اعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في إنشاء هذه الصفحة على مقابلة هاتفية مع محتجز سابق بسجن المنيا شديد الحراسة، وشهادات أهالي محتجزين بالسجن كانوا قد أدلوا بها لقنوات تلفزيونية، بالإضافة لعدد من المصادر الحقوقية والإعلامية الأخرى.
بيانات السجن
يقع سجن المنيا العمومي شديد الحراسة بمنطقة سجون المنيا الجديدة بمحافظة المنيا بدائرة مديرية أمن المنيا، إلى جانب سجنين آخرين هما ليمان المنيا وسجن المنيا العمومي للنساء، على مساحة تبلغحوالي 126 ألف متر مربع. وقد أنشئ السجن بموجبقرار وزير الداخلية رقم 873 لسنة 2014، وهو مبني علىدرجات فائقة من التأمين، فبالإضافة لكون الجدران بنيت بسمك 50 سم من الخرسانة المسلحة، استخدمت أيضا تكنولوجيا أمنية متقدمة في بنائه هو وبقية السجون بمنطقة سجون المنيا الجديدة، كالبوابات الإلكترونية والدوائر الكهربائية للتحكم في أبواب العنابر والزنازين، وكاميرات المراقبة.
الزنازين ومرافق وخدمات السجن
أفادتشهادة إحدى قريبات محتجز بالسجن في عام 2018 بأن المحتجزين يعانون من التكدس بالزنازين، حيث فرّغت الإدارة بعض الغرف تماما لتبقي على ما يزيد عن 30 محتجزا بالزنزانة الواحدة. وأفاد محتجز سابق بالسجن للجبهة المصرية أن إدارة السجن لا تلتزم بالمدة القانونية للتريض يوميا، بل إنه بعد انتقال رئيس المباحث “أحمد الجميل” إلى السجن منع السجناء من التريض تماما لقرابة العام.
ووفقالتقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن طعام التعيين الذي يوفره السجن يكون في الغالب فاسدا، ما يضطر السجناء للحصول على الطعام من خلال الزيارات أو من خلال الشراء من الكانتين بأثمان باهظة. وتستغل إدارة السجن ذلك بمنع الأهالي من إدخال بعض المستلزمات مثل الزيت والسكر، لإجبار الأهالي على إيداع أموال بالأمانات ليشتري السجناء تلك المستلزمات من كانتين السجن. ويزيد ذلك من العبء المادي خاصة على أهالي السجناء الذين يتم تغريبهم إلى السجن من سجون أخرى بعيدة، ما يجعل من الصعب انتقال أهاليهم بشكل دوري لإحضار الطعام ومستلزمات الطبخ، وبالتالي يضطرون للاعتماد على طعام الكانتين فقط.وتتعنت الإدارة أيضا في إدخال الملابس والأغطية والمراوح، وحتى عندما تسمح بها فإنها تُصادر ثانية خلال التجريدات المتكررة للزنازين. ووفقا لإفادة المحتجز السابق بالسجن، قد تتعنت الإدارة أحيانا في إدخال أدوات النظافة الشخصية.
الرعاية الصحية
على الرغم مما صرّح به النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النوابعام 2019 حول جاهزية المستشفى الخاص بمنطقة سجون المنيا للتعامل مع الحالات الصحية المختلفة – بما في ذلك العمليات الجراحية – وبأعداد كبيرة، فإن عددا كبيرا من أهالي المحتجزين بالسجن يشكون من الإهمال الطبي الجسيم والمتعمد بحق ذويهم. ويأخذ الإهمال الطبي أشكالا عدة، أبرزهاالمنع من دخول الأدوية،وسحب الأدوية أثناء تجريد الزنازين بشكل متكرر،وتجاهل طلبات النقل للمستشفى والمتابعة الصحية، والإبقاء على المحتجزين في ظروف احتجاز تؤثر بالسلب على حالاتهم الصحية – مثل تكديس الزنازين، ووضع بعض المحتجزين كبار السن ممن هم على خلفية تهم “سياسية” في زنازين واحدة مع محتجزين على خلفية تهم”جنائية”،ما يؤثر سلبا على صحتهم بسبب ارتفاع أعداد المدخنين نسبيا في تلك الزنازين.
وقد وقعت عدة وفيات بالإهمال الطبي بالسجن، من بينهاالمحتجز عبد الرحمن عبد البصير الذي أصيب بجلطة توفى على إثرها في يناير 2021 دون أن يتدخل السجن لتوفير الرعاية الصحية له. وتوفي أيضا عام 2020 المحتجزحمدي رياض الذي كان قد أجرى عملية قلب مفتوح قبل القبض عليه، ورغم ذلك تعنتت الإدارة في عرضه على الطبيب والسماح له بالحصول على أدويته. ومن بين المتوفين بالإهمال الطبي كذلك المحتجزمصطفى أحمد هاشم الذي توفى في أكتوبر 2020. كما وثق مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب وفاةالمحتجز مصطفى حلمي منتحرا بالسجن عام 2018.
الزيارات
يشكو عدد من الأهالي منالإهانات الشديدة والتحرش الجنسي أثناء تفتيش الأهالي ذاتيا وتفتيش الطعام ومستلزمات الزيارة الأخرى قبل الدخول إلى الزيارات. ورغم توفر الجهاز المخصص للتفتيش الذاتي عن بعد، فإن الموظفة المسؤولة عن التفتيش تتعمد التفتيش بيديها وتخبر الأهالي بأن لديها أوامر مباشرة بذلك – وذلكحسب ما رواه بعض الأهالي.
ويشتكي الأهالي أيضا منطول مدة الانتظار قبل الدخول إلى الزيارة، والتي قد تصل حسب أقوال بعض الأهالي لتسع ساعات من الفجر حتى الظهيرة. كما يشكو الأهالي منالتكدس الشديد بقاعة الزيارات، فقد يرتفع عدد الزائرين بالقاعةلثمانين فردا. ويصعب التكدس من إمكانية التواصل بين المحتجز وزائريه، خاصة وأن الزيارة تتم عبر حاجزين سلكيين. ولا تلتزم الإدارة بالمدة الكاملة للزيارة حسب لائحة السجون، فيسمح لبعض السجناء بالزيارات لمدةربع ساعة فقط شهريا.
معاملة المحتجزين والإجراءات العقابية
وثق مركز النديمثلاث حالات إخفاء قسري لمحتجزين من داخل سجن المنيا شديد الحراسة عام 2018. وعام 2020 تناقلتبعض أسر المحتجزين بالسجن أن ثمانية محتجزين نقلوا من عنبر 5 بالسجن، لكن دون أن يعلم الأهالي أو المحتجزون الآخرون بالمكان الذي نقلوا إليه.
وتتوارد أنباء كثيرة عن تعرض المحتجزين بالسجن لسوء المعاملة والإهانة والتعذيب بشكل متعمد وممنهج، وقد وثق مركز النديمعدة أمثلة على ذلك بدءا من التجريد من الملابس والطعام والأدوية وحرق المتعلقات الشخصية، وتقليل كميات الماء والطعام المسموح لهم بها، ووصولا للضرب والاعتداءات والإهانات المباشرة. وفييناير 2021 قالت قريبة أحد السجناء أن المحتجزين تعرضوا لاعتداء من قبل عساكر أمن مركزي دخلوا إلى العنابر بالهراوات والشوم وقاموا بتفتيش الزنازين وتجريدها وضرب المحتجزين.
وحسبشهادات الأهالي، تتوسع الإدارة أيضا في استخدامالحبس الانفرادي لفترات طويلة قد تبلغ السنة، دون وقوع مخالفة واضحة من السجين تستوجب ذلك. ووفقا للتوثيق الذي حصلت عليه الجبهة المصرية من سجين سابق، فإن من يتم تغريبهم إلى السجن من سجون أخرى قد يسكنون مباشرة في عنابر التأديب أو الدواعي، بدون مياه أو طعام كاف، حيث يقتصر الطعام المقدم للمسكنين بعنابر التأديب على رغيف خبز وقطعة جبن صغيرة. وقد أفاد المحتجز السابق أيضا أن رئيس مباحث السجن وضع سياسة قطع المياه عن حمامات زنازين التأديب.
وحسب ما تمكنت الجبهة المصرية من توثيقه وما تؤكده توثيقات منظمات حقوقية أخرى، فإن الادعاءات بالتعذيب وسوء المعاملة ترتبط بشكل خاص باسم رئيس مباحث السجن’أحمد الجميل‘. وقد وثقت أيضا انتهاكات كان مسؤولا عنها أحد ضباط المباحث ويدعى’أحمد صدقي‘، وقد شملت استهداف المحتجزين على خلفية تهم “سياسية” بالضرب والسب والتكدير بأساليب مختلفة مثل الحلق المتكرر للشعر والتسكين مع محتجزين على خلفية تهم “جنائية”.
وقد وثق عدد من المنظمات الحقوقية دخول المحتجزين بالسجن في عدة إضرابات عن الطعام احتجاجا على التعذيب والتعنت وسوء المعاملة. كان آخر إضراب فيفبراير 2020 احتجاجا على تعرض بعض السجناء للضرب والصعق بالكهرباء على يد رئيس المباحث ’أحمد الجميل‘ وضباط ومخبرين آخرين. وكان عدد آخر من المحتجزين دخل فيإضراب عن الطعام عام 2018 احتجاجا على تعرضهم للتعذيب والإخفاء القسري لأربعة منهم.
التعليم والتواصل مع العالم الخارجي
تمنع إدارة السجن دخول الأوراق والكتب، كما تمنع اشتراكات الصحف، ولكن يُسمح لبعض السجناء على خلفية تهم “جنائية” باقتناء جهاز تلفزيون. ويواجه الطلاب صعوبات في استكمال دراستهم داخل السجن، بسبب سوء المعاملة، وسياسات الإدارة في التجريد المتكرر الذي يشمل مصادرة الكتب الدراسية.