديها الـ١٥ يوم [حبس احتياطي] أو تجدد لها… أنا مثلا في النيابة ماتحققش معايا تقريبا. حاجات إجرائية كلها تستيف ورق بس.”

(شهادة ١)

نمط المعاملة

يٌخاطب أمناء الشرطة والمخبرون بعضهم البعض بأسمائهم، بخلاف مقرات أمن وطني أخرى، كما يخاطبون المحتجزين أيضا بأسمائهم. وتختلف معاملة الأمناء مع المحتجزين حسب شخصية الأمين، وقد يتعرض بعض المحتجزين للضرب، لكن حسب شهادة محتجز سابق، فإن ذلك يكون بعلم الضابط أو بإذن منه.

“المخبر مايقدرش يضربك من غير ما يكون الكلام دا قدام الضابط أو بإذن منه. مايقدرش تحت [في الحجز] وإنت عملت مشكلة تحت إن هو يتعامل معك. لازم الأول يبلغ. ويتقال له اعمل كذا أو ماتعملش كذا.”

(شهادة ١)

ويستمر الترهيب للمحتجزين حتى خارج أوقات التحقيق، حيث لا يشعر المحتجز بالأمان داخل الغرفة؛ لعلمه بأن باقي المحتجزين قد يتعرضون للضغط أثناء التحقيقات مع الضباط للوشاية بأي كلام يتحدث به باقي المحتجزين أثناء تواجده بالغرفة.

“هو الفكرة انت بتقعدي أساسا مع ناس هم كلهم مخونين بعض في الأوضة. أنت مش عارفة مين دا. وقت تحقيق مثلا في أوقات هم بيحطوا ناس مثلا معك عشان يتكلموا معك ويطلعوا يقولوله مثلا. ممكن واحد لما يطلع يتحقق معه يسأله مثلا فلان اللي معك في الأوضة دا بيقول ايه. ف تحت التعذيب بيقول. عشان كدا الناس أساسا مابتتكلمش مع بعضها براحتها.” 

(شهادة ٢)

المتابعة

يصدر جهاز الأمن الوطني قرارات المتابعة بنفسه، ولا يوجد أي رقابة قضائية عليها. ولكن يتم تسجيل تلك الإجراءات بملفات بالمقر. يتجه المتابعون للمقر ويمكثون بالدور الأرضي لساعة في المتوسط، بعد تسليم هواتفهم وكافة متعلقاتهم، وقد يتم استدعاؤهم من قبل الضباط للخضوع لتحقيق، قد تصل مدته لساعة. وحسب شهادة محتجز سابق، فقد علم بقيام المقر بالتحفظ على بعض من ذهبوا للمتابعة، وتم إخفاؤهم قسريا و تدويرهم على ذمة قضايا أخرى.

where to buy viagra buy generic 100mg viagra online
buy amoxicillin online can you buy amoxicillin over the counter
buy ivermectin online buy ivermectin for humans
viagra before and after photos how long does viagra last
buy viagra online where can i buy viagra