تدين الجبهة المصرية تصاعد حالات الموت في أماكن الاحتجاز خلال الشهور السابقة نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجون، خاصة تجاه المحتجزين على خلفية قضايا سياسية، وتري بأن هذا يعد ترسيخًا لسياسة القتل البطىء التي تنتهجها السلطات المصرية تجاه خصومها، وذلك بالرغم من حملاتها الإعلامية وتأكيدها المستمر علي احترام حقوق المحتجزين المختلفة داخل أماكن الاحتجاز المختلفة، وعلى رأسها الحق في تقديم الرعاية الصحية الملائمة، وهو الحق الذي يتم انتهاكه بشكل منهجي، خاصة داخل السجون المشددة، في ظل سياسة تعتيم تفاقمت مع انتشار فيروس الكورونا.
تشهد أماكن الاحتجاز المصرية تصاعدًا في حالات الوفاة نتيجة الامتناع عن تقديم الرعاية الطبية الملائمة للمحتجزين، بما فيهم المتهمين/ المحكوم عليهم كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة، ففي 6 سبتمبر توفي استشاري الطب النفسي الطبيب عمرو أبو خليل شقيق المذيع هيثم أبو خليل (58 عامًا) والمحبوس احتياطيًا على ذمة القضية رقم 1118 لسنة 2019 أمن دولة في سجن شديد الحراسة 1 والمعروف بسجن العقرب 1، السيئ السمعة في انتهاك حقوق نزلائه من المحتجزين سواء محبوسين أو سجناء. سبقه أيضًا يوم 2 سبتمبر المحبوس على ذمة القضية 844 لسنة 2018 أمن دولة أحمد عبد النبي (63 عامًا) بعد أن تدهورت حالته الصحية، السيئة في الأساس، كمريض سكر وكبد، وذلك خلال فترة حبسه على مدار 20 شهرًا في سجن شديد الحراسة 2 (العقرب 2)، أما في يوم 1 سبتمبر فقد توفي المحكوم عليه في القضية 96 عسكرية شعبان حسين بمحبسه في سجن الفيوم العمومي، وذلك بعد وجوده في التأديب لمدة ثلاثة أيام، تم بعدها نقله إلى مستشفى السجن ليموت فيها.
ويعاني غالبية المحتجزين في السجون المصرية وخاصة في السجون المشددة، من انتهاك واسع لحقوقهم المكفولة بالمواثيق الدولية مثل قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء فضلًا عن الدستور المصري، وقانون تنظيم السجون واللائحة الداخلية للسجون، حيث يتم انتهاك حقوق المحتجزين في المعاملة الآدمية وغير المهينة، وانتهاك حقهم في ظروف معيشية آدمية، حيث يعاني عدد كبير من المحتجزين، خاصة في السجون المشددة، من قلة وسوء التغذية، ومشاكل في التهوية، والإضاءة، وتكدس الزنازين، وانتهاك حقهم في الزيارة والتريض، فضلًا عن انتهاك حقهم الأصيل في الحصول على رعاية صحية ملائمة.
تؤكد القوانين المصرية على حق المحتجزين في توافر رعاية صحية تكفل تقديم الخدمات الطبية لهم داخل السجون.
تنص المادة 33 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956: “يكون في كل ليمان أو سجن غير مركزي طبيب أو أكثر أحدهم مقيم تناط به الأعمال الصحية وفقاً لما تحدده اللائحة الداخلية. ويكون للسجن المركزي طبيب فإذا لم يعين له طبيب كلف أحد الأطباء الحكوميين أداء الأعمال المنوطة بطبيب السجن “.
كما تنص المادة 27 من قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 (اللائحة الداخلية للسجون) بأنه : “يجب على الطبيب أن يكشف على كل مسجون فور إيداعه بالسجن, على ألا يتأخر ذلك عن صباح اليوم التالي”.
كانت الجبهة المصرية قد وثقت شكاوي عشرات المحتجزين أمام النيابة والتى تكشف عن تدني مستوى الرعاية الصحية المقدمة داخل 7 سجون، من بينهم سجني العقرب 1، 2 المُشددين، وتعسف الإدارة في عرضهم على مستشفى السجن أو إدخال الأدوية أثناء زيارات الأسر وعمل التحويلات لمستشفيات خارجية وتمكينهم من عمل التحاليل اللازمة، وهو ما يطال حتى أصحاب الأمراض المزمنة، والذين يحتاجون لمستوي رعاية فائقة، وهي الشكاوي التي تجاهلت أغلبيتها النيابة المصرية، ناهيك عن تجاهل طلبات ممن تدهورت حالتهم الصحية بنقلهم من سجونهم إلى سجون أقل تشديدًا.
ومنذ انتشار فيروس كورونا، بدأت الأوضاع تزداد تشددًا في السجون المصرية بناءً على إجراءات حكومية عمدت إلى الإخلال بالمتبقي من حقوق المحتجزين، حيث توقفت الزيارات بداية 10 من مارس 2020 وعليه انقطع اتصال المحتجزين مع العالم الخارجي، واقتصر التواصل على تمكين ذوي السجناء من إدخال المأكولات والأدوية وإيداع الأموال للسجن، في حين تعسفت إدارات السجن في تمكين المحتجزين من التواصل مع ذويهم سواء هاتفيًا أو حتي بالمراسلة للتواصل أثناء الزيارات، وهو الأمر الذي أدى بصورة مباشرة لفرض حالة من التعتيم على الأوضاع داخل أماكن الاحتجاز، في ظل تزايد المخاوف الجادة من انتشار وباء كورونا داخل السجون، خاصة بعد تداول أخبار بإصابة موظفين وأفراد من إدارات سجون مختلفة بفيروس كورونا ومن ثم إصابة عدد من المحتجزين، الأمر الذي من شأنه تعريض صحة وحياة المحتجزين للخطر في ظل ظروف احتجازهم المتردية في الأساس، وبالأخص فيما يتعلق بأوضاع التهوية والتكدس داخل الزنازين.
تسببت حالة التعتيم وعدم الشفافية الذي فرضتها وزارة الداخلية على أوضاع السجون خلال نصف عام كامل، منذ إغلاق الزيارات في مارس وحتى عودتها في أغسطس، على صعوبة تأكد الأسر من وصول الأغذية والأدوية والملابس والأدوات المختلفة للمحتجزين من الأساس أو بشكل كامل، بما فيهم المحتجزين المتقدمين في العمر والمرضى بأمراض متخصصة ومزمنة، كما أدت هذه الحالة إلي صعوبة التأكد من طبيعة الإجراءات المتبعة داخل السجون لمكافحة انتشار فيروس كورونا للداخل، بما يتضمنه أوضاع نظافة الزنازين وإجراءات العزل حال إصابة محتجزين بالفيروس. ووصل مستوى حالة التعتيم لعدم إبلاغ إدارات السجون ذوي المحتجزين بإصابة ذويهم أو نقلهم من سجن لآخر، أو حتي للمشرحة حال وفاتهم. وهو ما حدث مع المحتجز في أحد سجون طرة “مصطفي الجبروني” الذي كان محبوسًا على ذمة القضية 558 لسنة 2020 أمن دولة، وتم نقله من معسكر الأمن بدمنهور (محافظة البحيرة) إلي سجن طرة والذي توفي فيه ليتم نقله من مستشفى السجن إلي مشرحة زينهم بالقاهرة، وبعد 6 أيام من وفاته عرف ذويه خبر وفاته بعد سؤالهم عنه في السجن حيث تم إبلاغهم بخبر وفاته.
حالة التعتيم لم تقف فقط لمستوي الأوضاع داخل السجون بل تعدتها مؤخرًا للتعتيم حول أسباب وفاة محتجزين، فبسبب الإجراءات المصاحبة لفيروس كورونا بدأت مصلحة الطب الشرعي في رفض طلبات النيابة المتعلقة بتشريح جثث المتوفين داخل السجن والاكتفاء بالكشف الظاهري، وتقوم بإبلاغ النيابة مبررها لعدم التشريح بأنه “بسبب ظروف فيروس كورونا”، وهو ما حدث مع المتوفي عبد الرحمن زوال المتهم في القضية رقم 451 لسنة 2014 أمن دولة عليا المعروفة بقضية كتائب حلوان، والمتهم في القضية 450 لسنة 2019 أمن دولة تامر محمد شحات عمارة. وذلك على الرغم من قيام المصلحة بتشريح جثث متوفين آخرين معروفين للرأي العام مثل عصام العريان أو شادي حبش، الأمر الذي يطرح أسئلة حول المعايير التي تعتمد عليها مصلحة الطب الشرعي في القيام بعملها في التشريح، ويضع شكوك حول إنتقائيتها في العمل.
وبالنظر لحالة الوفيات في أماكن الاحتجاز، منذ بداية شهر مارس وانتشار فيروس كورونا ولحظة كتابة السطور، نجد بأن 28 شخصًا على الأقل، كانوا قد توفوا في السجون المصرية المختلفة، عدد منهم كان محتجزًا في سجن شديد الحراسة 1 (العقرب)، وتوفي عدد كبير منهم بعد تراكم التدهور في حالتهم الصحية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد والحرمان من العلاج من جانب إدارة السجون، وهي الأوضاع التي أضيف إليها وضعية انتشار فيروس كورونا في السجون. وهي الظروف التي يمكن أن تعدد سببًا لتزايد حالات الوفاة في الشهور الأخيرة.
تري الجبهة المصرية بأن تصاعد الوفيات داخل أماكن الاحتجاز يأتي من تفاقم التدهور في الحالة الصحية للمحتجزين خلال شهور وسنوات احتجازهم السابقة، حيث أصبحت أجسادهم اليوم عاجزة عن الصمود أكثر مع التقدم في السن وتضاعف أمراضهم المزمنة أو إصابتهم بأمراض جديدة، في ظل تعسف الإدارة عن تقديم الخدمة الطبية الملائمة لضمان صحة المحتجزين لديها، بما يعد قتلًا بطيئًا من قبل إدارة السجون ووزارة الداخلية للمحتجزين عبر تعريض صحتهم وحياتهم للخطر، من خلال حرمانهم من أبسط حقوقهم، المتمثلة في الرعاية الصحية والعلاج، وهو ما حدث مع الرئيس الأسبق محمد مرسي والقيادات المعارضة مثل مهدي عاكف منذ أكثر من عام، وهو ما كان يجب أن يكون ناقوس خطر علي ما يواجهه المحتجزون داخل السجون في مصر.
بيانات الحد الأدني من المتوفين في السجون المصرية بسبب الإهمال الطبي
م |
التاريخ |
الأسماء |
مكان الاحتجاز |
سبب الوفاة |
1 |
6 سبتمبر 2020 |
عمرو أبو خليل |
العقرب |
إهمال طبي |
2 |
2 سبتمبر 2020 |
أحمد عبد النبي |
العقرب 2 |
إهمال طبي – رفضت إدارة السجن إدخال الدواء الذي كانت ترسله له زوجته.وذكر تصريح الدفن أن سبب الوفاة قيد البحث |
3 |
1 سبتمبر 2020 |
شعبان حسين |
سجن الفيوم العمومي |
إهمال طبي |
4 |
31 أغسطس 2020 |
صبحي السقا |
برج العرب |
إهمال طبي |
5 |
31 أغسطس 2020 |
عبد الرحمن زوال |
طرة تحقيق |
لم يكن يعاني من أية أمراض، لكنه كان في “التأديب” منذ ثلاثة أيام، وتم نقله إلى مستشفى السجن، وتوفي هناك. |
6 |
17 أغسطس 2020 |
مصطفي الجبروني |
طرة |
تصريح الدفن ذكر أن سبب الوفاة قيد البحث وذكرت إدارة السجن أن الوفاة وقعت بسبب صعق كهربائي من الكاتيل |
7 |
15 أغسطس 2020 |
تامر سعد |
طرة تحقيق |
إهمال طبي |
8 |
12 أغسطس 2020 |
عصام العريان |
العقرب 1 |
إهمال طبي ، صرح السجن انه تعرض لأزمة قلبية على إثر مشادة حدثت بينه وبين أحد المعتقلين وتصريح الدفن ذكر فيه أن سبب الوفاة نتيجة لأزمة قلبية |
9 |
30 يوليو 2020 |
سعيد أبو زيد |
وادي النطرون |
تدهور حالته الصحية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد. |
10 |
23 يوليو 2020 |
مصطفى خليفة |
440 وادى النطرون |
كورونا – إهمال طبي |
11 |
10 يوليو 2020 |
محمود عبادة |
ليمان طرة |
إهمال طبي |
12 |
6 يوليو 2020 |
خالد عبد الرؤوف سليم |
بنها العمومي |
إهمال طبي |
13 |
3 يوليو 2020 |
أسامة الفرماوي |
الزقازيق العمومي |
بعد الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، وكان يعاني من فيروس الكبد الوبائي «C»، في محبسه بسجن الزقازيق العمومي. |
14 |
29 يونيو 2020 |
سعيد غباشي |
جمصة |
نتيجة الإهمال الطبي المتعمد بحقه بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد “كوفيد١٩” ونقله إلى غرفة للعزل بعنبر 1 دون توفير العلاج أو وسائل للتهوية. |
15 |
21 يونيو 2020 |
ياسر أبو العلا |
سجن طنطا العمومي |
كورونا – إهمال طبي |
16 |
19 يونيو 2020 |
أسيوط |
من ذوي الاحتياجات الخاصة وعمل مدرسا، وأحيل إلى المعاش بعد إصابته بمشكلات صحية عدة، فقد احتاج إلى تركيب مفاصل بقدمه، و بترت أصابع في يده اليسرى، ويعاني من ضيق التنفس وحساسية الصدر، ويحتاج رعاية طبية متواصلة يعيقها حبسه – إهمال طبي |
|
17 |
14 يونيو 2020 |
ناصر سعد عبد العال |
طرة تحقيق |
كورونا – إهمال طبي |
18 |
13 يونيو 2020 |
أحمد فتحي |
طرة تحقيق |
كورونا – إهمال طبي |
19 |
9 يونيو 2020 |
ناصر أحمد عبد المقصود |
طرة تحقيق |
كورونا – إهمال طبي |
20 |
2 يونيو 2020 |
رضا مسعود أحمد عبد الله |
شبين الكوم |
إهمال طبي |
21 |
22 مايو 2020 |
السيد معوض |
الزقازيق العمومي |
إهمال طبي |
22 |
20 مايو 2020 |
تامر الشحات عمارة |
استقبال طرة |
إهمال طبي |
23 |
2 مايو 2020 |
شادي حبش |
طرة تحقيق |
تسمم الكحول الميثيلي – إهمال طبي |
24 |
23 مارس 2020 |
توني حسن خليفة |
سجن المنيا العمومي |
إهمال طبي |
25 |
19 مارس 2020 |
حمدي محمد هاشم |
سجن برج العرب |
كان يعني من مرض في القلب – إهمال طبي |
26 |
19 مارس 2020 |
صبحي فتحي عبد الصمد رمضان |
سجن الزقازيق |
كان يعاني من دوالي المريء في الكبد وكان يلزم إجراءه عملية والتي لم تجرى له |
27 |
9 مارس 2020 |
مسعد زكي الدين سليمان |
وادي النطرون |
ويعاني من فيروس سي ، وقد طالبت أسرته بالافراج الصحي عنه ، دون جدوي ، بل ظل يعاني الاهمال الطبي المتعمد بمحبسه بسجن وادي النطرون ، حتى مات |
28 |
3 مارس 2020 |
وفقي محروس عبد الجابر |
الوادي الجديد |
إهمال طبي |